فتحت
الزلازل الأخيرة التي حدثت في
تركيا وسوريا، وشعر بها سكان الأردن، وفلسطين، ولبنان، بابا كبيرا من النقاش حول
أسباب الزلازل، وإذا ما كانت بعض المناطق بانتظار زلازل كبيرة قريبا.
ومن بين القضايا التي ثارت بشأن
الزلازل، علاقة
القمر والشمس بالزلازل، ومدى تأثير المد والجزر على الهزات
الأرضية، لا سيما مع تداول صور الجزر الذي ظهر على شواطئ عكا في فلسطين المحتلة،
حيث ربطه البعض بالزلزال الجديد في أنطاكيا التركية.
من جانبه أوضح الفلكي الأردني، عماد
مجاهد، في حديث لـ"عربي21" بأن هنالك علاقة قوية بين الشمس والقمر
والأرض من حيث الجاذبية، فالقمر يجذب الأرض بقوة هائلة ويستطيع رفع نصف محيطات
الكرة الأرضية المواجهة له لعدة أمتار.
وعلاقة جاذبية القمر بالأرض واضحة جدا
بحسب مجاهد، حيث يرفع القمر مستوى مياه البحر والمحيطات لمستوى يصل إلى 15 مترا،
كما يستطيع رفع التربة على الأرض عن مستواها الطبيعي لغاية 30 سم.
وأكد أن قوة جذب القمر للأرض، بالإضافة
للمحيطات، قادرة على تحريك صفائح الأرض، وإحداث الزلازل.
لكنه أشار إلى أن تأثير القمر لا يكون
على الزلازل على كل مناطق الكرة الأرضية، لكنه يؤثر فقط على المناطق الصدعية، أو
الأكثر قابلية لحدوث الزلازل، مثل الصفيحة التركية، والجزيرة العربية، وحفرة
الانهدام الآسيوية (البحر الميت، وخليج العقبة، والبحر الأحمر)، وإندونيسيا.
احتمالية ضئيلة!
على جانب آخر، قالت
هيئة المسح
الجيولوجي الأمريكية إن الدراسات القديمة في الماضي، نفت وجود أي علاقة بين المد والجزر
وموقع القمر، وبين الزلازل، لكن دراسات حديثة وجدت غير ذلك.
وأشارت الهيئة إلى أن العديد من الدراسات
الحديثة وجدت علاقة بين المد والجزر، المرتبطين بموقع القمر بالنسبة للأرض، وبين
بعض أنواع الزلازل.
وخلصت إحدى الدراسات، إلى أنه خلال أوقات
مثل اكتمال القمر، أو بداية الشهر القمري (عندما يكون القمر محاقا)، تكون الزلازل
أكثر احتمالا عند صدوع الدفع الضحلة، بالقرب من حواف القارات، وفي مناطق الانغماس
تحت الماء.
وللتوضيح أكثر، تقول الهيئة إنه في
حالات "المد والجزر الأرضي" يرتفع سطح الأرض ويهبط بضعة سنتميترات، وفي
حالات "المد والجزر البحري" فإن هبوط وارتفاع الماء يكون بالأمتار.
ولفتت إلى أن هاتين الظاهرتين ترفعان
أو تخفضان الحصر على الصدوع الضحلة بالقرب من الحواف القارية ومناطق الانغماس.
وعندما يقل الحصر على الصدوع الضحلة
تزيد احتمالية انزلاقها، لكن الهيئة قالت إن الاحتمالية ضئيلة جدا.
القشة التي قصمت ظهر البعير؟
أما مجلة "
نيتشر" فقالت في
تقرير سابق، إن المد والجزر رغم تأثيرهما الضئيل على الزلازل، إلا أنها ربما يكونان عاملا
لدفع الصدع الجيولوجي للتمزق.
وقالت إن المد والجزر الذي تسببه
الجاذبية التي يلعب فيها الشمس والقمر الدور الرئيسي، تضع ضغطا إضافيا على الصدوع
الجيولوجية، وإن العلماء لا يزالون منذ عقود يحاولون فهم مقدار التأثير على حدوث
الزلازل.
وتقول المجلة بأن العلماء متفقون على
أن "الإجهاد" الناتج عن المد والجزر، يمكن أن يؤدي إلى هزات بسيطة في أماكن
معينة، مثل صدع سان أنديراس في كاليفورنيا، ومنطقة كاسكاديا على الساحل الغربي
لأمريكا الشمالية.
ونقلت المجلة عن عالم الزلازل في جامعة
طوكيو، ساتوشي إيد، قوله إنه حقق مع فريق من زملائه سجلات الزلازل في اليابان
وكاليفورنيا ومناطق أخرى من العالم، وحددوا مقياسا للإجهاد الذي يسببه المد والجزر
من 15 درجة.
ووجد الفريق أن الزلازل الكبيرة التي
ضربت تشيلي، وتوهوكو-أوكي، حدثت في وقت كان الإجهاد الناتج عن المد والجزر في أقصى
درجاته، أو خلال تولد القمر الجديد (المحاق)، أو عندما تتحاذى كل من الشمس والقمر
والأرض.
ونقلت عن عالم الزلازل في هيئة المسج
الجيولوجي الكندية، هون كاو، قوله بأنه "ربما يكون الضغط الضئيل الإضافي من
المد والجزر، هو القشة التي قصمت ظهر البعير، ويدفع الصدع الجيولوجي إلى
التمزق".
أما
هيئة المسح الجيولوجي البريطانية،
فأشارت إلى أن فكرة تأثير المد والجزر على النشاط الزلزالي على كوكب الأرض،
قائمة من قرابة 100 عام، ولكن إلى الآن لم يتم توضيح العلاقة بين المد والجزر،
والزيادة في نشاط الزلزال.
وتقول الهيئة على موقعها بأن معظم
الأدلة تقول إن الزلازل ناتجة عن تغيرات الإجهاد الناتجة عن حركة ألواح الغلاف الصخري
للأرض.
وعن ظاهرة "المد والجزر
الأرضي" قالت إن الارتفاع الناتج عن المد الأرضي يمكن أن يؤدي إلى تقليل الضغط
الطبيعي الذي يربط الصدوع معا بحسب الأبحاث الحديثة.