يبدو أن العلاقات
الاقتصادية بين
الإمارات والاحتلال
الإسرائيلي، أكثر صلابة من العلاقات السياسية التي توترت عدة
مرات في الفترة الأخيرة.
ويقول محللون إن التزام الإمارات
العربية المتحدة بعلاقة استراتيجية طويلة الأمد مع إسرائيل سيصمد أمام الاضطرابات
السياسية، بعد أن أثار أحد أكثر الائتلافات الحاكمة يمينية في تاريخ إسرائيل غضبا
واسع النطاق.
وأثارت سلسلة من التحركات والتصريحات
في الآونة الأخيرة لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غضب الرأي العام في كثير
من أنحاء العالم العربي، وأثارت إدانة من الإمارات بما في ذلك إدانتها لسياسة
الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
ورغم هذا تعزز التعاون الاقتصادي
والتجاري وهو المحرك الرئيسي لتطبيع الإمارات للعلاقات مع إسرائيل في عام 2020،
والذي كان خروجا على عقود من السياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية.
وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية
(وام) إن اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين البلدين دخلت حيز التنفيذ السبت الماضي
لتلغي أو تقلص الرسوم الجمركية على أكثر من 96 بالمئة من المنتجات.
والاتفاقية وُقعت في أيار/ مايو 2022،
واعتبرها سفير الإمارات العربية المتحدة لدى إسرائيل "لحظة تاريخية"،
وهي أول اتفاقية
تجارة حرة بين إسرائيل ودولة عربية. وأعلن عملاق الطاقة الإماراتي
أدنوك الأسبوع الماضي أنه جزء من عرض مشترك قيمته مليار دولار لشراء نصف شركة إنتاج
الغاز الطبيعي الإسرائيلية نيوميد إنيرجي.
ويأتي ذلك في أعقاب شراء مبادلة للطاقة
في أبو ظبي في عام 2021 نسبة 22 بالمئة في حقل غاز تمار الإسرائيلي مقابل نحو
مليار دولار.
وقال نيل كويليام، الباحث في تشاتام
هاوس، والمشارك في كتابة تقرير جديد عن
التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية
المتحدة لرويترز إن عرض شراء نيوميد إنيرجي "يدل على استثمار طويل الأجل في
قطاع الطاقة الإسرائيلي، مما يوضح المدى الذي وصلته العلاقة من الناحية
الاستراتيجية".
وقال إن هذا "يربط مصالح الإمارات
بأمن الطاقة الأوروبي، وهو ما سيكون بمثابة ثقل مقابل الضغط القوي للاتحاد
الأوروبي على أهداف صافي الصفر".
وكانت الإمارات العربية المتحدة أول
دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ ما يقرب من ثلاثة عقود في صفقة
توسطت فيها الولايات المتحدة وشملت أيضا البحرين والمعروفة باسم اتفاقيات إبراهيم.
وحفز على إبرام الاتفاقيات المخاوف المشتركة من إيران كما أنها جزء من إعادة ترتيب
أوسع للتحالفات على المستوى الإقليمي.
لكن التطورات السياسية امتحنت العلاقة
الدبلوماسية.
وبالإضافة إلى قرار إسرائيل الاستيطاني
الذي أدانته الإمارات، أثار قول وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إنه
لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني الغضب في جميع أنحاء العالم العربي.
يأتي ذلك في ظل الخلاف الداخلي الكبير
في إسرائيل حول التعديلات القضائية. ولم يقم رئيس الوزراء نتنياهو، الذي ترأس
الحكومة السابقة عند توقيع اتفاقات إبراهيم، بزيارة الإمارات بعد.
وقال مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية
إن العلاقات الثنائية "تزداد قوة" وأشاروا إلى الاتفاق التجاري الذي
أبرم في الآونة الأخيرة لدى سؤالهم عن السبب في عدم زيارة نتنياهو للإمارات حتى
الآن.
فرص تجارية
ترى إسرائيل، المعزولة اقتصاديا
وسياسيا إلى حد كبير من جيرانها في الشرق الأوسط، أن العلاقات هي وسيلة للوصول إلى
فرص تجارية جديدة في الخليج وما وراءه. وتعمل الإمارات العربية المتحدة على تعزيز
التعاون مع إسرائيل في قطاعات المالية والطاقة والأمن والتكنولوجيا وأمن المياه.
التحركات الأخيرة للمضي قدما في
التجارة والاستثمار تشير للشركات في الجانبين إلى أن الضغوط السياسية لا ينبغي أن
تثبط الهمة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية.
بلغ حجم التجارة الثنائية غير النفطية
بين البلدين أكثر من 2.5 مليار دولار في عام 2022، وتأمل الإمارات في زيادة هذا
الحجم إلى 10 مليارات دولار بحلول عام 2030.
وقال المعلق السياسي في الإمارات عبد
الخالق عبد الله: "السياسة الإسرائيلية صعبة بالتأكيد وهناك الكثير من
التقلبات. لكن اتفاق التطبيع قرار استراتيجي وسيستمر رغم كل ما يحدث في
إسرائيل".
وتقول غرفة دبي الدولية، التي افتتحت
مكتبا في تل أبيب في كانون الأول/ ديسمبر، إن هناك بالفعل حوالي 1000 شركة
إسرائيلية تعمل في الإمارات العربية المتحدة.
ويوم الخميس الماضي، أعلنت إسرائيل
أيضا عن سبع رحلات أسبوعية إضافية بين البلدين بالإضافة إلى عشرات يجري تسييرها
بالفعل.
وتعتبر اتفاقية الشراكة الاقتصادية
الشاملة مع إسرائيل جزءا من استراتيجية أوسع للإمارات نحو شراكات عالمية لتعزيز
اقتصادها وتنويع مصادره.
واستضافت الإمارات في شباط/ فبراير اجتماع
مجموعة آي.تو.يو.تو الاستراتيجية التي تضم الهند وإسرائيل والإمارات والولايات
المتحدة، وهي مجموعة تعاون اقتصادي تم إنشاؤها العام الماضي.
وقال كويليام من تشاتام هاوس: "ستكون هناك ضغوط وتوتر في العلاقة وقد تؤدي إلى التشكيك في مدى قدرتها على
الاستمرار".
وأضاف: "بغض النظر عن المدى السيء
الذي يمكن أن تسير إليه الأمور، فإن البعد الاقتصادي للشراكة سيحافظ عليها خلال
الأوقات الصعبة".