قال مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات والبرامج الدولية بجمعية "
قطر الخيرية"، نواف الحمادي، إنهم يبذلون كل الجهود الممكنة لمساعدة منكوبي
الزلزال المُدمّر الذي ضرب
تركيا وسوريا، لافتا إلى أن قيمة مساعداتهم الإغاثية تجاوزت -حتى الآن- أكثر من 61 مليون ريال قطري (نحو 17 مليون دولار).
وكشف الحمادي، في مقابلة خاصة مع "
عربي21"، أن "قطر الخيرية" تقوم حاليا بإعداد خطة للانتعاش المبكر المتكامل تشمل جميع القطاعات المتأثرة بالزلزال مثل الصحة والتعليم والمياه والإصحاح والسكن وسبل كسب العيش على أن تكون لها صفة الاستدامة والمرونة مثل مشروع مدينة الكرامة الذي تُخطط الجمعية لإطلاقه قريبا.
وأشار إلى أن "(قطر الخيرية) تتمتع بموارد مالية كبيرة، وقدرات بشرية ذات خبرة طويلة في العمل التنموي والإنساني، ما وضعها على رأس قائمة الجمعيات الخيرية العاملة في هذا المجال في العديد من دول العالم عبر مكاتبها الميدانية التي تجاوزت الـ 33 مكتبا ميدانيا"، لافتا إلى أنهم يقومون بتنفيذ مشاريع مختلفة في كافة القطاعات التنموية.
وفي 6 شباط/ فبراير الماضي، ضرب جنوب تركيا وشمال
سوريا زلزالان الأول بقوة 7.7 والثاني 7.6 درجة، تبعتهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وخلَّف دمارا ماديا ضخما.
وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
قمتم بزيارة بعض المناطق المنكوبة جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.. لو تحدثنا عن ما رأيته هناك؟
أثناء زيارتي التي قمت بها في أول أيام الكارثة في كل من تركيا وسوريا لقد شعرت بالحزن الشديد للمنكوبين الذين فقدوا أكثر من 48 ألف شخص من أفراد أسرهم الأعزاء، بالإضافة الى منازلهم وممتلكاتهم ووسائل كسب عيشهم، ما يجعلهم يعيشون تحت الخيام في هذا البرد القارس، إضافة لقلة المؤون الغذائية وملابس الشتاء ووسائل التدفئة وخدمات المياه والإصحاح والرعاية الصحية.
ما طبيعة الجهود التي تقوم بها "قطر الخيرية" في المساهمة في الحد من آثار الزلزال؟
لقد كانت "قطر الخيرية" من أول المبادرين لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمنكوبين باعتبار أن لها فرقا ميدانية في كل من تركيا وسوريا. لذا، فقد بادرت بتقديم المساعدات في عدة مجالات إنسانية منذ الساعات الأولى التي أعقبت الزلزال الأول والثاني ومن هذه المساعدات: مساعدات الإيواء والمواد غير الغذائية عبر توزيع الخيام والبطانيات وملابس الشتاء، والمساعدات الغذائية المُتمثلة في توزيع الوجبات الجاهزة والسلال الغذائية وتشغيل المطابخ المتنقلة وتشغيل المخابز، والمساعدات الصحية عبر توزيع حقائب إسعافات أولية وتشغيل 8 مراكز صحية في سوريا، وبالإضافة إلى ذلك، قدمنا مساعدات في مجال المياه والإصحاح تمثلت في توزيع حقائب النظافة الشخصية. أما مساعدات مجال الحماية فقد قامت "قطر الخيرية" بتوفير معدات الإنقاذ.
وهذه المساعدات تأتي في إطار الحملة التي بادرنا بإطلاقها على الفور تحت شعار "أغيثوا متضرري الزلزال- تركيا وسوريا"، وضمن مبادرة "قطر الخيرية" رفقاء لرعاية الأطفال والأيتام عبر العالم، خاصة أن "قطر الخيرية" تكفل أكثر من 6500 شخص في تركيا تضرر منهم أكثر من 4522 مكفولا.
وقد وصلت قيمة مساعداتنا -حتى الآن- أكثر من 22 مليون ريال (نحو 6 ملايين دولار) في تركيا، و39 مليونا (10.7 ملايين دولار) في الشمال السوري، وسنظل نواصل جهودنا المستمرة والممكنة لإغاثة مكفولينا من الأيتام وذوي الإعاقة والأسر المتضررة من كارثة الزلزال، ونحن نبذل أقصى ما في وسعنا من جهود إغاثية وطبية ميدانية في جنوب تركيا والشمال السوري.
وما الخطوات الجديدة التي تعتزمون القيام بها مستقبلا؟
تقوم "قطر الخيرية" حاليا بإعداد خطة لانتعاش المبكر المتكامل تشمل جميع القطاعات المتأثرة بالزلال مثل الصحة والتعليم والمياه والإصحاح والسكن وسبل كسب العيش على أن تكون لها صفة الاستدامة والمرونة مثل مشروع مدينة الكرامة الذي تُخطط الجمعية لإطلاقه قريبا.
ما هي الاحتياجات العاجلة بالنسبة للمنكوبين في تركيا وسوريا في هذا الوقت الحالي؟
وفقا لما لمسناه من زياراتنا الميدانية وتقارير فرقنا العاملة في الميدان فإن توفير المأوى المؤقت المتمثل في "الكرفانات" يأتي على رأس قائمة الأولويات للسكان المنكوبين في كل من تركيا وسوريا. ويأتي ثانيا مساعدات الإمدادات الغذائية والرعاية الصحية.
وهذه الاحتياجات تحتاج إلى توفير الموارد المالية والبشرية لتوفيرها وتوزيعها على المنكوبين، ولا يتم ذلك إلا بتكاتف ومساندة جميع المؤسسات الإنسانية والمتبرعين والخيرين، وكذلك على مستوى الصعيد الدولي.
ما أبرز الصعاب التي تواجه عملكم في هذا الصدد؟
من أبرز الصعاب هي عدم توفر كل متطلبات تقديم الإغاثة العاجلة بالكميات المطلوبة نظرا لحجم الكارثة الكبير، وكذلك من العقبات كبر مساحة المنطقة المتأثرة حيث شملت 11 ولاية في تركيا واغلب محافظات شمال غرب سوريا المجاورة للحدود التركية خاصة ريفي حلب وإدلب بالإضافة الى تكاليف النقل الجوي والبحري والبري عالية الثمن.
هل هناك تنسيق بين "قطر الخيرية" وجهات أخرى في دعم منكوبي الزلزال؟
"قطر الخيرية" وإيمانا منها بأهمية التنسيق والتعاون المشترك مع الأطراف الفاعلة الأخرى أثناء الكوارث والأزمات، فأنها تقوم بالتنسيق داخليا مع "صندوق قطر للتنمية"، وجمعية الهلال الأحمر القطري، ومؤسسات خيرية مانحة أخرى، والقطاع الخاص. أما خارجيا فأنها تقوم بالتنسيق مع السلطات المحلية التركية، وعلى رأسها إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" والجمعيات الوطنية الفاعلة، وكذلك فعاليات التنسيق الأممي القطاعي.
هل العلاقات الإيجابية بين تركيا وقطر انعكست بشكل واضح على جهودكم الإغاثية والإنسانية؟
إن العلاقات بين تركيا وقطر هي علاقات أخوية وإنسانية متينة، وقد كان سمو أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، من أول مَن قام بزيارة تركيا من بين قادة العالم لتقديم تعازيه ودعمه للحكومة التركية والشعب التركي المنكوب بكارثة الزلزال، كما أمر بتوفير جسر جوى لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للمنكوبين، وكان من أول المتبرعين لحملة جمع التبرعات التي أطلقتها هيئة تنظيم الأعمال الخيرية بالشراكة بين "قطر الخيرية" وجمعية الهلال الأحمر، وكل ذلك انعكس على تسهيل عمل "قطر الخيرية" والقبول الذى تحظى به أمام السلطات في تركيا.
ما تقييمكم لمجمل الجهود والمساعدات الإقليمية والدولية التي يجرى تقديمها لتركيا وسوريا على صعيد مواجهة آثار الزلزال؟
لقد بادرت حكومات دول العالم المختلفة، ومن بينها دولة قطر، في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، وإرسال فرق الإنقاذ وإزالة الأنقاض، كما قامت الجمعيات الخيرية العالمية، ومن بينها "قطر الخيرية"، بتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة. ولقد كانت هذه المساعدات كافية لمرحلة التدخلات المنقذة للحياة، ولكنها غير كافية للمرحلة التالية، وهي مرحلة الانتعاش المبكر مثل توفير المأوى المؤقت.
برأيك، ما هي الأسباب التي أدت لتأخر المجتمع الدولي عن تقديم المساعدات الإغاثية في الشمال السوري؟ وماذا نتج عن هذا التأخير من كوارث إنسانية؟
كما هو معروف أن مناطق الشمال السوري تعانى ومنذ أكثر من 12 عاما من أوضاع إنسانية حرجة جدا بسبب الأزمة السورية التي أدت لتهجير العديد من الأسر إلى هذه المناطق، بالإضافة إلى مواسم الشتاء ووباء كوفيد-19، وأيضا تفشى الكوليرا، وأخيرا كارثة الزلزال التي لم تجد الاستجابة الكافية من المجتمع الدولي، وذلك بسبب الأوضاع والتقديرات السياسية وصعوبة الوصول لتلك المناطق بسبب التحديات الأمنية واللوجستية، مما أدى إلى تأخير فتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة، وخاصة معدات الإنقاذ التي تأخرت كثيرا، الأمر الذي ضاعف في عدد الخسائر البشرية، وكذلك تأخير المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة مثل الغذاء والدواء ومعينات الشتاء.
بعيدا عن زلزال تركيا وسوريا، ما أبرز المشروعات التي تقوم بها "قطر الخيرية" في المنطقة؟
قامت "قطر الخيرية" بتنفيذ العديد من المشاريع المهمة في مختلف القطاعات التنموية في تركيا مثل مشاريع التعليم وكفالة الأيتام، أما في سوريا فقد نفذت الجمعية العديد من المشاريع في مجالات التعليم والصحة والإيواء، بالإضافة إلى المشاريع الإغاثية.
كيف تقيم مجمل الجهود التي قامت بها "قطر الخيرية" منذ تأسيسها وحتى الآن؟
تتمتع "قطر الخيرية" بموارد مالية كبيرة وقدرات بشرية ذات خبرة طويلة في العمل التنموي والإنساني، مما وضعها على رأس قائمة الجمعيات الخيرية العاملة في هذا المجال في العديد من دول العالم عبر مكاتبها الميدانية التي تجاوزت الـ 33 مكتب ميداني وشركاؤها التنفيذيين، حيث تقوم بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة في عدد من القطاعات مثل الإيواء، والصحة، والأمن الغذاء، والمواد غير الغذائية. أما في المجال التنموي فإن الجمعية تقوم بتنفيذ مشاريع مختلفة في كافة القطاعات التنموية.