ذكرت صحيفة
نيويورك تايمز أن مجموعة
جديدة من الوثائق السرية التي يبدو أنها تتناول بالتفصيل أسرار الأمن القومي
للولايات المتحدة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط والصين ظهرت على مواقع التواصل
الاجتماعي الجمعة.
وكان تسريب سابق لوثائق عسكرية أمريكية
سرية على وسائل التواصل الاجتماعي قد أعطى صورة جزئية للحرب في أوكرانيا.
وتتضمن هذه الوثائق العائدة لمطلع
آذار/ مارس الماضي على ما ذكرت الصحيفة، الوتيرة التي تستخدم فيها القوات
الأوكرانية ذخائر قاذفات الصواريخ من طراز هيمارس والجدول الزمني لتسليم الأسلحة
والتدريبات التي يوفرها الغرب للجيش الأوكراني.
وجاء في هذه
التسريبات أن كييف بصدد
تشكيل 12 لواء جديدا من بينها تسعة تدربها الولايات المتحدة وتجهزها على ما ذكرت
"
نيويورك تايمز".
وفي أول رد أوكراني، قال مسؤول
بالرئاسة الأوكرانية الجمعة إن الوثائق السرية المسربة تبدو وكأنها عملية تضليل
روسية لبث الشكوك في الهجوم المضاد الذي تعتزم أوكرانيا شنه.
وقال ميخايلو بودولياك إن المعلومات
المسربة التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز تحتوي على "قدر كبير جدا من
المعلومات الوهمية" وإن
روسيا تحاول استعادة زمام المبادرة في الغزو.
وذكر في بيان مكتوب "إنها مجرد
عناصر عادية لألاعيب المخابرات الروسية. ولا شيء أكثر من ذلك".
على جانب آخر، تحاول وزارة الدفاع الأمريكية
تحديد مصدر تسريب الوثائق السرية التي نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وردا على سؤال، قالت وزارة الدفاع الأمريكية
إنها تحقق في هذه المسألة. وقالت الناطقة باسم البنتاغون: "نحن على اطلاع على
المعلومات الصحافية بشأن رسائل نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي والوزارة تبحث في
المسألة".
كما قالت وزارة العدل الأمريكية الجمعة
إنها بدأت تحقيقا في تسريب الوثائق العسكرية الأمريكية السرية.
وذكر متحدث باسم الوزارة: "نحن
على تواصل مع وزارة الدفاع فيما يتعلق بهذه المسألة وبدأنا تحقيقا. نمتنع عن الإدلاء
بمزيد من التعليقات".
وقال ثلاثة مسؤولين أمريكيين لرويترز الجمعة
إن من المرجح أن تكون روسيا أو عناصر موالية لها وراء تسريب العديد من الوثائق
العسكرية الأمريكية السرية.
وقال المسؤولون الأمريكيون الذين رفضوا
كشف هوياتهم، إن الوثائق جرى تعديلها على ما يبدو لتقليل عدد القتلى والمصابين في
صفوف القوات الروسية، وأضافوا أن تقييماتهم غير رسمية ولا ترتبط بتحقيق يجري في
عملية التسريب نفسها.
تفاصيل التسريبات
ونشرت صحيفة "
نيويورك تايمز"
تقريرا أعدته هيلين كوبر وإريك شميدت حول الوثائق المسربة التي تبدو كصور لمخططات حول الأسلحة المتوقع وصولها وقوة الجنود والألوية
والخطط الأخرى تمثل اختراقا للمخابرات الأمريكية وجهودها في مساعدة
أوكرانيا.
ونظرا لأن الوثائق تعود إلى خمسة
أسابيع سابقة، فهي تقدم رؤية عن موقف الأمريكيين من قدرات الأوكرانيين وما يحتاجون
إليه للحملة. وبالنسبة للمراقبين العسكريين الروس والمخططين وأجهزة الاستخبارات
فهي تقدم العديد من القرائن والأدلة المحيرة، فهي تذكر مثلا، معدل الإنفاق على
صواريخ هيمارس والذي يمكن إطلاقها ضد الأهداف مثل مخازن الذخيرة
والبنى التحتية وتجمعات الجنود من مناطق بعيدة.
وقال محللون للصحيفة إنه من الصعب
تحديد أثر الوثائق على الواقع الميداني الآن وفي الأشهر المقبلة، فقد كافحت روسيا
في الأشهر الأخيرة لتحقيق تقدم في شرق أوكرانيا، ويناقش المحللون الغربيون قدرة
الروس على شن هجوم جديد أو دفع هجوم أوكراني.
ولا يعرف الكيفية التي وصلت فيها
الوثائق إلى منصات التواصل الاجتماعي إلا أن المنصات والقنوات الموالية لروسيا
قامت بنشرها وتوزيعها.
وقال مايكل كوفمان، مدير الدراسات
الروسية في مركز سي أن إي، وهو معهد بحث في أرلينغتون بفرجيينا: "سواء
كانت الوثائق صحيحة أم لا، فإن على الناس اتخاذ الحيطة والحذر من أي شيء ينشره
الروس".
وتشير الوثائق إلى أن 16،000–
17,500 جندي روسي قتلوا في أوكرانيا، فيما قتل 71,500 جندي أوكراني، مع أن
البنتاغون ومحللين آخرين يقدرون عدد الجنود الروس الذين قتلوا أو جرحوا بحوالي
200,000 جندي أما الجانب الأوكراني فيصل عدد قتلاه وجراحه إلى 100,000 جندي.
ويعترف المحللون بأن جزءا من الوثائق
صحيح ويقدم للروس رؤية عن مكامن الضعف في التحضيرات الأوكرانية مثل تسلم الأسلحة
الجديدة وعدد الجنود الذين يتم حشدهم ومعلومات أخرى.
وبحسب وثيقة مسربة كتب عليها "سري
للغاية" وبعنوان "وضعية النزاع حتى 1 آذار/ مارس"، ففي ذلك اليوم
كان المسؤولون الأوكرانيون في القاعدة الأمريكية ويزبادن بألمانيا لحضور جلسات عن
مناورات الحرب، وبعد يوم زار رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكي الجنرال
مارك ميلي وقائد قوات الحلفاء الجنرال كريستوفر كافولي الجلسات.
وفي وثيقة أخرى تشمل على معلومات حول
الوحدات الأوكرانية والمعدات والتدريب ومواعيد من كانون الثاني/ يناير حتى
نيسان/ إبريل.
وتذكر الوثيقة ملخصا 12 لواء قتاليا تم
تجميعها مع تدريب تسعة منها وتزويدها من الولايات المتحدة والناتو. ومن بينها ستة
ستكون جاهزة في 31 آذار/ مارس والبقية في 30 نيسان/ إبريل ويبلغ تعداد اللواء
الأوكراني ما بين 4,000 و5,000 جندي.
وتشير الوثيقة إلى أن تسليم المعدات
سيؤثر على التدريب والجاهزية من أجل الوفاء بالمواعيد الزمنية. وعدد المعدات التي
تحتاجها تسعة ألوية بحسب الوثيقة 250 دبابة و 350 مركبة آلية.
وفي بداية الحرب تردد الأوكرانيون
بمشاركة ما يعرفونه عن الخطط الروسية مع الأمريكيين خشية تسريبها، إلا أن
المسؤولين الأمريكيين أخبروهم بأن لديهم معرفة أحسن عن الخطط الروسية.
ونظرا لخوف الأوكرانيين من كشف خطط
عملياتهم عن ضعفهم وتوقف الدعم الأمريكي، فقد ظلوا يحافظون عليها سرا حتى
في وقت كان فيه الأمريكيون يوفرون المعلومات الدقيقة عن ما يصدره الكرملين ويخطط له
الجنرالات. ومن المتوقع أن يؤثر الكشف عن الوثائق وتسربها حول العالم على طبيعة
التعاون الأمني الأمريكي-الأوكراني.