نجحت وساطة
قطرية في الإفراج عن المعارض الرواندي بول
روسيسباغينا، الذي اعتقل بعد انتقاده الحكومة.
والجمعة، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، أن المعارض الرواندي بول روسيسباغينا سينقل إلى قطر ثم إلى
الولايات المتحدة.
وقال مسؤولان أمريكيان لوكالة رويترز، إنه لم يتم تقديم تنازلات مادية لتأمين الإفراج عن روسيسباغينا، الذي ذاع صيته بفضل فيلم (هوتيل
رواندا) "فندق رواندا" إنتاج 2004 الذي يسرد دوره في إنقاذ أفراد من قبيلة التوتسي خلال الإبادة الجماعية في 1994.
واعتقل روسيسباغينا في 2019 وأدين بعدها بارتكاب ثماني تهم بالإرهاب بسبب دوره القيادي في حركة رواندا من أجل التغيير الديمقراطي الذي هاجم جناحها المسلح، جبهة التحرير الوطني، رواندا.
وأدى اعتقاله إلى توتر العلاقات بين البلدين. وقالت الولايات المتحدة إن روسيسباغينا اعتُقل بشكل غير قانوني، بينما اتخذت رواندا موقفا دفاعيا أمام الانتقادات قائلة إنه لن يتم تخويفها.
من بطل هوليوودي إلى مدان "بالإرهاب"
استوحي فيلم "
هوتيل رواندا" (فندق رواندا) من جهود بول روسيسباغينا لإنقاذ أكثر من ألف شخص خلال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، لكن الرجل صاحب الملامح الهادئة تحول من شخصية مشهورة إلى مدان بتهم "إرهاب" في بلاده.
يروي فيلم "هوتيل رواندا" للمخرج تيري جورج الذي عرض عام 2004، كيف أنقذ الرجل المنتمي لإثنية الهوتو أكثر من ألف شخص خلال الإبادة الجماعية عام 1994 التي خلفت 800 ألف قتيل معظمهم من التوتسي، عندما كان مدير فندق "أوتيل ديميل كولين" في كيغالي.
جسّد شخصيته الممثل الأمريكي دون تشيدل في الفيلم الذي صورّه على أنّه شخص ناكر للذات ولطيف الكلام، وهو أيضا من أشد منتقدي الرئيس الرواندي بول كاغامي.
الرجل البالغ الآن 68 عاما عاود الظهور في رواندا في آب/ أغسطس 2020، بعد قضاء نحو 25 عاما في المنفى. لكنه ظهر في بلاده مرتديا بدلة سجين ومكبّل اليدين، بعدما تعرض "للخطف" وفق تعبيره.
اتُهم روسيسباغينا بأنه العقل المدبر للهجمات التي تُتهم جبهة التحرير الوطني المتمردة بتنفيذها بين عامي 2018 و2019، وهو ما ينفيه هو وعائلته.
ويؤكد أقاربه أنه كان دائما الرجل الشجاع والهادئ والحازم الذي ظهر في الفيلم الهوليوودي الشهير.
وقالت ابنة شقيقته التي تبنّاها كارين كانيمبا في تشرين الأول/ أكتوبر 2020: "لطالما دافع أبي عن العدالة والسلام وحقوق الإنسان. والآن تنتهك حقوقه".
رجل عادي
ولد بول روسيسباغينا عام 1954 لعائلة مزارعين في وسط رواندا، ودرس اللاهوت لفترة وجيزة، ثم الضيافة في كينيا وسويسرا.
إثر عودته إلى رواندا عام 1984، تم تعيينه نائبا للمدير العام لأرقى فندق في العاصمة كيغالي، "أوتيل ديميل كولين".
عندما بدأت الإبادة الجماعية في نيسان/ أبريل 1994، لجأ مئات الأشخاص معظمهم من التوتسي إلى الفندق.
تحدث الهوتو المعتدل المتزوج بامرأة من التوتسي، مع القتلة وهدأهم بتقديم زجاجات بيرة لهم، واستخدم صلاته للحصول على الطعام، بينما شرب "ضيوفه" الماء من حوض السباحة. واستخدم فاكس الفندق لتوجيه رسائل استغاثة إلى الحكومات الأوروبية والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
وصفه الصحفي الأمريكي فيليب غوريفيتش، الذي التقاه، بأنه "رجل لطيف، قوي البنية مظهره عادي".
لكن بول روسيسباغينا شعر بخيبة أمل من السلطة الجديدة التي يهيمن عليها التوتسي، والتي أطاحت بنظام الهوتو المتطرف ووضعت حدا للإبادة الجماعية.
ويتهم الجبهة الوطنية الرواندية وزعيمها بول كاغامي بالتسلط وبإذكاء المشاعر المعادية للهوتو. وغادر روسيسباغينا البلاد عام 1996 مع زوجته وأولاده إلى بلجيكا والولايات المتحدة.
شهرة وانتقادات
منحه عرض فيلم "فندق رواندا" عام 2004 شهرة مفاجئة، فتم تكريمه في الولايات المتحدة بوسام الحرية الرئاسي، وألقى محاضرات حول العالم..
غير أنه تعرض لانتقادات من ناجين من "ميل كولين" اتهموه بالاستفادة من محنتهم وتضخيم دوره.
ومع تنامي شهرته، تزايدت حدة انتقادات روسيسباغينا لبول كاغامي، الأمر الذي عرضه لهجمات من أنصار النظام.
ارتبط الناشط بجماعات معارضة في المنفى، وشارك عام 2017 في إنشاء الحركة الرواندية للتغيير الديمقراطي التي تعتبر جبهة التحرير الوطني جناحها المسلح.
في عام 2018، اعتبر في مقطع فيديو أن "الوقت حان لاستخدام كل الوسائل الممكنة لإحداث التغيير في رواندا، لأن كل الوسائل السياسية جُربت وفشلت". لكنه نفى دائما أي ضلوع في الهجمات التي حوكم على خلفيتها.