يسود
التوتر أجواء ريف دير الزور الشرقي لليوم الثالث على التوالي، وذلك إثر تجدد عمليات
القصف المتبادل بين
المليشيات المدعومة من
إيران، وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات
المتحدة، ليل السبت.
وفي
التفاصيل، أفادت مصادر محلية لـ"عربي21" بأن طائرات التحالف ما زالت تحلق
بكثافة في أجواء المنطقة، وذلك بعد تعرض قاعدتي حقل كونيكو للغاز وحقل العمر النفطي
لاستهداف صاروخي لأكثر من مرة، من قبل المليشيات المدعومة من إيران الموجودة في المنطقة.
وأدت
الهجمات إلى جرح جندي أمريكي، في حين سقطت بعض الصواريخ التي أطلقتها المليشيات الإيرانية
على منازل مدنيين.
يأتي
ذلك، بعد أن استهدف هجوم بطائرة مسيرة ليل الخميس منشأة صيانة في قاعدة لقوات التحالف
قرب الحسكة في شمال شرق
سوريا، ما أدى إلى مقتل متعاقد أمريكي، وإصابة خمسة عسكريين
أمريكيين ومقاول أمريكي آخر.
ورد
الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية أعلن من خلالها عن مقتل 14 مقاتلاً من عناصر المليشيات
المدعومة من إيران.
وفي
أعقاب الضربات قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: "الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع
مع إيران، لكنها مستعدة للتحرك بقوة لحماية الأمريكيين"، مضيفاً للصحفيين:
"توقعوا أن نتصرف بقوة لحماية شعبنا".
في حين
أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أن إجراءات الولايات المتحدة
في سوريا كانت تهدف إلى حماية القوات الأمريكية هناك، داعياً إيران إلى عدم المشاركة
في دعم الهجمات على المنشآت الأمريكية.
من جانبها،
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلاً عن مسؤول أمريكي إن "نظام
الدفاع الجوي الرئيسي في قاعدة التحالف في شمال شرقي سوريا لم يكن يعمل بكامل طاقته
عندما تعرض لهجوم من مسيرة إيرانية الصنع".
في المقابل،
نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصدر أمني إيراني مساء السبتـ، قوله إن "أي هجمات
أمريكية على قواعد أقيمت بطلب من دمشق، ستقابل بالرد الفوري".
تصعيد
إيراني محدود؟
وأمام
ذلك، تثار تساؤلات عن مآل التوتر بين المليشيات المدعومة من إيران وقوات التحالف الدولي،
ويقول المسؤول في موقع "الشرق نيوز" المراقب للتطورات في دير الزور، فراس
علاوي، من دير الزور إن "المنطقة باتت تستعيد الهدوء بشكل تدريجي منذ ظهر السبت،
ما يجعلنا نعتقد أن المواجهة الشاملة مستبعدة".
ويضيف
لـ"عربي21" أنه "يبدو أن إيران تصعد في أكثر من منطقة، في اليمن وسوريا،
للقول للولايات المتحدة إنها موجودة، لكن من دون أن ينزلق التصعيد نحو مواجهة شاملة".
وهنا
أشار علاوي إلى تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده ليست بصدد الذهاب إلى مواجهة
مع إيران، ويقول: "الواضح أن الجيش الأمريكي سيرد على مصادر النيران فقط، والوضع
في شرق الفرات لا يساعد على الدخول في مواجهة كبيرة، لأن عدد القوات الأمريكية قليل
جداً، فضلاً عن احتمالية انتقال التوتر من سوريا إلى العراق المجاور".
ولفت
علاوي إلى محاولات الأطراف الأوروبية الهادفة إلى إعادة إيران والولايات المتحدة إلى
طاولة الاتفاق النووي، ويقول: "عموماً لا يميل الحزب الديمقراطي الأمريكي إلى
الدخول في أي مواجهة مع إيران، بخلاف الحزب الجمهوري".
"رداً
على استهداف مطار حلب"
من جانبه،
ربط الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل المعراوي بين التصعيد في دير الزور والضربات
الإسرائيلية "المؤلمة" لمطار حلب الدولي قبل نحو أسبوع، قائلاً إن
"إيران تتهم الولايات المتحدة بتسهيل الضربات الإسرائيلية في سوريا، وتقديم المعلومات
الاستخباراتية".
وأضاف
لـ"عربي21" أن "إيران لا تخفي مشروعها الرامي لإخراج القوات الأمريكية
من المنطقة في استكمال للانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط الكبير والذي بدأ في عهد
الرئيس بايدن من أفغانستان".
ومن
وجهة نظر إيران، فإنه يشكل الوجود الأمريكي في شرقي الفرات خطراً كبيراً على المشروع الإيراني
في المنطقة، حيث يعيق الانتشار الأمريكي في شرق دير الزور والتنف السيطرة المطلقة للمليشيات
الإيرانية على كامل الحدود العراقية السورية، علاوة على حرمان المليشيات من موارد
النفط والغاز في هذه البقعة الغنية، كما يؤكد المعراوي.
وبحسب
المعراوي، فإن الولايات المتحدة تجني ثمار إهمال الحلفاء في المنطقة، معتبراً أن
"طهران تمكنت مؤخرا من اختراق الجدار السعودي".
وعلى
نحو متكرر، تتعرض القواعد الأمريكية في شرقي الفرات لهجمات بطائرات مسيرة وقذائف من
المناطق التي تشهد وجوداً عسكرياً للمليشيات المدعومة من إيران في دير الزور.