سياسة دولية

نكسة جديدة للقوات الروسية بعد الانسحاب من "خيرسون"

آلية روسية تركها الجنود وفروا شرق أوكرانيا- حسابات أوكرانية

تعرضت القوات الروسية لخسارة جديدة في أوكرانيا، بعد إعلانها رسميا الانسحاب من مدينة خيرسون جنوب البلاد، في ظل هجوم عنيف للجيش الأوكراني على المدينة الاستراتيجية.

هذا الانسحاب الذي تقرر بعد إجلاء قوات الاحتلال الروسية حوالي 115 ألفًا من سكان منطقة خيرسون، يعدّ الهزيمة الثانية، بعد الانسحاب الكبير من منطقة خاركيف شمال شرق أوكرانيا، في أيلول/ سبتمبر.

ويأتي أيضًا في الوقت الذي أمر فيه فلاديمير بوتين، في 21 أيلول/ سبتمبر، بتعبئة حوالي 300 ألف جندي احتياط لتعزيز صفوف القوات الروسية، ونشر الآلاف منهم في مناطق القتال.

وخرج وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال اجتماع نقله التلفزيون مع قائد العمليات الروسية في أوكرانيا، الجنرال سيرغي سوروفيكين، بأمر بانسحاب القوات الروسية من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون.

وقال شويغو على التلفزيون: "نفّذوا انسحاب الجنود"، وذلك بعد اقتراح في هذا الاتجاه من جانب سوروفيكين، الذي أقر بأنه ليس قرارا "سهلا".

 


ويشكل هذا الانسحاب انتكاسة جديدة للكرملين، إذ إن خيرسون كانت أولى الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية بعد اجتياحها المدينة في الأيام الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا. وكانت جزءا من مناطق أوكرانيا التي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمها في نهاية أيلول/ سبتمبر.

 

حذر أوكراني

من جهتها، أشارت الرئاسة الأوكرانية، مساء الأربعاء، إلى أنها لا ترى في هذه المرحلة "أي مؤشر" على انسحاب القوات الروسية من خيرسون.

وتوخت أوكرانيا الحذر في ردها على إعلان الانسحاب، وقال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لرويترز، إن بعض القوات الروسية ما زالت في خيرسون، وإنه من السابق لأوانه الحديث عن انسحاب.

وقال بودولياك: "لا معنى للحديث عن انسحاب روسي قبل أن يرفرف العلم الأوكراني فوق خيرسون".

وحاول الكرملين تأجيل هذا الانسحاب لأطول فترة ممكنة، لكن الوضع أصبح أصعب لقوات موسكو في مواجهة الجيش الأوكراني المجهز بأسلحة حديثة قدمها الحلفاء الغربيون.

وتعدّ منطقة خيرسون استراتيجية، إذ إنها تقع على حدود شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّتها موسكو عام 2014.

 

 

وكان الجنرال سوروفيكين قبل اقتراح الانسحاب، برر ذلك برغبته في حماية أرواح الجنود الروس، واتهم القوات الأوكرانية بقصف المدنيين.

وقال: "نفكر قبل كل شيء في الحفاظ على حياة كل جندي روسي"، مؤكدا أن الجيش الروسي "يقاوم بنجاح محاولات الهجوم" التي تشنّها القوات الأوكرانية.

ومنذ إعلان الكرملين في نهاية أيلول/ سبتمبر ضمّ أربع مناطق أوكرانية، بما فيها منطقة خيرسون، باتت موسكو تعتبر هذه الأراضي جزءا من الأراضي الوطنية.

وحذر بوتين من أن روسيا ستدافع "بكل الوسائل" عما تعتبرها أراضيها، ولوح كبار المسؤولين الروس صراحة بإمكانية اللجوء إلى السلاح النووي.

كما أعلن الجنرال سوروفيكين، الأربعاء، أن روسيا قامت في الأسابيع الأخيرة بـ"إجلاء" 115 ألف شخص من الضفة اليمنى إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبرو.

ونددت أوكرانيا بأعمال تهجير السكان، ووصفتها بأنها عمليات "ترحيل".

 

مقتل مسؤول روسي كبير

في مؤشر آخر على الوضع الفوضوي في خيرسون، قتل مسؤول كبير في الاحتلال الروسي كيريل ستريموسوف، الأربعاء، بحسب السلطات المحلية، في حادث سير.

كان ستريموسوف أحد أشد المؤيدين لضم موسكو لمنطقة خيرسون، وتأتي وفاته بعد أن قضى العديد من شخصيات الاحتلال الروسي بشكل عنيف في جميع أنحاء أوكرانيا.

وقبل الإعلان عن هذا الانسحاب، أعلنت قوات الاحتلال الروسية أنها تستعد للدفاع بقوة عن الضفة اليسرى لنهر دنيبرو.

 

بايدن يعلق

 

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الأمر الروسي بإجلاء القوات من الضفة الغربية لنهر دنيبرو بالقرب من مدينة خيرسون الأوكرانية يظهر أن موسكو تواجه "مشاكل حقيقية" في جيشها.


وأضاف بايدن في تصريحات للصحفيين إنه أمر لافت للانتباه أن روسيا انتظرت حتى بعد انتخابات الكونغرس الأمريكي للإعلان عن الانسحاب. وتابع قائلا "هذا دليل على حقيقة أن لديهم بعض المشاكل الحقيقية التي تواجه الجيش الروسي".


وقال إن الانسحاب سيسمح للطرفين بإعادة ضبط وضعه خلال الشتاء، لكن ليس واضحا بعد ما إذا كانت أوكرانيا مستعدة للمساومة مع روسيا.

 

وفي السياق ذاته، قال بايدن إنه يتوقع استمرار المساعدات الأمريكية لأوكرانيا دون انقطاع على الرغم من الشكوك التي عبر عنها الجمهوريون الذين يبدو أنهم على وشك السيطرة على مجلس النواب الأمريكي.


وأضاف بايدن في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض ردا على سؤال عما إذا كانت المساعدة الأمريكية لأوكرانيا ستستمر دون انقطاع "هذا ما أتوقعه".


وتابع قائلا "وبالمناسبة، لم نمنح أوكرانيا شيكا على بياض"، مشيرا إلى أن واشنطن رفضت تقديم بعض المعدات العسكرية أو المساعدة التي طلبها القادة الأوكرانيون، بما في ذلك طائرات أمريكية.

مع دخول الهجوم الروسي قريبا شهره التاسع، يواصل الغرب إعادة تأكيد دعمه لكييف عسكريا ولوجستيا وماليا.

واقترحت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، على الدول الأعضاء الـ27 منح أوكرانيا مساعدة بقيمة 18 مليار يورو لعام 2023 على شكل قروض.