قال الكاتب في مركز كارنيغي للشرق
الأوسط في بيروت، يزيد صايغ، إن رئيس النظام
المصري، عبد الفتاح
السيسي، لا يمكنه
أن يغض الطرف عن الدور
الاقتصادي للجيش المصري إلى الأبد.
وفي مقاله المنشور في "
فايننشال
تايمز"، قال الكاتب إن "اتفاقية القرض الجديدة بين
صندوق النقد الدولي
ومصر، والتي أعلن عنها في 10 يناير/ كانون الثاني، تبدو للوهلة الأولى واسعة
وطموحة بقدر ما هي موضع ترحيب".
وبحسب ما أوردت هيئة الإذاعة
البريطانية "بي بي سي"، تابع صايغ القول إنه "بالإضافة إلى
إجراءات معالجة أزمة العملة المتفاقمة في البلاد وتفاقم الديون، وعدت الحكومة
المصرية بإعادة هيكلة كبيرة لحصص القطاعين العام والخاص في الاقتصاد، متوخية
الاحتفاظ -بل زيادة- سمة أن الدولة لها نصيب الأسد من الاستثمار، في القطاعات
بما في ذلك العقارات والنقل".
ويشير الكاتب إلى أنه "إذا أوفت
الحكومة بوعودها، فسيكون التأثير أكبر من تأثير عملية الخصخصة التي بدأت في عام
1991".
وتعتمد الالتزامات التي تم التعهد بها
لصندوق النقد الدولي، بحسب المقال، على سياسة ملكية الدولة الجديدة التي وضعتها
الحكومة العام الماضي. وتتعهد الوثيقة بأن تخرج الدولة بالكامل من 79 قطاعا
اقتصاديا وتخرج جزئيا من 45 قطاعا آخر في غضون ثلاث سنوات، في مقابل زيادة مشاركة
القطاع الخاص في الاستثمارات العامة من 30 إلى 65%.
ويتابع: "في حين أن التغييرات
المقترحة تعد مكاسب حقيقية، بحسب الكاتب، فإنها تشكل أيضا تهديدا للجهات الفاعلة
المؤسسية القوية ومجموعات المصالح. ومع ذلك، فلا الحكومة ولا الرئيس المصري، عبد
الفتاح السيسي، قد أعدا الأرضية علنا لنزع فتيل الصدمة الحتمية أو كسب أنصار
رئيسيين".
ويوضح المقال أن حقيقة موافقة السيسي
على سياسة ملكية الدولة الجديدة رسميا لا يغير الأمور. فقد كان هدفه المباشر إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي يتيح لمصر الحصول مبلغ 14 مليار دولار إضافي
كائتمان من مصادر دولية وإقليمية أخرى.
وبشأن التصريحات العلنية للسيسي،
والمراسيم الرسمية على مدى السنوات القليلة الماضية، قال الكاتب إنها تكشف عن غرض
مختلف جوهري: "هو رسملة المؤسسات والأصول المملوكة للدولة مثل البنية التحتية
عن طريق ضخ الأموال الخاصة، مع تركها في أيدي الدولة".
ويضيف الكاتب أن التشريع الجديد يسمح
لمقدمي الخدمات والمرافق المملوكة للدولة "بتحويل إيراداتهم المستقبلية
وتداولها للبيع للمستثمرين"، ويسمح للقطاع الخاص بإدارة المشاريع والأشغال
العامة التي تمولها الحكومة.
وعن أصول الدولة، قال الكاتب إن السيسي
ينقل قائمة متزايدة من أصول الدولة من أيدي الحكومة إلى سيطرة عدد متزايد من
الهيئات المنشأة حديثا التي تخضع له مباشرة.
ولفت الكاتب إلى أن "أحد هذه
الصناديق هو صندوق الثروة السيادي، الذي ظهر كأداة مفضلة للسيسي لجذب رأس المال
الخاص، بدلا من تعويم الشركات الحكومية بحرية في البورصة. وبالتالي، فإن تأييده
لسياسة ملكية الدولة هو تضليل قد يستخدمه مع ذلك لإخفاء استراتيجيته الفعلية".
وأشار إلى أن الحقيقة هي أن كلا
الجانبين يحتاج إلى اتفاقية تبدو جيدة على الرغم من عدم توفر الإرادة أو القدرة
على فرضها، لأن كل ما سبق يبدو أنه "يضع إطار السياسة المتفق عليه مع صندوق
النقد الدولي موضع شك".
وقال الكاتب إن الحكومة المصرية "ستراوغ
في التزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي على أي حال"، ولن يضطر الجيش إلى
القتال للحفاظ على حصته الاقتصادية، لكن الشركاء الأجانب لن يكونوا متسامحين، لا سيما
دول الخليج.
وختم الكاتب بأن "ما هو مؤكد، هو
أنه في الوقت الحالي، لن يسمح السيسي بحدوث خلاف خطير مع الجيش، على أمل أن تتمكن
الحكومة من تحمل عبء التعامل مع الجمهور المصري غير الراضي على نحو متزايد،
ومناشدة المانحين الأجانب. لكنه لا يستطيع تأجيل مواجهتهم إلى أجل غير مسمى".