تواجه ألمانيا انتقادات وضغوطا غربية بسبب ترددها في تسليم
دبابات Leopard 2، ألمانية الصنع، إلى أوكرانيا لمقاومة هجمات الجيش الروسي، أو حتى على الأقل للسماح لدولة ثالثة بالقيام بذلك.
وأشارت برلين إلى أنه "لم يتم اتخاذ أي قرار" بشأن هذا الموضوع في ختام الاجتماع الثامن لدول حليفة لكييف الذي عقد الجمعة 20 كانون الثاني/ يناير الجاري بالقاعدة الأمريكية في رامشتاين بألمانيا.
وقال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس في نهاية الاجتماع: "لا يمكننا أن نقول اليوم متى سيتم اتخاذ قرار، وما هو القرار بشأن دبابات ليوبارد".
وكانت أوكرانيا تأمل في الحصول على ضوء أخضر ألماني، حيث تقول إنها بحاجة إلى 300 دبابة إضافية من طراز "ليوبارد 2" لمقاومة هجمات الجيش الروسي، وقبل كل شيء، الاستعداد للهجوم المرتقب في الربيع مع استئناف الحرب.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة له عن بُعد في افتتاح الاجتماع: "إنه في مقدورك إطلاق إمداد رئيسي من شأنه أن يوقف الشر"، مضيفا: "يمكنني أن أشكرك مئات المرات على الدعم المقدم بالفعل، لكن مئات الشكر ليس مئات الدبابات".
لتبرير عدم ترددها، أوضحت الحكومة الألمانية أنه كان عليها أولاً تحديد الدبابات الموجودة تحت تصرفها والتحقق من حالتها في ظل تعيين بوريس بيستوريوس وزيرا جديدا للدفاع الخميس.
وحتى إذا أعطى المستشار الألماني أولاف شولتز الضوء الأخضر لإرسال الدبابات، حذرت شركة راينمتال المصنعة للأسلحة من أن متطلبات التجديد والإعداد ستؤخر تسليمها لأشهر.
وتشترط ألمانيا قيام الولايات المتحدة بالأمر نفسه من أجل تزويد أوكرانيا بدبابات "ليوبارد 2"، فيما وعدت كل من بولندا وفنلندا بإرسال دبابات ليوبارد إلى كييف، لكنهما بحاجة إلى إذن من برلين للقيام بذلك بصفتها مصنعة لهذه الدبابات.
وخلص استطلاع رأي حديث للإذاعة الوطنية في ألمانيا إلى أن 41 بالمئة من الجمهور يعتقدون أن برلين تزود كييف بالكمية المناسبة من الأسلحة، ويعتقد 26 بالمئة أن دعمها يزيد عن اللازم، بينما يرى 25 بالمئة من الألمان أن البلاد لم ترسل ما يكفي.
في المقابل أثارت الحجج التي قدمتها الحكومة الألمانية لتبرير عدم تسليمها أوكرانيا دبابات "ليوبارد 2" إلى حد اللحظة، انتقادات شديدة في المعارضة المحافظة ولكن أيضًا داخل الأغلبية الحاكمة داخل البرلمان الألماني.
وقالت رئيسة لجنة الدفاع في البوندستاغ ماري أغنيس ستراك زيمرمان إنه "لأمر مروّع أننا بحاجة إلى وزير جديد لفحص مخزون دباباتنا بعد أحد عشر شهرًا من بدء الحرب".
حلول أخرى
قبل ذلك بيومين، قالت ألمانيا إنها مستعدة لإيصال "ليوبارد 2"، لكن كجزءا من تحالف تقوده الولايات المتحدة، وهو ما ترفضه واشنطن التي تتذرع بأسباب تتعلق بخصائص دباباتها من طراز أبرامز".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال كولن كال، الرجل الثالث في البنتاغون، إنه "أمر مكلف، ويتطلب تدريبًا صعبًا. يستهلك خزان أبرامز، الذي يعمل على توربين وليس بمحرك ديزل، ضعفي استهلاك منافسيه الأوروبيين"، فيما يحتاج هذا الصنف من الدبابات إلى لوجستيات إمداد لا يستطيع تحملها سوى الأمريكيين.
بدورها، انتقدت الحكومة البولندية تردد ألمانيا، مقترحة أن تستغني بعض الدول الحليفة عن انتظار إذن ألمانيا بتسليم أوكرانيا دبابات "ليوبارد 2"، وتقديمها لكييف دون انتظار برلين.
وقال نائب وزير الخارجية البولندي باول جابلونسكي الجمعة: "أعتقد أنه إذا كانت هناك مقاومة ألمانية قوية، فسنكون مستعدين لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة".
من جانبها، تقول فرنسا إنها لا تزال تدرس تسليم دبابات "لوكليرك" إلى أوكرانيا، التي تُعتبر نسخة مطابقة عن "ليوبارد 2" التي تسعى كييف إلى الحصول عليها من برلين.
لكن هذه الفرضية تبدو أيضًا صعبة للغاية، حيث سلطت باريس الضوء على صعوبة ضمان الصيانة عن بُعد لهذه الآلات التي تتميز بالقوة. ولهذا السبب على وجه الخصوص، فضلت وزارة الدفاع الفرنسية إرسال المركبات العسكرية المصفحة AMX-10 RC الخفيفة التي تصنعها باريس، وهي أسهل في الاستخدام وفي الصيانة.
انتقادات
وفي انتقاد علني نادر، حضّ وزراء خارجية دول البلطيق برلين صباح السبت على "تزويد أوكرانيا بدبابات ليوبارد فورا"، معتبرين أن ألمانيا "كونها القوة الكبرى في أوروبا تتحمّل مسؤولية خاصة في هذا الصدد".
من جهتها، أعربت أوكرانيا السبت عن أسفها "للتردد العام" من جانب حلفائها الغربيين الذين رفضوا في اليوم السابق تزويدها بدبابات ثقيلة، وهو قرار "يؤدي إلى قتل المزيد من مواطنينا" وفقا لمستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك.
وكتب بودولياك على تويتر: "التردد في هذه المرحلة يقتل المزيد من مواطنينا" داعيا حلفاء كييف إلى "التفكير بشكل أسرع".
كذلك، وجّه السناتور الأمريكي الجمهوري ليندسي غراهام انتقادات مباشرة إلى برلين عقب زيارة لكييف الجمعة، وكتب على تويتر: "لقد سئمت من مهزلة من سيرسل دبابات ومتى. أقول للألمان: أرسلوا دبابات لأوكرانيا لأنها في حاجة إليها، وإلى إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن: أرسلوا دبابات أمريكية حتى يحذو الآخرون حذونا".
لماذا "ليوبارد 2"؟
أعربت أوكرانيا في وقت سابق عن حاجتها لمدرعات ثقيلة في حربها ضد الغزو الروسي، حيث تستخدم كييف حاليا عددا محدودا من الدبابات، ومعظمها من الحقبة السوفيتية أو حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي.
وتسعى أوكرانيا إلى الاستعداد جيدا لقدوم فصل الربيع حيث تشير تقارير عسكرية إلى احتمال شن
روسيا هجوما جديدا كبيرا خلال الأشهر المقبلة، فيما تسعى كييف إلى هزم موسكو من خلال هجمات مضادة باستخدام المدرعات الثقيلة.
وعلى الرغم من تحقيق أوكرانيا انتصارات مهمة بمعركة كييف في بداية الحرب، وكذلك في إقليم خاركوف، وحول إقليم خيرسون في الجنوب، عرقل نقص الدبابات دعم عملياتها بينما تواجه القوات الروسية التي تستخدم دبابات طراز "تي-90" أكثر تطوراً وقدرة قتالية إلى حد كبير.
مميزات "ليوبارد 2"
وتنتشر دبابات "ليوبارد 2" على نطاق واسع في أوروبا، حيث تستخدمها أكثر من 12 دولة، بالإضافة إلى عدة دول أخرى تشمل كندا، فيما أُرسلت هذه الدبابات للمشاركة في حروب كوسوفو، والبوسنة، وأفغانستان، وسوريا (من قبل تركيا)، ودمر العديد منها بقذائف مضادة للدبابات.
و"ليوبارد 2" دبابة قتال رئيسية ألمانية الصنع، يبلغ مداها نحو 500 كيلومتر (311 ميلاً)، حيث دخلت الخدمة لأول مرة في عام 1979، فيما تبلغ سرعتها القصوى 71 كم/ساعة (44 ميلاً/ساعة)، و31 كم/ساعة (19.2 ميلاً/ساعة) عندما تسير بالخلف، وهي مجهزة بمدفع أملس الجوف عيار 120 ملم كسلاح رئيسي، ومُسلحة بمدفعين رشاشين خفيفين.
وتحتاج دبابة "ليوبارد 2" لـ9 ثوان فقط من أجل أن تستدير 360 درجة، و10 ثوان ليستدير برجها 360 درجة، فيما يحتاج خزانها 1160 لترًا من الوقود، فيما يقتصر على 900 لتر في حالة عدم وجود معركة.