بعد مرور عدة أشهر على فراقه لطفلته البكر، ما
زال
الفلسطيني وليد أبو قايدة يتخيل طفلته الشهيدة أمامه، وهي التي اختطفها صاروخ
إسرائيلي في يوم زفاف عمها، العريس، الذي لم تكتمل في حينه.
خلال الاستعدادات لعائلة "أبو قايدة"
لزفاف ابنها أكرم بسبب العدوان الإسرائيلي، استهدفت طائرات الاحتلال بصاروخ
السيارة المخصصة لزفاف العروسين يوم السادس من آب/ أغسطس 2022، ما أدى إلى إصابة
الطفلة حنين وليد أبو قايدة (10 أعوام) بجراح بالغة، واستشهاد جدتها إنعام أبو قايدة
(62 عاما) على الفور، ويوم الاثنين 8 آب/ أغسطس، أعلن عن استشهاد حنين متأثرة
بإصابتها من قصف الاحتلال على بيت حانون شمال قطاع غزة.
فرح مستهدف وجسد ممزق
وأوضح والد الشهيدة، وليد أبو قايدة، لكاميرا
"عربي21"، أن حنين هي طفلته البكر، وهي من الأوائل في المدرسة، لها
أجواء خاصة في البيت، وهي طفلة هادئة ومحبوبة في الحارة لدى الجيران.
ولفت الأب إلى أنه دخل في موجة اكتئاب شديد، لأن
"ما حدث صعب جدا"، منوها بأنه دائما ما يتخيل الشهيدة طفلته البكر أمامه.
ونبه أبو قايدة بأنه يعتزم ملاحقة قادة
الاحتلال في المحاكم الدولية من أجل محاكمتهم على جرائمهم بحق
أطفال الشعب
الفلسطيني، متسائلا بألم: "لماذا يستهدف الاحتلال الفرح؟".
السيدة عبير محمد أبو قادية، عمة الطفلة
الشهيدة، ذكرت أن أمها الشهيد "أنعام"، أخذت حنين معها على الكوافير
لتجهيزها من أجل المشاركة في زفاف عمها، و"كانت مثل العروس، لكننا صدمنا بخبر
القصف"، متسائلة: "ما ذنب هذه الطفلة البريئة؟ الكل كان يبكي عليها".
وأشارت في حديث لـ"عربي21"، إلى أن
حنين قبيل استشهادها وهي على السرير في المستشفى، كانت تسأل دوما عن حال جدتها
وجدها وعمها العريس وإخوتها.
من جانبه، أوضح شاهد العيان حمد أبو كتيفه،
لـ"عربي21"، أن الفرح كان محدودا؛ بسبب ظروف الحرب، وعندما حضر العريس
بسيارته إلى المكان، سقط صاروخ إسرائيلي فاجأ الجميع، وكانت أم العريس قد أصيبت
بشظايا مزق جسدها، والطفلة حنين في السيارة مصابة وتنزف.
وبمناسبة "اليوم العالمي للطفل"،
الذي صادف الأحد الماضي، الموافق 20 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، وهو اليوم
الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل
الدولية، بدأت "عربي21" في نشر حلقات مصورة عن الأطفال الفلسطينيين
الشهداء الذين ارتقوا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في شهر آب/ أغسطس 2022.
تفاصيل العدوان
وبدأ العدوان الإسرائيلي 2022 على قطاع غزة
المحاصر للعام الـ16 على التوالي قبيل عصر الجمعة الماضي الموافق 5 آب/ أغسطس
الماضي، واستمر بشكل عنيف مدة ثلاثة أيام، وشن جيش الاحتلال غارات صاروخية مكثفة
شديدة الانفجار على مختلف المدن الفلسطينية في القطاع.
واستهدفت طائرات الاحتلال الحربية العديد من
المنازل دون سابق إنذار، إضافة إلى أماكن مدنية ومواقع للمقاومة الفلسطينية، حيث
قامت الأخيرة بالرد على العدوان بقصف العديد من المستوطنات والمدن الإسرائيلية
بصواريخ محلية الصنع.
وارتكب جيش الاحتلال خلال هذا العدوان عدة
مجازر، في جباليا وبيت حانون شمال القطاع، ومدينة البريج وسط القطاع وفي خانيونس
ورفح جنوب القطاع، وطالت المجازر الإسرائيلية العديد من الأطفال داخل بيوتهم،
وأكدت وزارة الصحة بغزة، أن حصيلة العدوان هي ارتقاء 49 شهيدا من بينهم 17 طفلا و4
سيدات و360 إصابة بجراح مختلفة.
وأثناء العدوان الإسرائيلي، اغتال جيش الاحتلال
في غارتين منفصلتين على منزلين سكنيين، القيادي تيسير الجعبري قائد لواء الشمال في
"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"؛ وهي
أول غارة حربية بدأ الاحتلال بها العدوان على غزة يوم الجمعة 5 آب/ أغسطس الماضي،
وفي مساء اليوم التالي اغتال قائد لواء الجنوب في "سرايا القدس" خالد
منصور، في غارة ثانية دمرت عدة منازل في رفح جنوب القطاع.
وتسبب العدوان الإسرائيلي في أضرار كبيرة طالت
العديد من المؤسسات الإعلامية والأهلية وتدمير 9 عمارات سكنية، إضافة إلى نحو 1500
وحدة سكنية، منها 16 دمرت كليا و71 وحدة باتت غير صالحة للسكن و1400 وحدة تضررت
جزئيا ما بين ضرر بليغ ومتوسط.. ودمرت العشرات من الدونمات الزراعية.
يذكر أن طواقم الدفاع المدني في غزة واجهت
صعوبات كبيرة في إنقاذ المدنيين وانتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، نظرا
لتعمد جيش الاحتلال استهداف بعض الأماكن المكتظة بالسكان، إضافة إلى ضعف الإمكانات
اللوجستية المتوفرة لدى جهاز الدفاع المدني في القطاع، الذي نفذ أكثر من 124 مهمة
خلال استمرار العدوان الإسرائيلي.