نشر
موقع "ذي أثلتيك" الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن اللاعب النرويجي ومهاجم
فريق مانشستر سيتي الإنجليزي، إيرلينغ هالاند، الذي سجّل رقمًا قياسيًّا بتسجيل
أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز خلال 14 مباراة فقط، أي أقل
بسبع مباريات من صاحب الرقم القياسي السابق كيفن فيليبس الذي سجل نفس عدد الأهداف
مع سندرلاند في موسم 1999-2000 خلال 21 مباراة.
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن أسلوب لعب هالاند يشبه
البومة؛ لأنه يبحث باستمرار حوله، وهو جاهز دائمًا للانقضاض على الكرة، وقدرته
العالية على التركيز تفسّر سبب كون هالاند مفيدًا جدًا لمانشستر سيتي هذا الموسم.
كما جعلته سرعته ولياقته البدنية محط إعجاب الكثيرين، ومن بينهم بيب غوارديولا
مدرب مانشستر سيتي، الذي قاله عنه في تشرين الأول/ أكتوبر إنه لاعب سريع، ولا يمكن
إيقافه لأكثر من 30 أو 40 مترًا داخل الملعب، فضلا عن كونه مهاجمًا حريصًا على
البقاء دائمًا قريبًا من الكرة.
ومن
بين الأسباب التي تجعل اللاعب، البالغ من العمر 22 عامًا، قادرا على رؤية ما يحدث
على أرض الملعب والتصرف بناء عليه، قيامه بمسح مستمر للملعب والنظر حوله في أثناء
المباراة، وهو ما يمكنه من اتخاذ قرارات صائبة لكونه أكثر وعيا بما يدور حوله.
حسب
الموقع، تشير الإحصاءات إلى أن هالاند صانع قرار مستنير، وقد حقق أكبر عدد من
الأهداف (21) في الدوريات الخمس الأولى في أوروبا لهذا الموسم، أكثرها من غير ضربات
الجزاء (18)، ليكون ضمن فئة أفضل خمسة بالمئة من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز
في معدل تحويل الكرة (31 بالمئة)، وضمن أعلى 12 بالمئة في دقة التسديد (52.5
بالمئة).
تظهر
خريطة التصوير الخاصة به مجموعات من الدوائر الحمراء المركزة في منطقة المرمى
(منطقة الست ياردات) التي تتناقص كلما اقترب من نقطة الجزاء. ومع أن عدد التسديدات
التي حصل عليها جاءت من نصف المساحة اليسرى، فقد سجّل هالاند كل هدف من داخل منطقة
المرمى.
بيّن
الموقع أن عدد الدوائر الكبيرة يشير إلى أن هالاند غالبا ما يكون في مواقع تسديد
عالية الجودة. وغالبا ما تكون تسديداته في الفضاء قريبة من المرمى، ويلعبها بقدميه
أكثر مما ينفذها برأسه من فوق اللاعبين المنافسين. وتكرار مثل هذه الحركات يتطلب
القدرة على رؤية كل ما يحدث على أرض الملعب من حوله ورد الفعل بسرعة. لفهم كيف
يفعل ذلك، يجب تحليل مسحه لداخل منطقة المرمى وخارجها بشكل منفصل.
"المسح" من داخل منطقة المرمى
ذكر
الموقع أن أهداف هالاند الثمانية التي حققها في الدوري الإنجليزي الممتاز كانت
نتاج 12 تسديدة داخل منطقة المرمى، وهي أكثر مما حققه أي لاعب في نفس المكان. كما
يسجل فيها من موقع غير مميز بوتيرة أكبر مقارنة ببقية المهاجمين، حيث يجد المساحة
ويكون قادرا على فعل ذلك؛ لأنه يرى المساحة التي يستطيع التسجيل منها.
واستعرض
الموقع هدفه الأخير أمام إيفرتون باعتباره دراسة حالة مثالية، حيث كان كيفين دي
بروين يقطع خط الوسط بتمريرة إلى جاك جريليش، ما جعل هالاند يهرب من بن جودفري ثم
يركض داخل مركز الظهير بحثًا عن كرة عرضية. وردًّا على تهديد هالاند، اقترب الظهير
الأيسر فيتالي ميكولينكو منه، ما جعل مساحة الدفاع ضيقة وترك رياض محرز في مساحة
كبيرة لاستلام الكرة من جريليش (السهم الأزرق). وبينما يواجه محرز ميكولينكو، بقي
المدافعون الخمسة (الدوائر الوردية) بين هالاند والكرة في حالة ترقب، لكن هالاند
لم يكن يكتفي بالمراقبة، وإنما كان يفحص ما يدور على يمينه.
تجاوز
محرز ميكولينكو، بينما كان أربعة مدافعين بالإضافة إلى الحارس جوردان بيكفورد في
منطقة الجزاء، وتراجع كونور كودي إلى خط المرمى، وابتعد هالاند عن المرمى لينهي
المباراة بلمسة واحدة من تمريرة محرز.
وأضاف
الموقع مثالًا آخر على قيامه بمسح للملعب، وهو هدفه الأول في مباراته على أرض فريقه
أمام كريستال بالاس في آب/ أغسطس. مع ذهاب الكرة يمينًا، نفّذ هالاند حركة مزدوجة
مميزة؛ حيث ركض في البداية في مركز قلب الدفاع لإجبار الدفاع على التراجع نحو
المرمى، وإحداث خلل في توازنهم، قبل أن يقوم بالركض جانبيًا، وكان الركض بجانبه
لمنعه من استلام الكرة غير مثمر؛ لأن دي بروين يقوم بتسليم الكرة بسرعة.
لكن
عندما ذهبت الكرة إلى فيل فودين في الزاوية البعيدة، نظر جميع مدافعي كريستال
بالاس إلى الكرة، ومرة أخرى لم يفعل هالاند مثلهم، بل فحص يساره ليرى موقع جيفري
شلوب.
ونظرًا
لأنه يرى أن يواكيم أندرسن يتقدم نحو إلكاي جوندوجان، يعرف هالاند أن لديه فرصة
واضحة عند التمريرة العرضية لأن شلوب في الجانب الخطأ، في حين أن أندرسن لا يستطيع
حتى رؤيته، وبهذا فتح هالاند لنفسه مساحة دون حتى أن يتحرك.
في
المثال السابق، ينظر هالاند بعيدًا عن الكرة في أثناء ابتعادها عنه، لكنه يركز عليها
بالكامل عندما يمررها فودين، ثم يستجيب بسرعة لما رآه للتو.
المسح
خارج منطقة المرمى
أشار
الموقع إلى هدف هالاند الثاني ضد مانشستر يونايتد في مباراة تشرين الأول/ أكتوبر.
وتمثل
اللقطات الأربع التي بالأسفل تسلسلا مدته ثانيتان، حيث يستلم دي بروين الكرة ويقوم
بتمريرها، فيما يضع هالاند نفسه في البداية مكان رافائيل فاران، علما بأنه نظر إلى
الكرة أربع مرات منفصلة قبل التحقق من مركز قلب الدفاع.
ثم
تحرك خلف اللاعب الفرنسي ومنع فاران من رؤيته هو والكرة في نفس الوقت، لكن الأهم
أنه يحدد باستمرار مكان الكرة بالضبط وكيف يتمركز اللاعبون حوله. ويستمر هذا حتى
يبدأ دي بروين في التمرير، ما يعني أن هالاند لديه أحدث صورة ذهنية لمواقع
اللاعبين، ويمكنه بعد ذلك تتبع مسار الكرة.
وذكر
الموقع أنه حسب تحليل جير جورديت، الأستاذ في علوم الرياضة، فإن قدرة هالاند على
مسح الملعب أعلى بكثير من المتوسط بالنسبة لمهاجم؛ إذ إن معدلاته في النظر في كل
ثانية أقرب إلى لاعب خط وسط مركزي. وكان هدف المباراة الافتتاحية للسيتي على ملعب
أستون فيلا في أيلول/ سبتمبر مختلفًا بعض الشيء. تمركز هالاند في مركز الظهير
الرباعي، وبينما كان برناردو سيلفا يخطو إلى الداخل للاندماج مع دي بروين، تحقق
هالاند ليرى المساحة في القائم الخلفي.
حسب
الموقع، كان التوقيت عاملًا حاسمًا؛ لأن هالاند كان يعرف مكان المساحة الفارغة، ورأى
كيف أن آشلي يونغ محاصر من قبل فودين، حتى قبل أن يحصل دي بروين على الكرة. وعندما
أصبح دي بروين في وضعية التمرير، ركض هالاند نحو القائم الخلفي، حيث سجل بلمسة
واحدة.
وأضاف
الموقع أن الهدف الرابع للسيتي ضد كريستال بالاس كان بالأساس من صنع جوندوجان، لكن
قدرة هالاند على تحمل الضغط من قلبي الدفاع ترجع لكونه يضبط توقيت المسح بشكل مثالي، وينظر فوق كتفه الأيسر ليرى وضعية وارد
ويستعد للتلاحم معه.
وبمعرفته
ما هو آتٍ نحوه، قام هالاند بحجب الكرة عن وارد مستخدما السرعة، ليبتعد عن المدافع،
وبثلاث لمسات فقط سجل الهدف.
ونوه
الموقع بأن هالاند لم يسجل سوى هدف واحد من خارج منطقة الجزاء هذا الموسم ضد
ولفرهامبتون، وقد سجله أيضًا وهو ينظر حوله قبل أن تُلعب الكرة، ثم استغل المساحة
قبل أن يكتشفها لاعبون آخرون. رصد هالاند المسافة بين لاعبي قلب دفاع ولفرهامبتون
قبل أن يسيطر برناردو حتى على الكرة، طالبًا منه تمريرة أمامية مبكرة، ثم سيطر على
مركز متقدم على المدافعين ليسدد من خارج منطقة الجزاء ويسجل.
وفي
الختام، ذكر الموقع أن محمد صلاح لاعب ليفربول يحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من
الأهداف برصيد 32 هدفًا في موسم من 38 مباراة، ومن المرجح أن هالاند يسعى لافتكاك
هذا اللقب منه بتسجيل 34 هدفًا هذا الموسم. ومن المعروف عن هالاند أنه عندما يضع
نصب عينيه شيئا فمن النادر أن يفوّته.