في الوقت
الذي سجلت فيه الاحتجاجات
الإسرائيلية الداخلية إنجازا مؤقتا بإجبار الحكومة على وقف
مشروعها القضائي، فقد صدرت دعوات جديدة لتنظيم احتجاجات موازية، ولكن لتحقيق إنجازات
أخرى تتمثل في إجبار الاحتلال على
الانسحاب من الأراضي
الفلسطينية المحتلة وفق
"خطة ألون" الصادرة عقب احتلال عام 1967.
أوري
سيلبيرشايد أستاذ العلوم السياسية بجامعة حيفا، أشار في صحيفة "
يديعوت أحرونوت"
إلى أن "هناك صراعا قويا في هذه الأيام تشهده دولة الاحتلال في ضوء نجاح الحركة
الاحتجاجية في إحراز أدنى تقدم نحو القضاء على الخطر الأكبر على وجود المشروع الصهيوني
المتمثل باستمرار الحكم الإسرائيلي في
الضفة الغربية، مع وجود مشروع استيطاني واسع
النطاق، مع أن أحد أسباب الحفاظ على استقلال المحكمة العليا هو الدعم الذي ستقدمه في
المستقبل لخطوة كبيرة ومعقدة للانسحاب من معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "الوقت يقترب من وصول المشروع الاستيطاني
إلى نقطة اللاعودة في جميع الأمور، ما يستدعي من إسرائيل مغادرة قلب هذه المناطق الفلسطينية،
بما في ذلك إخلاء العديد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية وعشرات الآلاف من المستوطنين،
وهكذا فإن حل الدولتين سيُفشل على أساس حدود إسرائيل الأمنية، ومعاني ذلك المباشرة
تعمق الفصل العنصري في الضفة الغربية، مع صراع دموي مستمر مع الفلسطينيين، وإلحاق الضرر
باتفاقيات السلام والتطبيع مع الدول العربية الأخرى".
وأشار
إلى أنه "بعد فترة ليست طويلة فستؤول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، وهو ما
يشكل نهاية المشروع الصهيوني القائم على مزيج من اليمين الاقتصادي والسياسي المتمثل
بالسعي من أجل سلامة الأرض مع إنكار تسوية بالضفة الغربية، فيما ظهر لليمين "الواقعي"
ممثلون بارزون، وعلى رأسهم موشيه ديان وشمعون بيريس، في مواجهة يسرائيل غاليلي وغولدا
مائير ويغآل ألون وإسحاق رابين، مع أن بيريس الذي عمل وزيرا للحرب بحكومة رابين الأولى
روّج لمشروع الاستيطان في قلب الضفة الغربية خلافا لسياسات رابين وآلون".
وأكد
أن "هذا المشروع توسّع بشكل كبير منذ وصول الليكود السلطة عام 1977، وما زال مستمراً
حتى يومنا هذا بهدف تخريب "خطة آلون" القائمة على الحدود الأمنية لدولة الاحتلال
دون ضم المناطق المكتظة بالفلسطينيين، ما يعني استمرار الصراع وتهديد اتفاقيات التطبيع
القائمة، ما سيجعل من الصعب على إسرائيل أن تتطور كدولة رفاهية، وإذا وصلنا إلى نقطة
اللاعودة في ما يتعلق بعدم الانسحاب من قلب الضفة الغربية، فإن مستقبل المشروع الصهيوني
سينتهي".
تسعى
هذه التصورات لإنشاء حركة كبيرة تناضل من أجل الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية،
وفقًا لمبادئ خطة آلون، مع ترك الكتل الاستيطانية، وتبادل مناطق معينة، ما يستدعي
تجنيد المزيد من الإسرائيليين من جميع الدوائر السياسية وأعضاء الكنيست وقدامى المحاربين
في قوى الأمن الذين يؤمنون بهذا الرأي كي يلعبوا دورًا مهمًا في هذه الحركة.
رغم
الدعوات الإسرائيلية للانسحاب من الضفة، فإن تخوفها يكمن في أن هذا الانسحاب، إن تم،
سيعيد الاحتلال إلى الخصر الضيق بواقع 14- 24 كم بين البحر المتوسط والتلال الغربية
بواقع 600 متر، وهي: مرتفعات الجولان، وتل أبيب، والسهل الساحلي، ومطار بن غوريون،
حيث يتواجد فيها 80٪ من الإسرائيليين، كما تعد التلال الشرقية شديدة الانحدار بالضفة
بواقع 1000 متر فوق غور الأردن، الحاجز الأكثر فاعلية للدبابات، لأنها توفر 50 ساعة
لتعبئة الجيش الاحتياطي، وتشكل 75٪ من الجيش الإسرائيلي، في مواجهة هجوم مفاجئ.
كل ذلك
يؤكد أن سلسلة جبال الضفة الغربية وغور الأردن تساهم في تحديث صورة الردع الإسرائيلية،
وتحويل حدودها من معاملات الحرب إلى رادع لها، أما الانسحاب منها فيشكل تهديدا وجوديا
وواضحا وفوريا لها، ما يجعل مثل هذه الدعوات لا تحظى بتأييد الإسرائيليين.