في غمرة
الاستقطاب المتزايد، باتت تسود
الإسرائيليين قناعات جديدة بأن مجتمعهم يقع
اليوم تحت سيطرة جيل أحفاد المؤسسين، المسمّين "الجيل الثالث"، ما قد يشكل
لعنة حقيقية على مستقبل الدولة.
كوبي
ريختر كتب بصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، أن "افتقاد الجيل الإسرائيلي الثالث
لإطار عمل مستدام لمستقبل الدولة سيدفعه لتفكيكها، وهناك العديد من الأمثلة للكيانات
التي تفككت في جيل التأسيس الثالث، فحلم الكيبوتس الصهيوني تحقق بداية القرن العشرين،
لكنه
تفكك في الكيبوتسات المخصخصة في التسعينيات، فيما ولدت فكرة روسيا الشيوعية في
العقد الأول من القرن العشرين، ثم فككها ميخائيل غورباتشوف في الثمانينيات، وكذلك تفككت
المملكة الإسرائيلية اليهودية مرتين في العقد الثامن من عمرها، فهل يعيد التاريخ نفسه؟".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "وصول إسرائيل إلى العقد الثامن من عمرها
يتزامن مع وجود عينة من المؤسسين غير المثاليين الذين يحكمونها، في ظل ما يقومون به
من إجراءات لتجاوز الدستور، عبر إنشاء طريقة أخرى من التقاليد القانونية، من خلال رؤية
الكنيست الحالي لنفسه، رغم أنها هيئة تشريعية ذات عمر قصير وعابر، على أنها تتمتع بحقوق
الجمعية التأسيسية، وتضطلع بمهمة إلغاء صلاحية القوانين، وهذه بالضبط الآلية التي يتم
من خلالها تدمير المجتمع الإسرائيلي في حقبة الجيل الثالث".
عوفر
شيلح، عضو الكنيست السابق والباحث بمعهد دراسات الأمن القومي، أكد أن "المجتمع
الإسرائيلي يشهد حالة من التفكك والانهيار، دفعت بمسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي للإعلان
أننا نواجه أسوأ أزمة في جيش الاحتياط منذ عام 1973، حين فشلت القيادة آنذاك، وبعد
عقد من الزمن تقريبا اندلعت حرب لبنان الأولى 1982، حين شهدت الدولة حالة من إخفاق
المعلومات الاستخبارية تبعه فشل سياسي، تسبب بحرب حمقاء شنتها حكومة مناحيم بيغن".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21"، أن
"ما يحدث منذ إعلان خطة نتنياهو-ليفين لتغيير التوازن بين السلطات الثلاث: التنفيذية
والتشريعية والقضائية، كشف عما يعانيه المجتمع الإسرائيلي المنقسم إلى عشائر تتصادم
مع بعضها البعض، ما يزيد من تدهور صورته، لأن هذا المجتمع الإسرائيلي باتت تقوده ثقافة
القوة، وغياب قواعد اللعبة، والعمل بشكل أساسي لضرب الآخر الإسرائيلي، ما يدفع بالإسرائيليين
للشعور بالانفصال والغربة".
وأكد
أن "إسرائيل التي تتجاهل قيادتها مخاطر أفعالها، وتهدد بإيذاء مواطنيها اقتصاديًا
ومعنويًا، ليس لديها فرصة لإجبارهم على القيام بالعمل المدني الأسمى المتمثل بالمشاركة
في الدفاع عنها، لأنهم رويدا رويدا باتوا يشعرون بالغربة بشكل متزايد في هذا الواقع
الذي يحيونه، الأمر الذي يعني من الناحية العملية تقويض أسس بناء الدولة، وزيادة الخطر
على مستقبلها".
يعتبر
تكرار مفردة "التفكك" بين الإسرائيليين نتيجة طبيعية بعد دخول حكومتهم السابعة
والثلاثين شهرها الثالث، وهي تعيش في حالة غير مسبوقة من الخلافات الداخلية، ما قد
يجعل الأوضاع برمتها أمام أحداث تاريخية غير متوقعة، لأن الحلبة السياسية الداخلية
تتدحرج نحو مزيد من الفوضى، والساحة الخارجية تكشف عن مزيد من الإخفاقات، وسط تساؤل
حقيقي يطرحه الإسرائيليون عن هوية صاحب القرار الحقيقي في الدولة.