وبلغت صادرات
مصر غير النفطية 32 مليار جنيه في عام 2021، فيما سجلت الواردات المصرية غير البترولية خلال نحو 77 مليار دولار، بعجز قدره 38 مليار دولار.
وقال أحد
التجار لـ"عربي21": إن "جميع المنتجات المحلية ارتفعت بنسب متفاوتة
ما بين 25% و50% على الرغم من أنها غير مستوردة، ولكن السبب يكمن في أن مدخلات
الإنتاج أغلبها مستوردة بالتالي ارتفعت أسعارها مثل اللحوم والألبان
والأجبان".
وأشار إلى أن
"ما يسري على السلع الغذائية يسري بشكل أكبر على السلع الاستهلاكية والمعمرة
مثل الأدوات الكهربائية والسيارات ومواد البناء والتشطيبات بأنواعها المختلفة،
والمواد المساعدة في التصنيع، وغيرها".
تآكل مدخرات المواطنين
وانخفضت
مدخرات المصريين نحو 55% منذ آذار/ مارس الماضي فقط عندما قرر المركزي المصري خفض
الجنيه 15% لتتوالى من بعدها رحلة الهبوط إلى مستويات قياسية غير مسبوقة في تاريخ
العملة المحلية، صاحبها استمرار التضخم في خانة العشرات وسط توقعات بقفزة جديدة
بعد القرارات الأخيرة.
تسارع التضخم
في المدن المصرية في أيلول/ سبتمبر الماضي وسجل 15% على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى
له منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، وقفزت أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بنسبة
50% على الأقل منذ بدء عملية خفض قيمة الجنيه في أعقاب اندلاع الأزمة الروسية
الأوكرانية.
اقرأ أيضا: تصاعد مخيف لديون مصر بعهد السيسي.. ما تداعياته؟ (إنفوغراف)
وسجل الدين
الخارجي البالغ 155 مليار دولار ارتفاعا كبيرا بالعملة المحلية التي خسرت أكثر من
50% من قيمتها ما يعني زيادة أعباء الدين الإجمالي على موازنة الدولة والتي عادة
ما تترجمها الحكومة إلى ضرائب جديدة.
السياحة
والمصريون بالخارج وقناة السويس
وتعول الحكومة
المصرية على انخفاض الجنيه لزيادة عدد السياح، حيث بلغت إيرادات السياحة في عام
2021 نحو 10.7 مليارات دولار وهو أقل بنحو 18% عما حققته في عام 2020 قبل جائحة
كورونا، وتشكل إيرادات السياحة نحو 12% من إجمالي الدخل القومي.
حققت قناة
السويس إيرادات سنوية بلغت 6.3 مليارات دولار وأكبر حمولات صافية سنوية
بلغت 1.27 مليار طن خلال عام 2021.
وسجلت تحويلات
المصريين بالخارج، 31.9 مليار دولار مقابل 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية
2020/2021، وبالتالي يعتبر المغتربون من الفئات المستفيدة من انخفاض قيمة الجنيه
المصري عند تحويل أموالهم للعملة المحلية.
إلا أن أسرة
أحد العاملين بالخارج أوضحت في تصريحات لـ"عربي21" أن "قيمة تحويل
الأموال بالعملة الصعبة زادت ولكن قيمتها الشرائية ظلت ثابتة إن لم يكن تراجعت،
فالمنتج الذي كان سعره 16 جنيها قبل التعويم كان يعادل دولارا واحدا تقريبا، وتجاوز
سعره الآن 25 جنيها وبالتالي لم تحدث أي زيادة تذكر".
تشوه غالبية
القطاعات
في تقديره،
يقول الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، إن الفجوة السعرية بين سعر صرف الجنيه قبل
وبعد التعويم: "سوف تؤدي إلى تشويه معدلات النمو؛ لأننا سنجد أن كل القطاعات
العاملة في السوق المحلي، التي تحقق دخولا دولارية قد سجلت زيادة هائلة في نمو
الإيرادات مقومة بالعملة المحلية، وستحدث تشوهات كبيرة جدا في حسابات الاقتصاد
الكلي، وفي معدلات النمو وأيضا في توزيع الدخل وتقييم قيمة الأصول العينية".
ووصف توابع
التعويم في حديثه لـ"عربي21" بأنه "صدمة نقدية لها تداعيات سعرية
كما أن لها تداعيات اقتصادية عميقة على توزيع الدخل وتخصيص الموارد وغيرها من
الآثار التي يصعب حصرها".
بخصوص
القطاعات المستفيدة من القرار، أوضح نوار أن "انخفاض الجنيه مفيد لكل قطاعات
التصدير؛ لأن القيمة الأقل للجنيه مقابل الدولار تؤدي لزيادة التنافسية السعرية
للصادرات المصرية.. أيضا قيمة الأصول المقومة بالدولار أو المخزون من السلع
المستوردة زادت قيمتها عندما تحسب بالعملة المحلية، على العكس تماما فإن القطاعات
التي تضررت هي قطاعات الواردات بشكل عام".
واستدرك:
"من الأمور التي يجب أن تلفت الانتباه أيضا أن القطاعات التي تبيع خدماتها
بالدولار مثل قناة السويس سيقفز دخلها مقوما بالعملة المحلية، فإذا كانت القناة
تحقق 7 مليارات دولار في السنة، فإن قيمتها بالعملة المحلية حسب السعر السابق، تبلغ 112 مليار جنيه مصري، ولكن عند حساب
دخل القناة بالعملة المحلية بالسعر الجديد، ولنفرض أنه 24 جنيها للدولار، سنجده
يقفز إلى 168 مليار جنيه مصري".
الجميع خاسرون
إلا المضاربون
من جهته،
اعتبر خبير أسواق المال، وائل النحاس، أن "جميع القطاعات خاسرة في مصر من
جراء قرارات المركزي المصري الأخيرة بما فيها الدولة والمواطن، باستثناء المضاربين
في الدولار الأمريكي فهم الرابحون الذين تضاعفت أموالهم"، مشيرا إلى أن
"انخفاض الجنيه يشكل عبئا على جميع المواطنين بسبب ارتفاع التضخم، وعلى
الدولة التي تعاني من عجز كبير في الميزان التجاري".
واعتبر في
تصريحات لـ"عربي21" أن المشكلة الكبيرة التي تواجه الجميع هي التضخم،
ويجب السيطرة عليه، ورفع الدخل الفردي لا متوسط الدخل من أجل تحقيق تنمية حقيقية
ولن يتأتى ذلك إلا بارتفاع القوة الشرائية للعملة ولكن ما يحدث هو العكس، وبالتالي
فإن الدخل سوف يتآكل بسبب التضخم".
ورأى النحاس
أن "بعض القطاعات التي تدر عملة أجنبية مثل قطاع السياحة لن تزدهر كثيرا بسبب
ارتفاع أسعار الخدمات وتكلفتها على الشركات الفندقية وسينعكس ذلك على ارتفاع أسعار
السياحة لأن الكثير من خدماتها التي تقدمها الفنادق سوف تتأثر بشكل مباشر بمعدلات
التضخم المرتفعة".
الجنيه المصري يهبط 4% مع تداولات اليوم الأحد
بعد انهيار الجنيه.. ماذا تبقى من قيمة الدعم النقدي للمصريين؟
ما سبب منع سحب الدولار من البنوك المصرية بحرية؟