نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا حول التطورات المتسارعة في العلاقات
السعودية-
الإيرانية والآمال التي قد تنهي الحروب بالوكالة بينهما في كل من
اليمن وسوريا.
وقالت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21"؛ إن الاتفاق المفاجئ بين البلدين ووضع حد للتنافس المتفجر أحيا الآمال لإنهاء النزاعات من اليمن وسوريا إلى العراق ولبنان.
وشهدت المنطقة سلسلة من النشاطات الدبلوماسية في الأسبوع الماضي وأعقبت التقارب الذي دعمته بكين، بشكل يعد بإعادة تشكيل نظام المنطقة، مع أن الخبراء يحذرون من أن حسن النوايا بين إيران والسعودية لن تطول.
فقد كان وزير خارجية النظام السوري، فيصل مقداد أول مسؤول بارز يزور السعودية منذ بداية الحرب الأهلية، في وقت تناقش فيه الدول العربية تطبيع العلاقات مع حكومة بشار الأسد. وغادر وفد سعودي اليمن معلنا عن تقدم في المحادثات مع الحوثيين لإنهاء الحرب الأهلية هناك، كما وتم التوافق على تبادل الأسرى يوم السبت وتبادل 800 من الطرفين في خطوة لبناء الثقة.
وتعلق الصحيفة أن هناك الكثير مما يمكن كسبه لو حسنت السعودية وإيران من العلاقات، مثل الأخذ على يد المليشيات الشيعية في العراق إلى إجبار القادة
اللبنانيين المتخاصمين على اختيار رئيس للبلاد.
ونقلت الصحيفة عن المختص بشؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر لدراسات الشرق الأوسط، بجامعة رايس كريستيان أورليشتسن قوله؛ إن "سرعة الزيارات المتبادلة التي أعقبت البيان الثلاثي السعودي- الإيراني- الصيني في 10 آذار/ مارس، تدلل على أن التقارب أكثر من كونه اتفاقا سطحيا، بل ويمضي في الحقيقة سريعا أكثر مما توقع الكثيرون".
ومع ذلك، هناك الكثير من المراقبين الذين يشككون في استمرار حسن النوايا، وبحسب تشارلس ليستر من معهد الشرق الأوسط، أنه "لا أحد ينكر في مجال ونطاق خفض
التوتر الذي يحصل في المنطقة" و"لكن هناك الكثير من المظاهر الجارية أكثر من الجوهر عند هذه النقطة".
وفي العقد الماضي، منذ أن حدثت ثورات الربيع العربي، فقد تنافست إيران مع السعودية للتأثير ودعم الجماعات المتحاربة في كل المنطقة وبخاصة اليمن. فبعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في 2014، قرر ولي العهد الحالي، ووزير الدفاع السعودي في حينه شن حرب ضدهم وشكل تحالفا مع الإمارات العربية المتحدة.
وكانت السنوات الثماني اللاحقة بمنزلة كارثة انتشرت آثارها عبر الحدود إلى الأراضي السعودية، التي تعرضت للصواريخ والمسيرات التي أطلقها الحوثيون على المراكز المدنية والمنشآت النفطية. ويبدو ولي العهد الآن مهتما أكثر بتطبيق رؤية 2030 وتحضير السعودية لعصر ما بعد النفط من الحرب أو السياسة الخارجية الحاسمة، وهو نفس الموقف الإماراتي، التي كانت متحمسة في السابق للحروب.
وتوصل المسؤولون في الخليج إلى أنه من الصعب هزيمة الجماعة الوكيلة لإيران "فهم جيدون فيها"، أي الحرب. وفي الوقت الذي بدأت فيه الضامن الأمني لهم بتخفيف علاقاتها مع الشرق الأوسط، بدأت دول الخليج تشعر أن الدبلوماسية والتقارب هو النهج الأفضل. ومن ناحيتها تريد إيران الدخول في تقارب، لشعورها أن موقفها قوي في المفاوضات.
وقال ليستر؛ إن "إيران قد استنتجت أن النهج في الـ 15 عاما الماضية كان كافيا لتحقيق النصر، ولم تعد هناك حاجة لأن يكون في مقدمة ومركز سياستها الإقليمية؛ لأنها حققت ما تريد تحقيقه، وهو التأثبر الجوهري والنفوذ في العراق وفي سوريا وفي فلسطين واليمن".
كل هذا لم يتم بعد معالجة الأسباب الجذرية للنزاع في المنطقة. فلا تزال هناك خلافات عالقة بين دول الخليج وإيران، بما فيها البرنامج النووي الإيراني والتزامها بتصدير الثورة الإسلامية، بشكل يعتقد فيه عودة التوترات بسهولة.
وقال ليستر: "لم يأت الإيرانيون لهذا من موقع ضعف، بل جاؤوا بمفهوم عميق للنصر، ويرون ضعفا في الموقف السعودي والإماراتي".