قال رئيس حزب «
العدالة والبناء» الليبي، عماد البناني، إنهم يؤيدون بشكل قاطع "كل الطرق التي تؤدي إلى إجراء
الانتخابات في أقرب وقت، مهما كانت تلك الطرق، بشرط أن تكون هذه الانتخابات صحيحة وناجحة، ولها قبول جماعي شامل بعد عقدها".
وأضاف البناني، في مقابلة مصورة مع "عربي21": "نحن اليوم أمام تحدٍ كبير، ولا بد لنا من بناء الدولة الموحدة؛ فتحقيق حالة الاستقرار تبدأ بالانتخابات، والجميع يعتقد أن عام 2023 هو العام الحاسم في تحقيق هذه المعادلة، ونحن أمام استحقاق انتخابي ضخم في تاريخ
ليبيا".
ودعا المجلس الرئاسي إلى استلام "دوره الطبيعي في معادلتنا السياسية الصعبة والحادة، ونرجو أن يكون في مستوى تحمل مسؤولية المرحلة، وإذا عُهد إليه التنسيق مع البعثة الأممية ومن خلفها المؤسسة الدولية، بإعلان مراسيم دستورية وتجاوز مجلسي النواب والدولة فنحن سندعمه بكل ما نستطيع ليضع مراسيم مناسبة، وسنمضي خلف هذه المراسيم دون تردد".
وانتقد أداء المبعوث الأممي، عبدالله
باثيلي، قائلا: "أداؤه في ليبيا إما إنه يتسم بالغموض وعدم الوضوح، أو إنه يتسم بالمسارات الجانبية غير المركزة، وبالتالي فمساره السياسي في ليبيا يحتاج إلى تعديل ضروري ومستحق، وحالة التباعد بين المكون السياسي الليبي وباثيلي لا تعطي إشارات إيجابية في هذه المرحلة".
وتاليا نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
ما موقفكم من "الوثيقة الدستورية" التي تم الاتفاق عليها في القاهرة بين مجلسي النواب والدولة؟
نحن حريصون في حزب "العدالة والبناء" على التوافقات الوطنية التي تدعم حالة الاستقرار وبناء الدولة، ووحدة المؤسسات، ووحدة الوطن، وكنّا نعلّق الآمال على لقاء المجلسين سواء في القاهرة أو في غيرها؛ لإيجاد الصيغة الدستورية الصالحة لإجراء انتخابات ناجحة.
لكن للأسف الشديد لم ينجح المجلسان في وضع القاعدة الدستورية المطلوبة، وانشغلا بأمور كثيرة ليست من أولويات الشعب الليبي، وكما يعرف الجميع فإن هناك حوالي ثلاثة ملايين مواطن قد سجّلوا أسماءهم كناخبين في العملية الانتخابية، وينتظرون نتائج التوافقات لتأسيس قاعدة العمل الدستوري الذي تقوم عليه الانتخابات.
أعتقد أن المجلسين غير قادرين على الوصول إلى نتيجة مهمة ترعى اهتمام الليبيين، وتلبي احتياجاتهم ومطالبهم، والسبب في ذلك بالدرجة الأولى عدم التوافق، وخاصة بين رؤساء المجلسين؛ فأداء الاثنين (عقيلة صالح، وخالد المشري) دون المستوى؛ فهما يفتحان ملفات جانبية مثل المناصب السيادية وغيرها، وبالتالي فالقضايا تقوم على معادلات سياسية بين الأطراف، سواء في الداخل الليبي، أو على مستوى التوافق بين الدول الإقليمية المعنية بالملف الليبي، وخاصة بين الدولتين الكبيرتين تركيا ومصر.
لذا، فنحن نحتاج لهذه التوافقات بشكل أكثر حيوية وقوة لدعم المجلسين في تحقيق المطلوب منهما دستوريا.
كيف يمكن إنهاء الخلافات بين مجلسي النواب والدولة؟
هذا السؤال يوجه للمجلسين. نحن نرجو، وبكل إخلاص، أن يصل المجلسان إلى توافقات سريعة، والليبيون ينتظرون نتائج هذه التوافقات، والزمن أصبح حاسما، والعالم لا يستطيع أن ينتظر للأبد، وبالتالي فإن تجاوز المجلسين بات قاب قوسين أو أدنى، وسيدخل البلاد في معادلات سياسية جديدة نحن في غنى عنها. والسؤال موجّه أيضا إلى الإخوة النواب في المجلسين، كيف نصل إلى توافقاتكم لإيجاد القاعدة الدستورية؟
رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، كشف أن الانتخابات "ستُجرى قبل تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل".. فهل تعتقد أن الانتخابات ستُجرى بالفعل قبل هذا الموعد؟
نرجو أن تُجرى الانتخابات في أقرب وقت ممكن؛ لأن آمال الليبيين مُعلّقة على الانتخابات، والأوضاع العالمية تدعونا إلى إجراء انتخابات لبداية مرحلة سياسية جديدة تقوم على أساس التوافق الوطني، وتنطلق نحو حالة من المصالحة الوطنية، وقبول بنتائج الانتخابات وما يترتب عليها من إجراءات تحقق الاستقرار العام في ليبيا.
كما أننا نرجو أن تكون الانتخابات وفق التواريخ التي توضع على الطاولة؛ فمع الأسف الشديد، الطاولة مليئة بتواريخ الانتخابات، ولم نستطع أن نصل منها إلى نتيجة محققة، ونأمل أن تتحول الضغوط التي يتعرض لها الليبيون إلى نتائج إيجابية.
بعيدا عن الأمنيات، هل الأجواء باتت مهيأة لتلك الانتخابات على أرض الواقع؟
علينا أن نعمل في هذا الاتجاه، وهو اتجاه التوافق بين الجميع؛ لأن التوافق الليبي الداخلي، والتوافق الخارجي بين المعنيين بالشأن الليبي هو السبيل لإجراء الانتخابات بطريقة ناجحة.
تحدثت الدول الكبرى عن اللجوء إلى الآليات البديلة في حال فشل الحوار بين المجلسين.. فهل لديكم توقعات كيف ستكون هذه الآليات؟
الدول الكبرى الآن معنية بشكل كبير بالشأن الليبي بحكم التحوّلات العالمية، والاحتياج إلى التعامل مع ليبيا كدولة مستقرة وموحدة، وهو أمر جيد في صالح الليبيين؛ لأن الجميع يدعم فكرة الدولة المستقرة والموحدة.
البدائل التي تشير إليها بعض وسائل الإعلام هي عقد مؤتمر جديد للحوار برعاية البعثة الأممية في ليبيا، أو إصدار مراسيم رئاسية يصدرها المجلس الرئاسي لتحديد موعد الانتخابات والشروع فيها، والتأسيس له بوثيقة دستورية أساسية، وربما هناك بدائل أخرى غير معلنة.
ما الذي انتهى إليه "مشروع التكتل الوطني الجامع"؟
كل المشاريع التكتلية الوطنية نؤيدها ونشارك فيها بدون تردد، والأصل في المرحلة السياسية الحالية أن يشارك كل السياسيين في معادلات التوافق والتقارب لإيجاد قاعدة وطنية مشتركة. لذا، فنحن نلبي كل دعوات المشاركة التي تؤدي إلى التوافقات الوطنية، سواء في التنسيقية الوطنية، أو في شبكة الأحزاب، أو في مشروع التكتل الوطني. وأرجو مع تراكم هذه المحاولات أن نتقارب تقاربا وطنيا جامعا، وأن نضع القاعدة الأساسية لتيار وطني يبدأ بالتنامي مع الأيام ويرعى حالة التأسيس الوطنية بعيدة المدى.
كيف سيتم حل أزمة الخلافات بين الحكومتين مع بدء العد التنازلي لإجراء الانتخابات؟
من المهم أن تتوحد الحكومتان؛ فالأصل أن تكون هناك حكومة واحدة، والمؤسسات موحدة، ولا ينبغي أن يشغلنا موضوع الحكومتين عن مسارنا الانتخابي؛ لأن المسار الانتخابي يتطلب منا أن نؤسس لهذه الانتخابات بقاعدة دستورية، وبقوانين انتخابية ناجحة، وبمنظومة أمنية حافظة، وأن نرعى التوافقات الأساسية بيننا.
كيف تقيم دور المبعوث الأممي الحالي، عبد الله باثيلي، في حل الأزمة في ليبيا؟
المبعوث الأممي السيد عبدالله باثيلي -مع احترامنا الشديد لشخصيته وتاريخه الدبلوماسي في المؤسسة الدولية– أداؤه في ليبيا إما إنه يتسم بالغموض وعدم الوضوح، أو إنه يتسم بالمسارات الجانبية غير المركزة، والأصل أن دور السيد باثيلي هو رعاية مسألة التوافق الأساسي لإجراء انتخابات مقبولة لدى جميع الأطراف، وبالتالي فإن عليه التواصل مع الأطراف الأكثر أهمية القادرين على إنجاح الانتخابات، والقادرين على إلزام الجميع بقبول نتائج تلك الانتخابات.
وقد أردنا التواصل مع السيد باثيلي عن طريق شبكة الأحزاب –وهي شبكة تضم أهم الأحزاب في ليبيا وأكثرها فاعلية- وطلبنا مقابلته عدة مرات، لكنه لم يلبِ هذا الطلب حتى الآن، ولم يلتقِ بالأحزاب السياسية إلى اليوم، وإنما يلتقي شخصيات لا قيمة لها في المعادلة السياسية. لذا، فكل هذه المؤشرات ليست إيجابية لدور "ممثل أممي" مطلوب منه أن يعمل على إجراء انتخابات ناجحة يتوافق عليها الليبيون في وقت قريب جدا.
وأود أن أسجل هنا ضرورة أن ينتبه السيد باثيلي إلى أن مساره السياسي في ليبيا يحتاج إلى تعديل ضروري ومستحق، ونحن لا نتدخل في شؤون البعثة الأممية، لكننا نتحدث عن شؤوننا الليبية الخاصة، ومن المفترض أن نعمل سويا على إنجاح حالة الانتخابات، وحالة التباعد بين المكون السياسي في ليبيا، وبين السيد باثيلي. وبعثته لا تعطي إشارات إيجابية لدوره في هذه المرحلة.
هناك أصوات تنادي بأن يقوم المجلس الرئاسي بالإعلان عن مراسيم دستورية تتجاوز مجلسي النواب والدولة.. فهل تؤيدون مثل هذه الخطوات؟
ينبغي على المجلس الرئاسي أن يستلم دوره الطبيعي في معادلتنا السياسية الصعبة والحادة، والمجلسان إلى الآن ما زالا مخفقين في إيجاد القاعدة الدستورية الأساسية للانتخابات، ثم نشاهد اليوم اجتماعا للمجلس الأعلى للدولة لمناقشة المناصب السيادية وتوزيع مقاعدها، وهو أمر غير مُرضٍ وغير مقبول على الإطلاق، فهذا ليس وقت الحديث عن المناصب السيادية؛ فنحن أمام استحقاق انتخابي ضخم في تاريخ ليبيا.
لذلك، فإننا نرجو أن يكون المجلس الرئاسي في مستوى تحمل مسؤولية المرحلة، وإذا عُهد إليه التنسيق مع البعثة الأممية ومن خلفها المؤسسة الدولية، فنرجو أن يكون على مستوى الحدث، ونحن سندعمه بكل ما نستطيع ليضع مراسيم مناسبة، وسنمضي خلف هذه المراسيم دون تردد.
وإذا رأت البعثة الأممية أن هناك حلولا أخرى تُقصّر هذه المسافة وتدعمها نحو الانتخابات دعما أكثر قبولا وجدية وصلابة.. فنحن أيضا سنؤيدها.
نحن مع الانتخابات مهما كانت الطرق المؤدية لها، بشرط أن تكون انتخابات واثقة، وصحيحة، وناجحة، ولها قبول جماعي شامل بعد عقدها.
ما أبعاد التحركات الدولية الرامية لإحياء العملية السياسية في ليبيا؟
التحركات الدولية في ليبيا أصبحت تحركات نشطة، وفاعلة، وقوية؛ فهناك شخصيات كبيرة زارت ليبيا خلال الأيام والأسابيع الماضية والتقت بكل الأطراف، وأعتقد أن التحوّلات الدولية في ظل الأحداث الحاصلة، وحرب روسيا وأوكرانيا، وآثارها على المنطقة تجعل ليبيا تدخل في معادلة الأهمية، وخاصة مع وجود قوات ليست بقليلة على الأراضي الليبية تتبع شركة فاغنر الروسية، وهو تواجد غير مقبول، وغير قانوني، ولا يُعترف به دوليا أو محليا.
وهناك معادلة أخرى ذات أهمية أيضا، وهي معادلة التبادل الاقتصادي بين ليبيا وأوروبا، وخاصة فيما يتعلق بانسيابية ضخ النفط والغاز إلى أوروبا، في مرحلة تحتاج فيها أوروبا إلى بديل عن الغاز الروسي، وهكذا أصبح الملف الليبي يمثل ضغطا وأهمية لدى المجتمع الدولي والدول الكبرى.
لذا، فنرجو أن تتسق دول الجوار الإقليمي المتداخلة في ليبيا مع التداخلات الدولية، وأن تدعم ليبيا دعما إيجابيا وملموسا.
كيف ترون دور الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة الليبية؟
نظرتنا إلى الاتحاد الأفريقي وإلى الدول الأفريقية نظرة إيجابية، وذات قيمة وأهمية، نحن جزء من أفريقيا، وهي ملاذنا، وانتماؤنا الواسع، وهي من عوامل التوازن المهمة لليبيا في المعادلات الدولية. وبالتالي فإننا نرجو أن يكون الاتحاد الأفريقي متصلا بالقضية الليبية، وداعما لحالة المطالبة الشعبية بالانتخابات، ومؤازرا لمطالب الشعب الليبي عامة، وأن تكون الدول الأفريقية –وخاصة دول الجوار- أكثر حضورا، وبطريقة إيجابية بما يتلاءم مع التوجه الدولي، ومع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لإجراء انتخابات ناجحة، وتوحيد الوطن سواء على المستوى السياسي، أو المؤسسي أو الاجتماعي.. فنحن نحتاج إلى مرحلة مهمة للتواصل الاجتماعي من خلال مشروع المصالحة الوطنية الناجح.
إلى أي مدى أنتم مستعدون للانتخابات المقبلة؟
نحن مستعدون باستمرار لأي خطوات سياسية إيجابية؛ فنحن جزء من المعادلة السياسية الليبية، وجزء إيجابي من هذه المعادلة، ونحمل طموحات وآمال الشعب الليبي، ونؤيدها بكل قوة، وندعمها بكل ما نستطيع من وسائل وآليات، بما في ذلك الانتخابات.
نحن مستعدون، ولدينا انتشار جيد في كل المدن والنواحي الليبية (شرقا وغربا وجنوبا) وآلياتنا الانتخابية مستعدة، ومكتب الانتخابات في الحزب على أهبة الاستعداد للحزب.
ونرجو أن يُنتبه إلى أهمية المكون الحزبي في المعادلة السياسية الانتخابية القادمة، سواء في وضع القوانين الانتخابية، أو في رعاية التواجد الحزبي في مراكز الانتخاب، وغيرها.
إلى أين ستتجه الأزمة الليبية في المستقبل؟
نحن متفائلون بالاهتمام الدولي المتزايد، والتواصل الإقليمي الأكثر إيجابية في هذه الآونة من السنوات الماضية، وبالاهتمام الشعبي لدى عموم الشعب الليبي بضرورة الخروج من الأزمة ابتداءً من إجراء انتخابات ناجحة، ووصول السياسيين إلى نتيجة حتمية. وبدون التوافق ووحدة المؤسسات فإننا لن نصل إلى أي نتيجة مهمة لا على مستوى التكتلات الداخلية، ولا على مستوى الشعب بشكل عام، الجميع بات على قناعة بهذه الحقيقة.
نحن اليوم أمام تحدٍ كبير، ولا بد لنا من بناء الدولة الموحدة؛ فتحقيق حالة الاستقرار يبدأ بالانتخابات، والجميع يعتقد أن عام 2023 هو العام الحاسم في تحقيق هذه المعادلة إن شاء الله.