احتشد آلاف المتظاهرين، السبت، في العاصمة الفرنسية باريس احتجاجا على ارتفاع الأسعار ونظام التقاعد الذي عرضه الرئيس إيمانويل
ماكرون.
ونزل متظاهرو السترات الصّفر مجددا إلى شوارع العاصمة للاحتجاج على ارتفاع التضخم وخطة إصلاح نظام التقاعد.
والثلاثاء، أعلنت الحكومة الفرنسية أنها قد تعتمد مرونة بشأن خطتها لرفع سن التقاعد إلى 65 عاما، في إطار مشروع إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل.
وقال جمال باوبان، أحد أعضاء حركة السترات الصفر، إنه رغم المشاركة الضعيفة، فقد حققت الحركة هدفها في التأكيد على أن أصواتها لم تختف وأنه ينبغي على حكومة ماكرون السماع لمطالبها وأخذها على محمل الجد.
وأضاف باوبان: "خرجنا اليوم من أجل جميع الفرنسيين الذين يموتون من الجوع بسبب ارتفاع الأسعار التي لم يعد بوسعهم تحملها"، لافتا إلى أن الحركة ستنظم المزيد من المظاهرات.
من جانب آخر، أصبح إضراب الأطباء قضية أخرى بالنسبة لفرنسا، بعد توقف الأطباء عن العمل للمرة الثانية من 2 إلى 8 كانون الثاني/ يناير الجاري.
واحتشد الأطباء، الخميس، في باريس، للمطالبة بتحسين ظروف العمل، فيما سار آلاف المتظاهرين إلى مبنى وزارة الصحة ووقفوا دقيقة صمت حدادا على الأطباء الشبان الذين انتحروا.
وتعاني
فرنسا هذا الشتاء من "وباء ثلاثي" متمثل بأمراض كورونا والإنفلونزا والتهاب القصيبات، حيث زادت أعداد المرضى في أقسام الطوارئ ما تسبب في فترات انتظار طويلة.
وفي 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بدأ الأطباء العامون، الذين يعتبرون الركيزة الثانية لنظام الرعاية الصحية الفرنسي، إضرابا في البلاد مطالبين بتحسين ظروف العمل والسماح بزيادة الرسوم المفروضة على المرضى.
أزمة سياسية
تنتظر فرنسا في الشهر الجاري، أزمة سياسية، بحسب وكالة "فرانس برس".
وأوضحت أن الرئيس إيمانويل ماكرون توجه بخطاب لمعايدة الشعب الفرنسي بمناسبة حلول العام الجديد، وسط سلسلة من الأزمات التي تنبئ بمرحلة جديدة قد تعصف بها اضطرابات سياسية واجتماعية.
في خطاب ألقاه من قصر الإليزيه لمعايدة الشعب الفرنسي بمناسبة حلول العام الجديد، قال رئيس الدولة الفرنسية إيمانويل ماكرون، إنه يدرك شواغل الكثير من مواطنيه في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والحرب في أوكرانيا وانتشار موجة جديدة من كوفيد-19.
ويبدو أن المقترحات المقدّمة لتخفيف التغييرات مثل رفع سنّ التقاعد إلى 64 بدلا من 65 كما كان مقرّرا في البداية، لم يكن لها أي تأثير، لا على المواطنين ولا على النقابات التي رصت الصفوف وأعدت العدة للاعتراض على هذا المشروع.
وقال لوران بيرجيه كبير المسؤولين في الاتحاد العمالي الديمقراطي الفرنسي CFDT الثلاثاء إثر خروجه من لقاء مع بورن: "أقولها هنا وسبق أن قلتها لرئيسة الوزراء، إذا كانت السنّ القانونية للتقاعد سترفع إلى 64 أو 65 عاما... فسنرصّ الصفوف للاعتراض على هذا الإصلاح".
هذا، وتعترض كلّ الأحزاب اليسارية بالإضافة إلى حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرّف على خطط الحكومة وقد تعهّدت بالالتحاق بالتظاهرات.
"إشعال الوضع"
و من جانبه، حذر جان-لوك ميلانشون مؤسس حزب "فرنسا الأبية" (اليسار الراديكالي) السبت الماضي في تغريدة من أن "الوضع سيصبح ساخنا في كانون الثاني/ يناير".
أما ستيفان ترافير وهو نائب من الحزب الرئاسي فأقر في تصريحات لصحيفة "لو باريزيان" أنه "لا يخفى على أحد أن الوضع سيصبح مائجا".
وقال السياسي الوسطي فرنسوا بايرو الذي يعد من أقرب حلفاء الرئيس، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي: "لم نبذل معا المجهود التوعوي اللازم".
لكن بات ينبغي على الرئيس الفرنسي أن يوضح أجندته، في خطوة قد تمس بسمعته وبقدرته
على الترويج لإصلاحات أخرى.
ويرتقب أن يتم الكشف عن الخطوط العريضة للنص الخاص لنظام التقاعد الثلاثاء، على أن يقدَّم مشروع قانون للبرلمان في شباط/ فبراير المقبل.
ويخشى البعض فورة شعبية جديدة من الغضب، مثل تلك التي انطلقت عفويا في الشوارع سنة 2018 لما عُرف بـ "السترات الصّفر". إذ قال فريديريك دابي مدير معهد الاستطلاعات "إيفبوب" هذا الأسبوع عبر أثير "أوروب 1" إن "البوادر موجودة وتكفي شرارة لإشعال الوضع".