جددت النقابات العمالية في
فرنسا دعوتها إلى
الإضراب والخروج في مظاهرات في مختلف مناطق البلاد الثلاثاء، احتجاجا على خطة الحكومة لإصلاح نظام
التقاعد، فيما تتمسك الحكومة برفع سن التقاعد.
وتواصل النقابات العمالية التعبئة ضد برنامج إصلاح نظام التقاعد، الذي يدافع عنه الرئيس إيمانويل
ماكرون، وذلك بعد حوالي عشرة أيام من تنظيم "الخميس الأسود" في 19 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وخلال "الخميس الأسود"، خرج أكثر من مليون شخص إلى الشوارع في أنحاء فرنسا للاحتجاج على البرنامج الذي قدمته الحكومة، بدعوة من النقابات العمالية.
وتسعى الحكومة إلى رفع السنّ الأدنى للتقاعد من 62 عاما حاليا إلى 64 عامًا، كجزء من حزمة إصلاحات رئيسية اقترحها الرئيس ماكرون لضمان التوازن المالي لنظام التأمين الاجتماعي في فرنسا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد بسبب الحرب في أوكرانيا.
ومن المنتظر أن يتم تنظيم حوالي 200 احتجاج الثلاثاء، في أنحاء البلاد مع مسيرة كبيرة في العاصمة باريس تنتهي خارج مقر الجمعية الوطنية (البرلمان)، حيث من المقرر أن تبدأ اللجان البرلمانية بدرس مشروع القانون الاثنين.
وبالإضافة إلى المسيرات الاحتجاجية، فقد دعت النقابات إلى إضراب واسع النطاق الثلاثاء من المنتظر أن يؤثر بشدّة في خدمات السكك الحديد وبقيّة النقل العام، فيما يُتوقّع أيضًا توقف المدارس والإدارات، وقد أعلنت بعض السلطات المحلية إغلاق فضاءات عامة مثل الملاعب الرياضية.
ونبّه وزير النقل الفرنسي كليمون بون الأحد من يستخدمون وسائل النقل العام، إلى أن الثلاثاء سيكون "صعبًا بل وحتى صعبًا للغاية"، داعيًا إياهم إلى تأجيل تنقلاتهم والعمل من المنزل إذا تسنى لهم ذلك.
في المقابل، دعت بعض النقابات إلى مزيد من الإضرابات في شباط/ فبراير المقبل، في قطاعات تشمل الموانئ التجارية ومصافي النفط ومحطات الوقود.
وفي توافق نادر بينها، وصفت أكبر ثماني نقابات في فرنسا الإصلاح بأنه "غير عادل"، وقالت إنها تأمل في "تعبئة أكبر" الثلاثاء تتجاوز الاحتجاجات التي نُظّمت في 19 كانون الثاني/ يناير.
في المقابل، استبعدت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن الأحد، التراجع عن خطة رفع سن التقاعد، على أن الحد الأدنى لسنّ التقاعد (64 عاما) غير قابل للنقاش أو التفاوض.
ورحبت النقابات باستعداد الحكومة للتفاوض بشأن أجزاء من الخطة، فيما تمسكت بخيار التصعيد داعية إلى ضرورة تعديل سنّ التقاعد المقترح.
وفي السياق، قال رئيس نقابة "سي إف دي تي" المعتدلة لوران بيرجي، إن "الناس يرفضون المشروع بشدة، وهذا الرأي آخذ في الانتشار"، في إشارة إلى نتائج استطلاعات الرأي التي أثبتت رفض الفرنسيين لبرنامج الحكومة، محذرا من أن تجاهل الحكومة للتعبئة سيكون "خطأ".
ووصف القيادي في الحزب الشيوعي فابيان روسيل تصريح بورن بأنه "استفزازي"، معتبرا أنها "منغلقة" وحكومتها "غير مرنة"، فيما جدّدت زعيمة حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف مارين لوبان، معارضتها خطط الحكومة "الجائرة والقاسية".
وفي البرلمان، قدمت المعارضة اليسارية أكثر من سبعة آلاف اقتراح تعديل على المسودة في محاولة لإبطاء مسار نقاشها في البرلمان، فيما يفتقر ماكرون وحلفاؤه إلى الغالبية المطلقة في البرلمان وسيحتاجون إلى أصوات من المحافظين لإقرار خطة التقاعد.
لكن لدى الحكومة خيار فرض مشروع القانون من دون تصويت بموجب سلطات دستورية خاصة، مثلما كان الوضع في تمرير قانون الموازنة الأخير، ما يعني المخاطرة بالتسبب في تصويت بحجب الثقة عنها، وربما التوجه إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة.