نشرت
صحيفة "
نيويورك تايمز" مقالا للصحفية باميلا بول، قالت فيه إنه سواء كان بسبب
حب الإنجليز، أو الحنين إلى الماضي أو الماسوشية أو التقليد أو مجرد نوع معين من الولاء
للأثرياء والمشاهير، فإن إخلاص أمريكا الخيالي للنظام الملكي البريطاني لا يزال قويا.
وإلا
فكيف يمكن تفسير إعجاب أمريكا الخاص بعائلة ساسيكس شبه الملكية؟
لم يكن
هاري وميغان لطيفين بشكل خاص مع النظام الملكي منذ مغادرتهم لفروغمور، "البيت
الريفي" الملكي الذي تم تجديده، في عام 2020. كما أنهما لم يفيا بشكل كامل باحتمالية
التسلل الأمريكي إلى التاج.
لكن
أحدث حملة إعلامية متعددة المنصات بملايين الدولارات - والتي بدأت ببودكاست سبوتيفاي
لميغان، توسعت إلى فيلم وثائقي من ستة أجزاء على نتفليكس عن حبهما لبعضهما ولنفسهما،
ووصلت الحملة ذروتها هذا الأسبوع بمقابلة "60 دقيقة" مع هاري التي بثت ليلة
الأحد ثم نشر مذكراته. "سبير" يقدم عدة أسباب محتملة لتجنّب الدوق والدوقة
الغضب الذي أثاروه في الخارج.
اختاروا
أمريكا
على
ما يبدو، فإن من الأفضل أن تكون من المشاهير في الولايات المتحدة على أن تكون الخامس في
ترتيب ولاية العرش في المملكة المتحدة. على الرغم من أن هاري وميغان لا يملكان الآن
راتبا ملكيا، إلا أن لديهما ميراثا كبيرا في بلد يزداد فيه الأثرياء ثراء وحيث يتم
التعامل مع العائلة المالكة، التي لا تشكل عبئا ضريبيا، بقدر أقل من الشك.
بعد
أن رحلوا في البداية إلى جزيرة فانكوفر في محاولة للحصول على الخصوصية، سرعان ما فروا
إلى لوس أنجلوس في محاولة للحصول على - ما هو عكس الخصوصية؟ كما يقول هاري في الفيلم
الوثائقي، لقد "تجاوز" بيئته و"كان هذا المكان هو الأكثر منطقية للانتقال
إليه".
إن حقيقة
تخلي عائلة ساسكس عن دولة يصفونها بأنها معادية للمهاجرين، ويسيطر عليها العنصريون
ومثقلة بإرث الاستعمار، تجعل الأمريكيين يشعرون بشكل أفضل تجاه بلادهم، والتي قد توصف
أيضا بأنها معادية للمهاجرين، ويسيطر عليها العنصريون، ومثقلة بإرث الاستعمار. لكن
هاري وميغان ينظران إلى أمريكا كملاذ.
تقول
ميغان عن تراثها المختلط الأعراق في الفيلم الوثائقي: "لقد جعلوا الأمر مشكلة
عندما ذهبت إلى المملكة المتحدة. قبل ذلك، لم يعاملني معظم الناس كامرأة سوداء".
ربما يقدر الأمريكيون فكرة أن القومية وكراهية الأجانب موجودة بطريقة ما "هناك"
وليست هنا. من المريح أن نكون غير متهمين (بالعنصرية) على غير العادة.
إن السبب
(لتلك الجاذبية) هو أنهم يناضلون من أجل التغيير. يمكن أن تطلق عليهم شهداء أو أطلق
عليهم اسم ثوار أو أطلق عليهم اسم مناهضين للمؤسسة، أو ببساطة صانعي التغيير. الآن
مستنيرين تماما بخصوص أمراض النظام القديم، يتخذ هاري وميغان موقفا ضد الاستعمار والعنصرية
والقمع من جميع الأطياف، ويتنقلون حول العالم، أحيانا في طائرة خاصة لأحد الأصدقاء،
في حملتهم ضد الظلم. و يعلن موقع الويب لمنظمتهم، آرتشيويل الذي يحمل شعار
("نقود الطريق بعطف"): "يمكن لكل واحد منا تغيير مجتمعه. يمكننا جميعا
تغيير العالم".
في الواقع،
رأى الكثير من الناس في
بريطانيا وعبر الكومنولث وفي أمريكا أن اتحاد الزوجين بين الأعراق
علامة على التغيير الإيجابي، ولكن ربما لا أحد أكثر من الزوجين نفسهما.
في مقابلة
تمهيدية للترويج للبودكاست العام الماضي، تذكرت ميغان رجلا من جنوب أفريقيا شبه فرحة
زفافها الملكي بالاحتفالات عندما أطلق سراح نيلسون مانديلا من السجن. لكن وفقا لرواية
عائلة ساسيكس، فقد أصبحوا يتمتعون بشعبية كبيرة، مما يهدد النظام الملكي. كما قال هاري، إنهم كانوا "يسرقون الأضواء" أو "يؤدون المهمة بشكل أفضل من شخص ولد للقيام
بذلك".
يخطو
المسلسل خطوة أخرى إلى الأمام في حماسته المناهضة للمؤسسة، ويربط المتاعب الشخصية للزوجين
بالتعامل مع الاستعمار البريطاني، وإساءة معاملة الأميرة ديانا وحركة "حياة السود
مهمة".
يشير
أحد مقدمي البرامج المتعاطفين في الفيلم الوثائقي إلى الزوجين على أنهما "رمز
للعدالة الاجتماعية" ويقول إن الكراهية الموجهة إليهم كانت "وسيلة للإشارة
إلى بقيتنا للتنازل". وفقا لهذه الرواية من الأحداث، فقد قام القصر بمقاومة الزوجين
لأنه، كما يشرح هاري، "إذا تحدثت عن الحقيقة للسلطة، فهذه هي الطريقة التي يستجيبون
بها".
إنه
(سبب الجاذبية) لأنهم يتحدثون لغتنا. لا يتعلق الأمر باللهجة بل بالأسلوب. يقدر هاري
وميغان المشاركة على التحمل بصمت. بدلا من البقاء صامتين، يصران على التحدث علانية
- والتحدث بالحقيقة كما يرونها، بدلا من العمل الأكثر دقة المتمثل في قول الحقيقة.
عندما
يتحدثون، يكون ذلك في اللغة المشذبة وبتأمل للعناية الذاتية وتحقيق المصلحة التجارية
المدفوعة بقضيتهما. كلمات مثل "واعية" و"موافقة" و"هدف"
تنطلق من لسانيهما في حديث هادئ. لقد أنشأا "ملاذا آمنا" لنفسهما. هذا هو
"مسار جديد كنا نحاول تشكيله". يدور عملهم حول "التنشيط الإبداعي"
و "بناء المجتمع".
كل شيء
يتم القيام به بهدف. توضح ميغان في الفيلم الوثائقي: "لقد كنا مدركين حقا لحماية
أطفالنا بأفضل ما نستطيع وفهم الدور الذي يلعبونه في هذه العائلة العريقة حقا".
لأن القصر لن يحميهم، فيجب عليهم حماية أنفسهم. مرة كانوا ضحايا. الآن هم ناجون. كما
قال هاري الذي يعاني من ندوب وسائل الإعلام لأندرسون كوبر في برنامج "60 دقيقة"
يوم الأحد، "سأجلس هنا وأقول لك الحقيقة بالكلمات التي تخرج من فمي، بدلا من استخدام
شخص آخر، مصدر غير مسمى، لبث أكاذيب أو رواية لوسائل الإعلام الشعبية التي تجعل قراءها
متطرفين حرفيا لإحداث ضرر لعائلتي وزوجتي وأولادي".
أو (أن
سبب تلك الجاذبية) لأنهم مشاهير على الطراز الأمريكي. لقد تفوق هاري وميغان على الأميرة
ديانا في التعامل مع الصحافة من خلال السيطرة الكاملة. هما أول أفراد العائلة المالكة
في تلفزيون الواقع لدينا. وفي أمريكا، في حين أنه من الخطأ أن ينتهك شخص آخر خصوصيتك،
فمن المناسب تماما – بل من المرحب به – أن تقوم باستغلال خصوصيتك أنت.
يمكن
الوصول إلى عائلة ساسيكس. وهما ممتعان! ميغان مجرد "أم عاملة". هاري هو أب
ألفي مرح. هؤلاء المشاهير - هم مثلنا تماما! - يمكنهم إخبارنا كل شيء عن أنفسهم من
خلال إمبراطورية وسائل الإعلام الخاصة بهما.
يمكنك
أن تجدهم على "انستاغرام"، حيث وجدا بعضهما البعض في البداية وحيث اختارا
إعلان استقلالهما (كما يقولون، "التراجع بدلا من التنحي"). إنهما يلتقطان صورا
ذاتية، ويصوران نفسهما باستمرار، ولدى واحد منهما على الأقل رؤية ثابتة بخصوص اللقطات
الرأسية بدلا من العرضية في اللقطات المصورة على آيفون. الفيلم الوثائقي يقضي حلقة
كاملة يقدم سردا كاملا لفترة التعارف بينهما. إنهما يعطياننا الكثير من المعلومات الخاصة،
ويشبعاننا بالتفاصيل، لدرجة أنهما يحرماننا أساسا من الرغبة أو الحاجة للحصول على أي
تفاصيل إضافية من أي مكان آخر.
مثل
العديد من مستخدمي "تيك توك" أو "سابستاك"، يستمتع هاري وميغان
بتولي مسؤولية السرد. لقد صنعا فيلمهما الوثائقي، كما يقولون، لأنه، على حد تعبيرهما،
لم يتم "سؤالهما" أبدا عن قصتهما ولم "يُسمح لهما" بروايتها. هذا
إذا كنت لا تحسب التغطية الرائعة من أوبرا أو بيبول أو ذا كات. (في الآونة الأخيرة
فقط بالغ البعض في وسائل الإعلام الأمريكية بمدحهما صراحة).
ولكن
حتى الأماكن الأكثر ودية لم تحقق رغبات الزوجين في وضع تصورهما على فيلم The
Little Mermaid.
في عيون
هاري: ميغان "ضحت بكل ما عرفته، الحرية التي كانت لديها للانضمام إلي في عالمي.
وبعد ذلك، بعد ذلك بوقت قصير، انتهى بي المطاف بالتضحية بكل ما أعرفه للانضمام إليها
في عالمها". الأمير هاري ضحى بلا شك بأسرته وبحقه الوراثي. كان معظم الناس، سواء
كانوا معجبين بالملكية أم لا، يرغبون في رؤية كل هذا يجري بشكل مختلف.
على
الرغم من الخدوش والثغرات الموجودة في قصتهما المصقولة والمربحة للغاية، فقد قدمت عائلة
ساسيكس نظرة أمريكية خاصة لما تسميه ميغان الأمريكية "قصة خيالية حديثة".
أمريكا تحب الميلودراما، قصة ضد كل الصعاب. أمريكا تحب القصص التي تنتهي وعاشوا بسعادة
دائمة وأي ثرثرة تستمر في العطاء. كما هو واضح الآن، يبذل هاري وميغان قصارى جهدهما
لمنح أمريكا كل ذلك.