قال الناطق
الرسمي باسم حزب التحالف الوطني
السوداني، المتحدث باسم
قوى الحرية والتغيير
"المجلس المركزي"، شهاب إبراهيم الطيب، إن "القضايا الخمس العالقة
المُضمنة في الاتفاق السياسي النهائي سيتم حسمها وحلها في غضون ثلاثة أسابيع، فنحن
نتوقع الانتهاء من مناقشة كل التفاصيل المتبقية بشأنها خلال الأيام المقبلة".
والقضايا
الخمس المُضمنة في الاتفاق السياسي النهائي، هي؛ العدالة والعدالة الانتقالية،
والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة وتقييم اتفاق السلام، وتفكيك أركان نظام عمر
البشير، وقضية شرقي السودان.
وقال الطيب،
في مقابلة خاصة مع "عربي21": "نحن نواصل العمل الجاد والتحركات
المختلفة للتوافق على جميع قضايا الاتفاق النهائي، رغم أن هناك عقبات مستمرة تواجه
العملية السياسية؛ فكلما تقدمنا للأمام نجد عراقيل ما، لكننا سنظل نتجاوزها واحدة
تلو الأخرى، لأن أوضاع البلاد الأمنية والاقتصادية المتدهورة لا تدع لنا أي خيار
آخر سوى المضي قدما طريق العملية السياسية".
واستطرد
قائلا: "العملية السياسية في السودان لم تصل لنهايتها حتى الآن، ونعمل على
استكمال القضايا المرتبطة بالاتفاق النهائي، ونتواصل مع بعض المختلفين حول شروطها
في المرحلة النهائية وبناء الوثيقة الدستورية بشكلها الأخير والنهائي".
حكومة كفاءات
وطنية
وفي الوقت
الذي أشار فيه إلى أنهم لم يناقشوا حتى الآن تشكيل الحكومة الانتقالية، أوضح أن
"تلك الحكومة المرتقبة ستكون حكومة كفاءات وطنية، ولن يتم اختيارها عبر أي
شكل من المحاصصات الحزبية، وهذا الأمر تم حسم النقاش بخصوصه".
وشدّد الطيب
على "ضرورة الاتفاق على صياغة برنامج سياسي يدعم البرنامج التنفيذي لحكومة
الكفاءات الوطنية، وهو ما تم بوضع إطار عام، أجازته قوى الحرية والتغيير".
كما نوّه
المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، إلى أن تشكيل
الحكومة الجديدة مرتبط بحسم القضايا العالقة المُشار إليها آنفا.
تفكيك نظام
البشير
وأشاد بمخرجات
مؤتمر تفكيك النظام السابق الذي اختتم أعماله، مؤخرا، بمشاركة 350 شخصية من
المدنيين والعسكريين والمجتمع الإقليمي والدولي، مؤكدا أن "التوصيات التي
انتهى إليها المؤتمر ستطور عمل لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من حزيران/ يونيو
1989 بشكل أفضل، والعمل والإنجاز سيكون الحكم على مُجمل أدائها".
وأوصى مؤتمر
تفكيك نظام البشير بـ"تأسيس شرطة خاصة بلجنة التفكيك، وإلغاء القرارات
الصادرة من الدائرة الاستئنافية والقضائية، والتي قامت بإلغاء قرارات لجنة التفكيك
السابقة".
وفي 10 كانون
الأول/ ديسمبر 2019، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش، عبد الفتاح
البرهان، قرارا بتشكيل لجنة إزالة التمكين؛ لـ"إنهاء سيطرة رموز نظام الرئيس
المعزول عمر البشير على مفاصل الدولة، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال
المنهوبة".
لكن البرهان
جمّد عمل اللجنة "لحين مراجعة قانون عملها واتخاذ موقف بشأنه" ضمن
قرارات اتخذها في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، شملت إعلان حالة الطوارئ، وحل
مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة (المحافظين)، واعتقال قيادات
حزبية ووزراء ومسؤولين.
خلافات
المدنيين
وانتقد الطيب التصريحات التي قالها نائب الأمين السياسي لحركة "العدل والمساواة"،
محمد زكريا، الذي أكد في مقابلة سابقة مع "عربي21"، أن "فرص نجاح الاتفاق
الإطاري بصيغته الحالية ضئيلة جدا، وإن مضوا في تشكيل الحكومة، فإن مصير هذه
الحكومة سيكون الفشل الحتمي".
وأردف المتحدث
باسم قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي": "تظل تصريحات زكريا
تقديرات مبنية على موقف داعم لاستمرار الانقلاب، لأنه لا يناقش مضمون الاتفاق
الإطاري".
وتحفّظ على
وصف البعض لـ "الاتفاق الإطاري" بأنه يمثل المخرج الوحيد للأزمة التي
تعيشها البلاد، قائلا: "لا أستطيع القول إنه المخرج الوحيد، حتى لا نلغي
خيارات الآخرين، ولكن نستطيع القول إنه الإطار المعقول والواقعي والمتاح للخروج من
الأزمة الراهنة".
ورأى أن
"الأزمة في السودان هي أزمة تاريخية مرتبطة بالموضوع الاستعماري الذي شكّل
بنية الحياة السياسية والاجتماعية وفق امتيازات تاريخية، وظل الصراع حول المحافظة
على هذه الامتيازات وحمايتها بالسلطة، بمعنى أنه صراع قديم محافظ على الامتيازات
وجديد يحاول هيكلة الدولة السودانية وتركيبها على أسس يتمتع فيها الجميع على قدم
المساواة".
واستنكر الطيب
اتهام البعض لهم بالسعي للانفراد بالسلطة، قائلا: "الكثيرون يتهمون قوى
الحرية والتغيير مجانا بالسعي للسلطة، واتهامات أخرى كثيرة، لأننا دائما ما نتقدم
المبادرة في الفعل والحراك السياسي، ونحن نرفض ذلك جملة وتفصيلا".
وحول أبعاد
الخلافات بين المدنيين وبعضهم البعض، أضاف: "الاختلاف من طبيعة القوى
المدنية، وغالبا ما تكون نهايته مساومات وتسويات سياسية، لكن في ظل وضع سياسي غير
طبيعي، ووجود أكثر من جيش في دولة واحدة، فربما تتصاعد حالة الخلافات بين
العسكريين والعسكريين أو بين العسكريين والمدنيين لتصل حد المواجهة".
استعادة مسار
التحول الديمقراطي
وذكر أن
اختلاف المواقف من العملية السياسية هو أمر طبيعي ومُتفهم، وهو لمكونات سياسية
لديها مصلحة في استعادة مسار التحول المدني الديمقراطي، لكن تصبح هذه الاختلافات
مُهدّدة عندما يرتبط الأمر بمكونات تنتمي مصالحها للنظام البائد والدولة
العميقة".
في حين استدرك
الطيب قائلا: "عموما نعتقد أن العملية السياسية، رغم تباين المواقف حولها،
ستمضي قدما إلى الأمام، وستُشكّل فرصة حقيقية حتى للمختلفين حول تحسين شروطها
وستستكمل طريقها حتى نهايته".
ولفت المتحدث
باسم قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" إلى أن "إنهاء
الخلافات الراهنة يتطلب بالأساس انطلاق عملية إصلاح في المؤسسة العسكرية تهدف
لبناء جيش موحد مهني وقومي يخضع لسلطة مدنية".
والأحد، حذّر
رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، السياسيين من الحديث في شؤون
الجيش، ودعاهم للعمل على إصلاح أحزابهم، مضيفا: "نريد قوات مسلحة خالية من
الإخوان المسلمين واليساريين وداعمة للتحول الديمقراطي".
وجاءت تصريحات
البرهان في خطاب جماهيري بثه التلفزيون الرسمي، بمناسبة مهرجان الرماية العام
الـ57 بولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد.
الهجوم على
"فولكر"
ورفض الطيب
هجوم بعض القوى السودانية على البعثة الأممية "يونيتامس"، وقال:
"نعتقد أن وجود البعثة الأممية مهم، ونحن المدنيين الذين طلبنا الأمم المتحدة
بضرورة وجود بعثة لدعم الانتقال السياسي".
وزاد:
"لكن لا يهم إن كان رئيس البعثة الأممية، فولكر بيرتس، هو الذي يقودها البعثة
أم لا، لأنه في حال اختيار أي شخص آخر فلن يُغيّر من تفويضها في شيء، وفولكر لا
يستطيع أن ينفذ مشروعا خاصا به وفق أي مرجعية -كما يقول البعض- إلا إذا كانت ضمن
حدود تفويض الأمم المتحدة له".
وخلال الفترة
الماضية، هاجمت قوى سودانية فولكر، قائلة إنه أصبح "يُشكّل خطرا على مستقبل
البلاد، وتغييره أو استبداله أصبح ضرورة حتمية وواجبة، لأنه صاحب مشروع إقصائي
يهدف إلى تقسيم البلاد"، وقد خرجت تظاهرات رافضة لاستمرار وجوده على رأس
البعثة الأممية.
وبخصوص رؤيته
لمآلات المرحلة الانتقالية الجارية، قال الطيب: "نحن لا نتخوف ولا نطمئن
تماما بشأن إذا ما كانت تلك المرحلة ستمر بسلام، ولكننا حذرون؛ لأن العملية
السياسية محفوفة بمخاطر عديدة. لذلك، نعمل جاهدين قبل أن نعلق آمالا وطموحات بأن
تسير الأوضاع بالشكل المأمول، ودون أي عراقيل أو مشاكل".
يشار إلى أنه
في 5 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وقّع المكوّن العسكري بقيادة المجلس الانتقالي
"اتفاقا إطاريا" مع قوى مدنية بقيادة جزء من قوى الحرية والتغيير
(الائتلاف الحاكم السابق)، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل،
المؤتمر الشعبي)، ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى حركات مسلحة تنضوي تحت لواء
(الجبهة الثورية) لبدء مرحلة انتقالية تستمر لمدة عامين.
ويهدف الاتفاق
إلى حل الأزمة السودانية، لكنه يشهد عاصفة من الانتقادات السياسية والشعبية، الأمر
الذي أدى لاندلاع احتجاجات مناوئة له، حيث يرى البعض أن هذا الاتفاق يُقصي العديد
من القوى السودانية الأخرى، ولا يحقق العدالة الانتقالية المأمولة.
وقبل إجراءات
البرهان الاستثنائية، بدأت في السودان في 21 آب/ أغسطس 2019 مرحلة انتقالية كان
مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع عام 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش
وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.