كان مستوردو النفط الغربيون يبحثون عن طرق عديدة
لخفض
أسعار النفط الخام في 2022، فتم طرح فكرة إنشاء تكتل لمشتري النفط الخام عدة مرات،
لكن يبدو الأمر مستحيلًا بدون مشاركة الهند والصين.
وقال مقال نشره موقع "
أويل برايس"، وترجمته
"عربي21"، إنه مع بقاء الطلب على النفط حيث هو، كان سوق النفط العالمي فعليا
سوقا للبائعين، مما يعني أن المنتجين لهم دور أكبر في تحديد اتجاه الأسعار أكثر من
المشترين الذين وجدوا أنفسهم في موقف محفوف بالمخاطر بسبب القيود المفروضة على الطاقة
الفائضة لكبار المنتجين.
ومع ذلك، بحسب الموقع، يقول البعض إن إنشاء تكتل
للمشترين يمكن أن ينجح وقد نجح في السنة الماضية، مما يخفف من وقع الضربة التي كان
يمكن أن يُلحقها ارتفاع أسعار النفط بالعديد من البلدان المستهلِكة الكبيرة.
ونقل الموقع ما كتبه الكاتب آفي سالزمان في مقال
له في موقع "بارون"، من أن تحرير إدارة بايدن لـ 180 مليون برميل من احتياطي
البترول الإستراتيجي للولايات المتحدة كان مجرد خطوة ناجحة، لا سيما أنه أتى مع إطلاق
احتياطي نفطي إستراتيجي من بلدان أخرى معظمها في
أوروبا.
ووفق الموقع؛ لم تؤد الدعوات التي لا حصر لها من
قطاع النفط الأمريكية لتعزيز الإنتاج - والتي تحولت في النهاية إلى تهديدات - إلى أي
مكاسب فعلية كبيرة في الإنتاج، لذلك يبقى السؤال حول ما إذا كانت حركة تحرير النفط
تعتبر نجاحًا بلا إجابة.
ويبين الموقع أن فكرة إخبار المشترين للبائعين بالسعر
الذي يجب تحديده لسلعتهم قد تضاءلت واستُبدلت بفكرة أكثر عصرية؛ قطع واردات النفط الروسي
لمعاقبة بوتين على غزو أوكرانيا وتقليل عائداته النفطية، وأحرزت هذه الفكرة تقدما في
مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي. ومن ناحية أخرى؛ كان الحد الأقصى لأسعار مجموعة السبع
يهدف إلى إبقاء النفط الروسي يتدفق إلى الأسواق العالمية مع تقليل الأموال التي يمكن
أن تتلقاها روسيا مقابل ذلك.
ويرى الموقع أن هذا قد يبدو اعترافا كافيا بأن العالم
- وخاصة الغرب - لا يمكنه بالفعل التخلي عن النفط الروسي في غضون بضعة أشهر، وقد يشير
أيضا إلى أنه لا يمكن للمشترين أن يتفوقوا على البائعين عندما يكون البائعون مستعدين
لتغيير الإنتاج بطريقة تسمح لهم بالاحتفاظ بالسيطرة على الأسعار. ونظرا لأن الاتحاد
الأوروبي قد توقف الآن عن شراء النفط الخام الروسي بحرا، فسيتعين عليه استبداله بنفط
شرق أوسطي من دول تكون روسيا شريكة معها في منظمة "
أوبك+".
وأفاد الموقع أن الشيء الآخر الذي فعله مستوردو النفط
الكبار في أوروبا للتخفيف من وطأة ارتفاع أسعار النفط هو دعم الوقود؛ حيث دعمت الحكومات
الوطنية سائقي مركبات البنزين والديزل، كما قامت بفرض ضريبة على المكاسب غير المتوقعة
على شركات النفط والغاز للحصول على المال من أجل الدعم.
وبحسب سالزمان؛ فقد أظهر هذا التدخل من جانب الدول
المستهلكة للنفط أن هناك بديلا للتوسل إلى أوبك لزيادة الإمدادات. في الواقع؛ كان هذا
البديل موجودا دائما، وكذلك البديل المتمثل في زيادة الإمدادات الخاصة بالدول خارج
أوبك، وهو ما فعلته الولايات المتحدة بعد حظر النفط العربي في السبعينيات وتداعياته.
وذكر الموقع أن خياري "التوسل إلى أوبك"
و"التوسل إلى المنتجين المحليين" لم يسفرا عن أي تقدم وقد يكون هناك سببان
محتملان لعدم نجاحهما؛
الصين والهند؛ فهما أكبر مستوردي النفط الخام حتى الآن في العالم،
وأكبر عميليْن لكل دول "أوبك+"، وكان يمكن أن يكون لهما دور فعال في أي مبادرة
لإنشاء تكتل للمشترين، لكنهما رفضتا المشاركة.
والسؤال - وفق الموقع - لماذا تفعلان ذلك بينما كانتا
تحصلان على كل النفط الخام الروسي المخفض الذي يمكنهما الحصول عليه؟
ولفت الموقع إلى أنه في الوقت نفسه؛ تخفض السعودية
سعر البيع الرسمي للخام للمشترين الآسيويين ومن المتوقع أن تخفضه مرة أخرى للحفاظ على
حصتها السوقية في السوق الآسيوية الواسعة، حيث لا تزال توقعات الطلب ضبابية بسبب تطورات
فيروس كورونا في الصين.
وذكر الموقع أنه عندما كسبت وزارة الخارجية الأمريكية
التأييد للحصول على دعم لفكرة الحد الأقصى للسعر، ذهبت إلى آسيا؛ حيث غطت وسائل الإعلام
زياراتها إلى اليابان وكوريا الجنوبية والتزاماتهما بحد أقصى للسعر، لكن الأهداف الفعلية
للزيارة كانت الصين والهند. وهي الأهداف التي فشلت الخارجية الأمريكية في تحقيقها كما
فشلت في تحقيق فكرة اتحاد مشتري النفط.
ويختم الموقع التقرير بالقول إن مشتري النفط في الولايات
المتحدة وأوروبا يحتاجون إلى نفط أوبك أكثر مما تحتاج أوبك لبيعه لهؤلاء المشترين تحديدًا؛
ففي الولايات المتحدة، هناك حاجة إلى نفط أوبك ليس بقدر ما هو استيراد حرفي ولكن أيضا
كسلعة يتم إنتاجها من أجل وضع حد أقصى للأسعار، وفي مثل هذه الحالة؛ فإن ميزان القوى
غير متساو بين المشترين والبائعين.