نشر موقع "
ميدل إيست آي" مقال رأي انتقد صمت حزب المحافظين على تصريحات اللورد رامي رينجر، التي وصفت بالعنصرية، بعد أن هاجم صحفيين من أصول
باكستانية بسبب فيلم وثائقي عرضته محطة "بي بي سي"، كشفت فيه عن دور رئيس الوزراء
الهندي ناريندا
مودي بالتورط في قتل المسلمين بكوجرات عام 2002.
وقال المقال الذي كتبه بيتر أوبورن وعمران ملا، إن صمت المحافظين إزاء تصريحات اللورد رينجر، يهدد بتحويلهم إلى ملاذ للتعصب والعنصرية.
وذكر الموقع أنه علم أن "حزب المحافظين بقيادة سوناك قد أحيط علماً على الأقل ببعض ما صدر عن اللورد رينجر من تصريحات – ولكن الحزب لم يفعل شيئاً إزاء ذلك حتى الآن".
وتجاهل مكتب رئيس الوزراء أسئلة وجهتها له "ميدل إيست آي" حول ما إذا كان سوناك سيحقق في الأمر وربما يتخذ قراراً بتعليق عضوية اللورد رينجر، بحسب الموقع.
وقال المكتب رداً على الاستفسار إنه "بما أن اللورد رينجر ليس عضواً في البرلمان، فإن المسألة تعود إلى المقر الرئيسي لحملة المحافظين".
ويُتهم رامي رينجر بأنه استخدم لغة "بائسة ومشحونة بالعنصرية" عندما هاجم فيلم "سؤال مودي"، حيث إنه يخضع لتحقيق من قبل لجنة المعايير في مجلس اللوردات في قضية أخرى، حيث هاجم الفيلم الوثائقي الذي أثار غضبا في الهند، ومنع على منصتي يوتيوب وتويتر من قبل سلطات البلاد هناك؛ لتصويره دور مودي في مذابح كوجرات عام 2002.
وكتب لورد رينجر إلى مدير "بي بي سي" العام، تيم ديفي، مقدما شكوى حول الفيلم، وطالب بمعرفة ما إن "كان هناك موظفون من أصل باكستاني يقفون وراء هذا".
ووصف اللورد "بي بي سي" بأنها "لم تكن حساسة"، ودعمت طرفا واحدا، واتهمها بأنها "فتحت الجروح القديمة، وخلقت كراهية بين الهندوس والمسلمين في
بريطانيا"، معتبرا أن الفيلم "إهانة" لمودي، الذي قال إنه بريء من أي دور في أعمال الشغب.
وكشف الوثائقي عن مذكرات داخلية حول سلوك مودي في أثناء المذبحة، وانتقاد الدبلوماسيين الغربيين والحكومة البريطانية في أثناء شغب عام 2002.
وظل مودي ملاحقا ولعقدين بالأحداث ولتواطئه في العنف الذي تبع ذلك، وقتل فيها أكثر من ألف شخص، معظمهم من المسلمين.
ونفى مودي في السابق أي دور، وأنه فشل بمنع الشغب. وفي عام 2013، قالت لجنة بالمحكمة العليا في الهند إنه لا توجد أدلة لمحاكمته.
وأصدرت وزارة المعلومات والإذاعة الهندية قبل فترة أمرا بمنع بث مقتطفات من الوثائقي أو مشاركته على منصات التواصل الاجتماعي، واستندت على تشريع مرر عام 2021 يعطي الحكومة الحق بمنع معلومات لأسباب طارئة.
وتاليا نص المقال الذي ترجمته "
عربي21":
مازال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يلعق جراحه بعد فضيحة نديم زهاوي، وها هو الآن يُجر إلى أزمة جديدة بعد التصريحات التي تبدو تحريضية وعنصرية والصادرة عن عضو مجلس اللوردات من حزب المحافظين رامي رانجر حول البريطانيين من أصول باكستانية.
واللورد رينجر الذي تبرع بأكثر من مليون جنيه لحزب المحافظين هو أحد رعاة مجموعة أصدقاء الهند في حزب المحافظين. وتضم مجموعة الرعاة أيضاً الزعيم المحافظ السابق إيان دانكن سميث، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي بالإضافة إلى سوناك نفسه. ومن المثير للاهتمام أن وزير الأمن طوم توغندات هو الآخر أحد الرعاة.
جاءت تصريحات اللورد رينجر بعد بث البي بي سي لسلسلة وثائقية هذا الشهر حول علاقة رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي بالمسلمين في الهند.
بعد عرض الحلقة الأولى، والتي تضمنت الحديث عن تقرير للحكومة البريطانية ينتقد سلوك مودي أثناء المذابح التي ارتكبت بحق المسلمين في غوجارات في عام 2002، فقد لجأت الحكومة الهندية إلى قوانين الطوارئ لحظر الوثائقي.
وفي العشرين من يناير/ كانون الثاني كتب اللورد رينجر خطاباً موجهاً إلى مدير عام البي بي سي، تيم دافي، يندد فيه بما قال إنه وثائقي البي بي سي المنحاز ومنعدم الإحساس.
وأضاف في الخطاب الذي يعكس إلى حد كبير الموقف الرسمي لحكومة مودي: "لقد فتح وثائقي البي بي سي جروحاً قديمة من خلال إثارة الكراهية بين الهندوس والمسلمين في بريطانيا، بمحاولة تصوير الهند كما لو كانت بلداً ينعدم فيه التسامح ويتعرض فيه المسلمون للتنكيل. ولو كان ذلك صحيحاً لما لبث المسلمون في الهند حتى هذا الوقت ولغادروا جميعاً".
وفي عبارة مشحونة، طلب اللورد رينجر من دافي "التكرم بتأكيد ما إذا كان موظفوك الذين ينحدرون من أصول باكستانية هم من يقفون وراء هذا الكلام الفارغ.".
"غير مقبول وعنصري"
ثم وسع اللورد رينجر من دائرة انتقاده عبر سلسلة من المقابلات التي أجراها مع التلفزيون الهندي.
وقال في مقابلة مع قناة تلفزيونية هندية اسمها نيوز إكس: "نعلم ما الذي يمكن أن يفعله الباكستانيون ولا أدل على ذلك من أنهم أبقوا أسامة بن لادن مختبئاً يتسترون عليه لعشر سنين بينما كانوا يتلقون المال من أمريكا".
وأضاف: "ولذلك لا توجد لدي أدنى ثقة بالبلد الذي لا هم له سوى تصدير الإرهاب. ولذلك أردت فقط التأكد من أنه لا توجد صلة للباكستانيين بذلك الوثائقي".
وعلم موقع ميدل إيست آي، أن حزب المحافظين بقيادة سوناك قد أحيط علماً على الأقل ببعض ما صدر عن اللورد رينجر من تصريحات – ولكن الحزب لم يفعل شيئاً إزاء ذلك حتى الآن.
والليلة الماضية تجاهل مكتب رئيس الوزراء أسئلة وجهها له موقع ميدل إيست آي، حول ما إذا كان سوناك سيحقق في الأمر وربما يتخذ قراراً بتعليق عضوية اللورد رينجر. وقال المكتب رداً على الاستفسار إنه "بما أن اللورد رينجر ليس عضواً في البرلمان، فإن المسألة تعود إلى المقر الرئيسي لحملة المحافظين".
والحقيقة هي، وكما هو الأمر في حالة جميع أعضاء مجلس اللوردات، أن اللورد رينجر يعتبر بالفعل عضواً في البرلمان. وترك موقع ميدل إيست آي، كذلك، استفساراً لدى المقر الرئيسي لحزب المحافظين، ولكن لم يتلق أي رد حتى نشر هذا المقال. ووجه الموقع استفسارات كذلك لكل من تيريزا ماي وإيان دانكن سميث، وكلاهما من رعاة جمعية أصدقاء الهند في الحزب، ولكن لم يتلق رداً من أي منهما.
وتواصل موقع ميدل إيست آي مع اللورد رينجر، وقال له إن تصريحاته تعتبر "غير مقبولة وعنصرية" – وطلب منه رداً على ذلك. فرد اللورد رينجر عبر "واتساب" قائلاً بأن "البي بي سي نجحوا في دق إسفين بين المواطنين البريطانيين داخل المجتمعين الهندي والباكستاني، الأمر الذي ينذر بتداعيات خطيرة على اندماجنا الاجتماعي." وأضاف: "أرجو ألا تشاركوا أنتم أيضاً في مزيد من صب الزيت على النار. شكراً لكم. فالقضية هنا هي بريطانيا وليس رامي رينجر".
"يد باكستانية"
في المقابلة مع قناة إكس نيوز، أشار مقدم البرنامج إلى تصريحات كانت قد صدرت عن عضو برلمان بريطاني من أصول باكستانية، وسأل اللورد رينجر عن ما إذا كان يرى "يداً باكستانية في الوثائقي؟"،
فأجاب اللورد رينجر بالقول إن "على الباكستانيين أن يعلموا أن بلدهم مفلس. ليس لديهم مال، وينبغي ألا يتحدثوا بكلام أكبر منهم".
ومضى اللورد رينجر يقول: "المسلمون الهنود أذكى بكثير، فهم أفضل وأكثر فطنة من الباكستانيين". وأضاف أنهم "قادرون تماماً على الاعتناء بأنفسهم".
وسأل في وقت لاحق من المقابلة: "ما هو المجتمع الذي يرتكب أفراده أكبر الجرائم في بريطانيا؟". ثم أضاف: "هؤلاء الباكستانيون ليس من حقهم أن يتكلموا".
صدرت هذه التصريحات في نهاية الأسبوع، ولكن مرت عشرة أيام على توجيه اللورد رينجر خطابه إلى البي بي سي، ولم يصدر بعد أي رد فعل عن سوناك. وقد يزيد الأمر تعقيداً بوجود تحالف انتخابي غير معلن يبدو أنه مبرم بين حزب المحافظين ومجموعات في بريطانيا تنتسب إلى حزب باراتيا جاناتا بزعامة مودي.
صمت مدوّ
أثناء الانتخابات العامة التي أجريت في بريطانيا في عام 2019، تم تعليق عضوية أمين عام المجلس الوطني للمعابد الهندوسية، والذي يرتبط بحزب باراتيا جاناتا، وذلك بعد الكشف عن أنه كان يناصر حزب المحافظين ويروج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي نفس السنة، تم تصوير مقطع فيديو لرئيسة المنتدى الهندوسي في بريطانيا (والذي يعتبر اللورد رينجر من مؤسسيه) وهي تقول للجمهور إنها ستحظر على السياسيين من حزب العمال حضور المناسبات الهندوسية. في تلك الأثناء، دعت مجموعة بريطانية تسمى أصدقاء حزب باراتيا جاناتا في الخارج، ثلاثمائة هندي للقاء مع بوب بلاكمان، عضو البرلمان عن حزب المحافظين في دائرة شرق هارو.
لام بلاكمان من وصفهم بالمتطرفين الإسلاميين على أحداث الشغب التي انفجرت مؤخراً في مدينة ليستر وندد بما قال إنها "هجمات مريعة على الهندوس في ليستر وبيرمنغهام وفي غيرها من الأماكن داخل بريطانيا"، دون أدنى إشارة إلى ما تعرض له المسلمون من اعتداءات. وكان بلاكمان قد استضاف داخل البرلمان في عام 2018 الزعيم الهندوسي القومي المتنفذ تابان غوش، والذي دعا قبل وفاته في 2020 الأمم المتحدة إلى "تحديد نسل المسلمين وضبط معدل الولادة بينهم حول العالم".
لقد بات خطاب الكراهية الموجه ضد الأقليات الدينية سمة معتادة من سمات الحياة العامة في الهند. ومنذ 2009 وحتى 2014 تم تسجيل 19 حالة من الخطابات المعادية للأقليات ألقاها مسؤولون كبار. ولكن منذ 2014، عندما دخل حزب باراتيا جاناتا بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الحكومة، وحتى بداية 2022، سجلت 348 حالة من ذلك القبيل – وهو ارتفاع بنسبة 1130 بالمائة. واليوم يتحدث بعض الخبراء عن احتمال شن إبادة جماعية ضد المسلمين في الهند.
ما زال اللورد رينجر يحظى بترحيب وتكريم كبار الشخصيات في حزب المحافظين، وذلك على الرغم من أنه يواجه تحقيقاً بسبب قضية منفصلة يجريها مفوض المعايير داخل مجلس اللوردات. وكان في وقت مبكر من هذا الشهر قد نظم حفلاً على شرف تيريزا ماي في نادي كارلتون.
يكاد الصمت يصم الآذان. وقد يجازف ريشي سوناك بتحويل حزب المحافظين إلى ملاذ آمن للتعصب والعنصرية.