نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية تقريرا لمراسلها في تونس، سايمون كوردال، بشأن حملة
الاعتقالات التي تشنها السلطات التونسية ضد معارضين بارزين.
وقال كوردال إن الجماعات الحقوقية في تونس تواجه "حملة قمعية للنظام ضد المعارضين، ورموزهم، الذين تعرض بعضهم للاعتقال"، مضيفا أن 10 شخصيات عامة من بين المعارضين تعرضت للاعتقال، في الوقت الذي يبدو فيه أن رئيس البلاد
قيس سعيد، يشن حملة قمعية تستهدف كل المعارضين.
وتشن السلطات الأمنية التونسية منذ أيّام حملة اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا من دون تهم واضحة، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
وسبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال الأسبوع الفائت، جاء فيها: "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
بدأت حملة الاعتقالات نهاية الأسبوع الفائت بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات إلى الاثنين ليلا، وطالت المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزاييك إف إم" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي.
واعتقلت السلطات التونسية فوزي كمون، الرئيس السابق لرئيس مكتب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، فيما أُوقف رئيس الوزراء السابق علي العريض منذ نهاية العام الماضي.
ونقل كوردال عن آمنة قلالي نائبة رئيس منظمة العفو الدولية، لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قولها: "نحن نشهد حملة متنامية من القمع ضد
المعارضة في تونس، وسعيد يستخدم كل الإمكانات المتاحة لمؤسسات الدولة، لفرض أجندته، وكل من يعارضه على المستوى الإعلامي أو السياسي، يصير مهددا في حملة الملاحقة هذه".
وواصل كوردال قوله إن الاعتقالات ضمت رجل أعمال بارزا، ومدير محطة إذاعية مستقلة، وأعضاء من حزب النهضة الإسلامي، أبرز الجهات المعارضة التي تنتقد سياسات قيس سعيد، بعد إقدامه قبل عامين، على إقالة الحكومة، وتجميد البرلمان، وجمع سلطة مطلقة في يديه، وهو الأمر الذي وصفه المعارضون بأنه كان انقلابا كاملا.
وأضاف الصحفي أن الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وألمانيا، وعدة دول أخرى عبروا عن قلقهم الكبير، من الهجمة الأخيرة على المكتسبات الديمقراطية الهشة، التي شهدتها البلاد بعد الموجة الأولى للربيع العربي، التي خلعت الديكتاتور السابق زين العابدين بن علي.
وأضح أن نقابة الصحفيين التونسية نظمت لأعضائها وقفة احتجاجية ضد الاعتقالات الأخيرة، طالبوا خلالها بالإفراج الفوري عن نور الدين بوطار، مدير محطة "موزاييك إف إم" الإذاعية الخاصة.
ونقل كوردال عن هيثم المكي، أحد مذيعي المحطة، قوله: "ليست لدينا أي خطط لتغيير سياستنا التحريرية، لأننا لو فعلنا ذلك الآن، فكأنما نعترف بأننا مذنبون، أو كنا نفعل شيئا خاطئا، ونحن لم نفعل ذلك".
وواصل الصحفي بأن تونس تواجه أزمة اقتصادية متزايدة، خلال الأشهر الماضية، ما يؤجج حال الغضب ضد قيس سعيد، وسياساته، حيث أصبحت الإضرابات، والاحتجاجات أمرا شائعا، وكذلك نقص السلع الغذائية الأساسية.
وأضاف كوردال أن الخبراء الاقتصاديين يعزون غالبية المشاكل الاقتصادية في البلاد، للتأخير في ضخ شرائح قرض صندوق النقد الدولي، لكن قيس سعيد يؤكد أن السبب يكمن في المعارضين الذين "يحاولون إشاعة الفوضى في المجتمع"، بحسب تعبيره.