سياسة تركية

"زلزال" أكشنار يبعثر طاولة المعارضة التركية.. ومساع لمنع تفككها

طاولة المعارضة في تركيا دون أكشنار- تويتر
أعلن رئيسا بلدية أنقرة وإسطنبول، دعمهما لزعيم حزبهما كمال كليتشدار أوغلو، في الوقت الذي يعتزمان فيه عقد لقاء مع زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار لإقناعها بالعودة إلى طاولة المعارضة التي تعقد اجتماعا اليوم دون مشاركتها.

وتشهد تركيا زلزالا سياسيا بعد الإعلان الضمني لأكشنار عن مغادرتها الطاولة السداسية، وتصريحاتها بأنها لم تعد تمثل إرادة الشعب.

وعلى مدار الساعات الماضية، شهدت أنقرة حراكا مكثفا من مختلف الأحزاب التركية المعارضة، فيما أصدرت الأحزاب الأربعة الأخرى على الطاولة بيانات أكدت فيه على استمرارها في طريقها.

أول تعليق لأردوغان على أزمة الطاولة
واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن أحزاب المعارضة تقدم مصالحها الخاصة، مشيرا إلى أن تحالفه يستكمل أعمال خارطة الطريق، ومنشغل في إنقاذ الأرواح.

وأضاف أردوغان، لقد قلناها قبل أشهر "يجلسون ويتحدثون ثم يتفرقون" وفقا للمثل الإيراني، وهذا ما جرى فعلا.

وحول إمكانية ضم حزب الجيد إلى "تحالف الجمهور" قال أردوغان: "لا نية لدينا لجمع الأحجار المتساقطة".

الطاولة تؤكد على موقفها.. وأكشنار لن تشارك في اجتماع الاثنين
وأعلن حزب الجيد في بيان بعد اجتماع عقد مساء السبت، أن زعيمة الحزب ميرال أكشنار قررت عدم المشاركة في الاجتماع الذي يعقد الاثنين المقبل للطاولة السداسية والذي سيعلن فيه المرشح المشترك.

وأكدت الطاولة الخماسية، في بيان عقد لقادتها دون مشاركة أكشنار، أنها  مصممة على مواصل العمل في ذات الاتجاه، بما يتماشى مع المبادئ والاهداف التي وضعتها في اليوم الأول.

وتابعت في بيانها: "مصممون على بناء وإحياء "تركيا الغد"، وسنواصل الطريق.. وسنلتقي الاثنين وسنعلن عن مرشحنا وخارطة طريق العملية الانتقالية المتعلقة بالانتخابات.

إمام أوغلو ويافاش يدعمان زعيم حزبهما

وعقد الليلة الماضية، رؤساء البلديات الكبرى التابعة لحزب الشعب الجمهوري بمن فيهم أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش اجتماعا مطولا في أنقرة.

وعقب الاجتماع وجه إمام أوغلو ويافاش رسائل دعم إلى كليتشدار أوغلو عبر حساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى رفضهما للدعوة التي وجهتها لهما أكشنار من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية.

والسبت عقد 11 رئيس بلدية كبرى، اجتماعا مع زعيم حزب الشعب الجمهوري كليتشدار أوغلو، وبعد اللقاء تمت مشاركة صورة جماعية معه.

وفسر المراقبون وقوف إمام أوغلو إلى يمين كليتشدار أوغلو ويافاش إلى يساره، بأنه رد فوتوغرافي على أكشنار.



وشارك في الاجتماع الذي عقد مع كليتشدار أوغلو، رؤساء بلديات أنقرة وإسطنبول وإزمير، وأضنة، ومرسين، وتكيرداغ، وإسكي شهير، وأنطاليا، وموغلا، وآيدن.

وقال سعيد تورن مساعد رئيس حزب الشعب الجمهوري، إن رؤساء البلديات الـ11 أعلنوا دعمهم للسيد كليتشدار أوغلو، وأعربوا عن وقوفهم إلى جانبه في أي قرار يتخذه.

لقاء يجمع إمام أوغلو ويافاش مع أكشنار.. حزب الجيد ينفي
ويعتزم إمام أوغلو ويافاش، عقد لقاء مع زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، من أجل ثنيها على قرار الانسحاب من الطاولة السداسية، الأمر الذي نفاه حزب الجيد.

وأعلن حزب الشعب الجمهوري، في بيان مقتضب، أن كليتشدار أوغلو وافق على طلب رئيسي بلديتي أنقرة وإسطنبول بعقد لقاء مع أكشنار خارج المقر الرئيسي لحزب الجيد.

وتابع البيان، أن رئيسي البلديتين سينقلان إلى أكشنار أن إرادتهما مرهونة برئيس الحزب، ويريدان رؤية السيد كمال كليتشدار أوغلو كمرشح، وسيطالبان أكشنار بالبقاء في التحالف.

وأضاف البيان: "ليعلم الجميع أن القضية هي تركيا، ورئيسنا سيكون مرشحا وسيحصل على أصوات الجميع وسيمثل كافة الأطياف".

لكن حزب الجيد عبر المتحدث باسم كورشات زورلو، أكد أنه لا يوجد على الأجندة مثل هذا الاجتماع، ولم يقدم طلب بالخصوص.

حزب الجيد يشترط الاستمرار بالطاولة.. "الأبواب لم تغلق"

رئيس الكتلة البرلمانية في حزب الجيد إرهان أوستا، ذكر على قناة "خبر ترك"، أنه كان يجب أن يكون هناك إجماع على المرشح، وفي الاجتماع الذي عقد في 2 آذار/ مارس تم تبني قرار غير توافقي.

وأضاف: عندما طرح قادة الأحزاب اسم كليتشدار أوغلو على الطاولة، طرحت أكشنار اسم رؤساء البلديات أيضا، لكن القادة الخمسة الآخرين، يقولون إن علينا التوقيع وأن دورنا يقتصر على ذلك.

وتابع بأن هناك تصورا أدلى به البعض، بأن "أكشنار بعثرت الطاولة"، والصواب أن هناك طلبا لإبعاد زعيمة حزب الجيد من الطاولة.

وفي رده على الدعوة التي وجهتها أكشنار إلى إمام أوغلو ويافاش، وفسرت في أوساط حزب الشعب الجمهوري أنها تهدف لتقسيم الحزب، قال القيادي في حزب الجيد: "صحيح أنهما ينتميان إلى حزب الشعب الجمهوري، ولكنهما مرشحا تحالف الأمة" في الانتخابات البلدية.

وفي حديثه عما إذا كانوا سيحضرون اجتماع الاثنين، قال أوستا: "لم نتخذ القرار بهذا الشأن بعد.. سيتم تقييم الخطوات التالية التي سيتم اتخاذها من خلال اجتماعات الهيئة التنفيذية للحزب ورؤساء المقاطعات، الباب لا يزال مفتوحا".

وشدد على أنه إذا عادت الطاولة السداسية إلى مبادئها الأساسية، وتم قبول أن المرشح سيكون قبوله بالإجماع الكامل، وإذا جرى التأكيد على أن المبادئ لن تتغير فقد يستمر حزب الجيد في الطاولة السداسية.

وأضاف أنه إذا أرادوا فرض اسم معين، فلا فائدة من الحديث، كما أنه من الممكن الاتفاق على اسم آخر.

وفي رده على إمكانية الانضمام إلى تحالف الجمهور، قال أوستا: "نحاول إنقاذ البلاد من نظام الحكم الحالي، أبوابنا مغلقة تماما أمام تحالف الجمهور".

يشار إلى أن كواليس حزب الشعب الجمهوري، تؤكد أن كليتشدار أوغلو مصر على ترشحه ولا يعتزم العودة عن قراره، وهذا يعني أن استمرار حزب الجيد في الطاولة بات مستحيلا.

أوميت أوزداغ يلغي دعوة وجهها حول يافاش ويهاجمه
والجمعة، وجه زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ دعوة للتحشيد أمام بلدية أنقرة الكبرى من أجل إقناع منصور يافاش للترشح في الانتخابات.

ولكن بعد ظهور يافاش إلى جانب كليتشدار أوغلو وإعلانه دعمه لزعيم حزبه، ورفض زعيم حزب البلد محرم إنجه الانضمام إلى التجمع أعلن أوزداغ إلغاءه الدعوة.

وقال أوزداغ في تغريدة على حسابه في "تويتر": "لسوء الحظ، أعرب يافاش مرة أخرى عن ولائه لكمال كليتشدار أوغلو دون انتظار الحشد الشعبي له.. نسحب هذه الدعوة التي وجهناها أمس".

وتابع أوزداغ: "يا سيد منصور ليس لك الحق في خيانة الحب والثقة، لقد أدرت ظهرك لآمال الشباب التركي، أنت مخيب للآمال، تمنيت عدم فعلك ذلك".

ما مواقف أحزاب الطاولة السداسية من خروج أكشنار؟

زعيم حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، في بيان قال: "نحن نقف خلف الوعد الذي قطعناه لأمتنا، سنواصل طريقنا بنفس الإيمان والعزيمة والتصميم".

وأضاف: "سنجتمع الاثنين كما اتفقنا في الاجتماع الذي عقد الخميس، وسيكون الشعب ممتنا".

أما حزب "ديفا" برئاسة علي باباجان نشر بيانا قال فيه إنه لم يتم إجبار أي أحد على اتخاذ موقف ما، والتصريحات الاتهامية التي تجاوزت الأدب لا نراها صحيحة.

فيما قال زعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، إن حزبه سيواصل مسيرته بالوقوف خلف كل التوقيعات التي قام بها حتى الآن، مضيفا: "أدعو كل من عمل جنبا إلى جنب في هذه العملية الصعبة للتصرف بحكمة".

أما الحزب الديمقراطي بزعامة غولتكين أويصال، أكد على السير في ذات الطريق بإيمان وتصميم، متعهدا بالاستمرار في تحالف الأمة من أجل تحقيق السلام والرفاهية والعدالة والديمقراطية لكل مواطن في البلاد.

حزب الجيد يشهد استقالات

وشهد حزب الجيد استقالات متتالية، في الوقت الذي شهد فيه عودة جيهان باتشجي مساعد رئيسة حزب الجيد، بعد استقالته بسبب انتقادات وجهها إلى كليتشدار أوغلو في وقت سابق.

وأعلن العضو السابق في الهيئة التنفيذية لحزب الجيد، بولنت غورسوي استقالته من الحزب، معلنا دعمه لترشح كليتشدار أوغلو، فيما شهدت بعض المحافظات التركية حملة استقالات متتالية من عضوية الحزب.

وأكد خليل أكباير رئيس فرع الحزب في شانلي أورفا، استقالته، معلنا انضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري.

من الذي تسبب في تبعثر الطاولة؟

الكاتبة التركية كوبرا بار، ذكرت أن أكشنار أحدثت زلزالا سياسيا بلغت قوته 9 درجات تقريبا، لكن المعضلة أنه رغم أن القادة الخمسة الجالسين على الطاولة رأوا ان هناك مخاطر قد تحدث، إلا أنهم لم يتخذوا أي إجراءات بتجاهلهم مطالب الجمهور بالكشف عن المرشح طوال عامل كامل، فبدلا من إيجاد حل بناء للمشكلة قاموا بتأجيلها حتى اللحظة الأخيرة.

وأضافت في تقرير على قناة "خبر ترك"، أنه سابقا كانوا يقولون بأنه "سيتم تحديد المرشح بالإجماع"، وعلى الرغم من أنه قيل إنه إذا اعترض أحد القادة الستة على اسم معين فلن يكون مرشحا وسيتم مناقشة أسماء أخرى، إلا أنه تم فرض عبارة "القبول أو المغادرة" على أكشنار.

وبعبارة أخرى، لم تكسر أكشنار الطاولة، بل إن القادة الخمسة وخاصة كليتشدار أوغلو اتخذوا موقفا يعني أنه لا يهمهم منا يعتقده حزب الجيد أو الناخبين المعارضين.

وأكدت الكاتبة توافقها مع القول بأن أكشنار لم تترك الطاولة، بل تم إبعادها، وكان الاعتقاد بأنها قد تقبل ترشح كليتشدار أوغلو على اتخاذ مخاطرة سياسية كبيرة.

وتابعت الكاتبة بأن حزب الشعب الجمهوري لم يتمكن من رؤية حقيقة واضحة بأنه ليس أكشنار فقط بل كافة كوادر حزب الجيد اعترضوا على ترشح كليتشدار أوغلو، والرأي السائد لدى الحزب بأنه مورس ضده عيب كبير.

وأضافت الكاتبة بان دعوات حزب الجيد للاستماع إلى نبض الشارع رفضت باستمرار، وتم تجاهل دعوات القواعد الشعبية بشأن إمام أوغلو ويافاش. لأن كليتشدار أوغلو اتخذ قراره بالترشح تحت تأثير الدوائر المقربة له.

وتابعت بأن الأحزاب الأربعة الصغيرة تجاهلى أيضا قواعدها بشان كليتشدار أوغلو، وأعطت الأولوية لضمان وجودها في البرلمان.

التطورات ستؤثر على انتخابات البلدية في 2024

وذكرت الكاتبة بان الأزمة ستؤثر على الانتخابت البلدية التي ستجرى في عام 2024، وليس فقط على الانتخابات التي ستجرى بعد ثلاثة أشهر.

وعمل حزبا الشعب الجمهوري والجيد بمنطق التحالف في البلديات التي فازوا بها معا، والتساؤل: "كيف سيديرون هذه المناطق بعد هذا الصدع الكبير؟، وحتى لو نجا يافاش او إمام أوغلو من عاصفة الترشح، "فكيف سيديران التوتر بين الحزبين حتى انتخابات البلدية المقبلة؟".

لن يعود الحزبان للعمل  معا بعد الآن
ورأت الكاتبة بأن حزبي الشعب الجمهوري والجيد، من الصعب عليهم العودة للعمل معا بعد هذا الوقت.

وتحت تأثير شهر من التوتر، كانت كافة الأطراف على الطاولة مثقلة بالتصريحات القاسية، وسيؤدي موقف أكشنار إلى إعلان المقربين من حزب الشعب الجمهوري بأن زعيمة حزب الجيد هي المذنبة.

ورأت الكاتبة أن الناخب التركي يقف دائما إلى جانب الضحية في السياسة، وفي الصورة الحالية، يعتقد البعض بأن أكشنار كانت ضحية من قادة خمسة أحزاب، في حين يرى البعض بأن أكشنار بعدم قولها "نعم" لكليتشدار أوغلو فإنها غدرت بالمعارضة بأكملها.

وشددت على أنه بعد هذه المرحلة، لم يعد من المرجح الحديث عن فوز المعارضة في الانتخابات من الجولة الأولى، واحتمال فوز أردوغان أعلى مما كان عليه في العامين الماضيين.

وأكدت أن أكشنار ليست هي التي أفسدت الطاولة، بل القادة الخمسة الذين رفضوا إجابة الجمهور عن المرشح، لكن جميعهم سيدفعون الفاتورة معا.