موضوع
تخلي خليفة حفتر عن السلطة أثارته مؤخرا صحيفة
"نيزافيسيمايا" الروسية، وجاء في تقرير نشرته الصحيفة أن
حفتر مستعد
للتنازل عن ترشحه للانتخابات لصالح أبنائه، وذلك في الاجتماعات الأخيرة التي ضمته
مع مدير المخابرات الأمريكية ومسؤولين ليبيين ومصريين في القاهرة.
وبالنظر إلى التقرير وما ورد فيه من معلومات يظهر
اضطرابه، إذ يتردد في ثناياه تخلي حفتر عن السلطة مرة وتخليه عن ترشحه لمنصب
الرئيس في
الانتخابات لصالح أحد أبنائه مرة أخرى، مع التنبيه إلى أن تراجع حفتر عن
طموحه في أن يكون على رأس هرم السلطة التنفيذية يعني انقلابا كبيرا على كل
المستويات. إن تخلي حفتر عن السلطة ليس قرارا سهلا لا لحفتر ولا من يقف خلفه من
قوى محلية وإقليمية ودولية، فحفتر يمثل مشروعا تضافرت جهود محلية وخارجية لإنجاحه
والوصول إلى ما وصل إليه، واقترن المشروع باسمه وشخصه، ولا يوجد من يحل محله
لاستمرار المشروع خاصة أبناءه الذين يواجهون رفضا في مناطق نفوذهم، فكيف بالمناطق
الأخرى غربا وجنوبا؟
النشاط السياسي والتعبئة العسكرية التي ما يزال يحركها حفتر لا تعضد فرضية تقرير الصحيفة الروسية، فالجولة الواسعة التي قام بها حفتر منطلقا من درنة في أقصى الشرق، مرورا بالكفرة في جنوب الشرق ومنها إلى جنوب الغرب حيث سبها وصولا إلى سرت وسط البلاد ثم أجدابيا شرقا، وما تخللها من خطابات ولقاءات مع أعيان ومسؤولين ونشطاء في تلك المناطق، كل ذلك يصادم فرضية تخليه عن السلطة
تنازل حفتر لأحد أبنائه في السباق الانتخابي نتائجه غير
مضمونة، فلا يمكن أن يفوز أي من أبناء حفتر بالانتخابات الرئاسية حتى إذا أفلح في
تزوير النتائج في المناطق التي تخضع لحفتر، فأولاده محل جدل كبير في الشرق، كما في
الجنوب والغرب، وليس لهم رصيد سياسي أو عسكري يؤهلهم لخوض الانتخابات بنجاح.
إن النشاط السياسي والتعبئة العسكرية التي ما يزال يحركها
حفتر لا تعضد فرضية تقرير الصحيفة الروسية، فالجولة الواسعة التي قام بها حفتر
منطلقا من درنة في أقصى الشرق، مرورا بالكفرة في جنوب الشرق ومنها إلى جنوب الغرب
حيث سبها وصولا إلى سرت وسط البلاد ثم أجدابيا شرقا، وما تخللها من خطابات ولقاءات
مع أعيان ومسؤولين ونشطاء في تلك المناطق، كل ذلك يصادم فرضية تخليه عن السلطة،
ويدعم عزمه على الاستمرار في طلبها عبر الانتخابات أو باستخدام القوة إذا توفرت
الظروف الملائمة.
صحيح أن موقف المنتظم السياسي الرسمي في الشرق، وتحديدا
مجلس النواب (رئاسة المجلس والفواعل فيه) ما يزال يراهن على السماح بترشح
العسكريين ومزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية، وهذا يخدم حفتر كما يخدم أبناءه،
كونهم عسكريين ويحملون الجنسية الأمريكية، إلا إنه لا يرتقي ليكون دليلا على اتجاه
حفتر للتخلي عن طموحه السياسي وتقديم أحد أبنائه كبديل، لأن النتيجة معلومة سلفا،
كما سبقت الإشارة، وهي مغامرة كبيرة لا يقدم عليها حفتر ولا يقبل بها من يراهن
عليه من أطراف إقليمية ودولية.
فرضية تخلي حفتر عن السلطة لا تكون عبر انسحابه من السباق الانتخابي على كرسي الرئاسة وتقديم أحد أبنائه كبديل، بل سيكون عبر اتفاق محسوم النتائج مسبقا ولا علاقة لها بصناديق الانتخابات، لتضمن لحفتر وأبنائه حضورهم السياسي والأمني البارز
وإذا تأكدت هذه الفرضية وذلك عبر إعلان رسمي من حفتر،
فإن ذلك لا يكون إلا
باتفاق سياسي شامل تؤيده أطراف محلية وإقليمية ودولية وتضمن نتائجه،
بمعنى أن فرضية تخلي حفتر عن السلطة لا تكون عبر انسحابه من السباق الانتخابي على
كرسي الرئاسة وتقديم أحد أبنائه كبديل، بل سيكون عبر اتفاق محسوم النتائج مسبقا
ولا علاقة لها بصناديق الانتخابات، لتضمن لحفتر وأبنائه حضورهم السياسي والأمني
البارز.
حفتر، ومن خلفه من قوى محلية وإقليمية ودولية، لا يمكن
أن يتركوا أمرا كهذا للصدف والنتائج غير المضمونة، ولأن النقلة كبيرة والتحول هائل
(تخلي حفتر عن السلطة)، ولأن الرهان أعظم، وهو مكاسب ومصالح لأطراف إقليمية ودولية،
فإن انسحاب حفتر سيكون عبر ترتيبات تشرف عليها أطراف دولية نافذة وفاعلة جدا
(واشنطن وحلفاؤها الغربيون) وتقبل بها أطراف قادرة على التشويش وعرقلة الترتيبات
(روسيا)، وهو سيناريو مرجوح ولا مؤشرات قوية على أنه السيناريو الأقرب.