دخلت
المفاوضات بين جماعة "أنصار الله" (الحوثي) في
اليمن والسعودية، مفترق
طرق، بعد تعثر التفاهمات بينهما وسط تعقيدات واشتراطات جديدة من قبل الجماعة
المدعومة من إيران.
وأفاد
مصدر حكومي بأن تعقيدات واشتراطات جديدة من قبل جماعة الحوثي، تهدد بنسف التفاهمات
التي جرت في الأسابيع الماضية.
"تعثرت
المفاوضات"
وقال
المصدر لـ"عربي21" وقد تحفظ على ذكر اسمه، إن المفاوضات التي تخوضها
السعودية
مع الحوثيين، تعثرت بسبب الاشتراطات الجديدة من الأخيرة، دون مزيد من التفاصيل.
"هدنة
ورواتب الموظفين"
من
جهته، قال الكاتب والصحفي الموالي لحركة "أنصار الله"، طالب الحسني إنه
حتى الآن، لا يوجد ما يؤكد فشل المفاوضات الجارية مع السعودية.
وتابع
الحسني في حديث خاص لـ"عربي21" بأن السعودية لديها تحفظات على كثير من
النقاط التي طرحت على الوفد السعودي الذي زار صنعاء في وقت سابق من الشهر الحالي.
وفي
الثامن من إبريل/ نيسان الجاري، وصل وفدان سعودي وعماني إلى العاصمة صنعاء التي
يسيطر عليها
الحوثيون، وأجريا محادثات مع قيادة الجماعة، ضمن المساعي التي تضاعفت
مؤخرا، لإحياء عملية السلام في اليمن بعد التقارب الأخير بين الرياض وطهران.
ونفى
الصحفي الموالي للحوثيين أن تكون هناك شروط جديدة من قبل الجماعة، فما طرح في
صنعاء، هي الشروط والمطالب ذاتها، التي غالبا ما تطرح في أي جولات تفاوض سابقة
سواء مع السعودية أو الأمم المتحدة.
وبحسب
الكاتب والصحفي المقرب من الحوثيين فإن المباحثات ناقشت الملف الإنساني الذي يتكون
من شقين؛ الأول "فتح كامل للمطارات والموانئ"، والثاني يتعلق بـ
"دفع مرتبات الموظفين".
واستطرد
قائلا: "دفع رواتب الموظفين ليست مطلوبة من التحالف (الذي تقوده السعودية)، وإنما
دفع عائدات النفط والغاز من موانئ حضرموت وشبوة (شرق اليمن)، مقابل أن يتم السماح
بتصدير النفط والغاز عبر تلك الموانئ ـ الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها ـ
كونها متوقفة بسبب التهديدات التي أطلقتها جماعة "أنصار الله" باستهداف
أي شركة أو سفينة تقترب من تلك الموانئ".
وكان
الحوثيون قد شنوا في 21 أكتوبر/ تشرين أول 2022، هجوما بطائرات مسيرة على ميناء
الضبة البحري بمحافظة حضرموت اليمنية، عقب تهديد أطلقته بمنع تصدير النفط قبل
الاتفاق على صرف رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرتها.
وفي
21 نوفمبر/ تشرين ثاني من العام ذاته، تسبب هجوم ثان على ميناء الضبة النفطي،
تبنته جماعة الحوثي، بوقف تصدير نحو مليوني برميل من النفط الخام، بعد أضرار مادية
جسيمة لحقت بالمكان.
وأوضح
الحسني أن الرياض ترغب في أن تكون هناك هدنة طويلة، حيث إنهم كانوا يفاوضون على هدنة
لمدة عام، قبل أن يتم التفاهم بعد ذلك، على هدنة لستة أشهر، مؤكدا أن مرد ذلك أن
جماعة الحوثي في صنعاء لا تريد أن تكون هناك هدنة لفترة أطول، كما كان يطرحه
السعوديون، بسبب "غياب أي ضمانات بعدم تلاعب المملكة أو عدم القيام بتنفيذ كل
شيء تم الاتفاق عليه".
"تحفظ
وموافقة مسبقة"
وأشار
الصحفي الحسني إلى أن محمد آل جابر (سفير المملكة لدى اليمن والذي ترأس الوفد
السعودي خلال زيارته إلى صنعاء) كان قد أبدى والوفد الذي معه، موافقتهم على كل
الشروط التي طرحت من الحوثيين.
لكنه
استدرك قائلا إن "الوفد السعودي، طلب عرض ما تم التوافق عليها في صنعاء، على ولي
عهد المملكة، محمد بن سلمان، ووزير الدفاع، خالد بن سلمان".
وقال:
"وعلى ما يبدو حاليا، فإن هناك تحفظا من قبل القيادة السعودية".
"ضغوط
وفشل"
وأرجع
الموقف السعودي الذي طرأ مؤخرا، إلى "ضغوط أمريكية"، حيث إن واحدة من
الوثائق المسربة من البنتاغون في الآونة الأخيرة، كما يقول، تشير إلى أن هناك
سقوفا عالية لواشنطن في ما يتعلق بالسلام في اليمن، في وقت كانت فيه الرياض تريد الخروج
من الحرب ولو بسقف منخفض.
وأكد أن هذا الأمر، هو جزء من عملية فشل المفاوضات بين "أنصار الله"
والسعودية، رغم أنه لا يوجد إعلان بفشلها حتى الآن، إلا أنه لم يستبعد أن تذهب نحو
الفشل.
ومن
الشروط أيضا، وفقا للمتحدث ذاته، "دفع التعويضات من قبل السعودية"،
و"توقيع اتفاق معلن مع دول التحالف توقعه الرياض باعتبارها قائدة ذلك
التحالف"، إضافة إلى "الانسحاب من المدن والعودة إلى ما قبل 2015"،
وهذه ضمن خطة سلام شاملة.
"
طريق السلام ما زال شاقا"
وفي
السياق، قال رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها، معين عبدالملك، إن طريق السلام
المستدام ما زال طويلاً وشاقاً وشائكاً، حيث يجب أن يتم السلام بشكل يحافظ على
الدولة اليمنية.
وأضاف
عبدالملك في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية" الإماراتية، اليوم أنه
"لا يمكن التكهن بالنتائج حتى نرى كثيراً من الأمور على الأرض تتحقق خلال
الفترة القادمة حتى نستطيع أن نقول إننا على خطى سلام مستدام".
وقال
رئيس الحكومة اليمنية إن اليمن ستمثل خلال المرحلة المقبلة اختباراً حقيقياً لسلوك
إيران ورغبتها في الجنوح إلى تهدئة تتيح انفراجة في بعض الملفات، كنتاج للاتفاق
مؤخراً على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية.
وأضاف: "نحن في انتظار أي خارطة تحقّق السلام، وما زال الموضوع مطروحاً كأطر عامة"، وقال: "تناقشنا مع الإخوة في السعودية الذين يقومون كوسيط مع
الحوثيين، وما زال طريق المفاوضات طويلاً وشائكاً".
وأكد
رئيس الوزراء اليمني أنه "من المهم أن ندرك أن الحوثيين مثل أي جماعة، فيهم تيار
معتدل، وأجنحة متطرفة، وحتى الآن ننتظر أن يتغلّب تيار الاعتدال ليقدم خطاباً
سلمياً، وألا تبقى الجماعة الحوثية في موقف متعنّت كحركة إرهابية تهدّد السلام
والتقدم في خارطة الطريق".
وكان
الحوثيون، قد حذروا قبل أيام، السعودية التي تقود التحالف العربي، من أي مناورة أو
التفاف على التفاهمات التي توصل إليها الطرفان، وهددوا بأن المعركة القادمة ستكون
في العمق البعيد لدول التحالف.
"معركة
في عمق التحالف"
وحذر وزير الدفاع في حكومة الحوثيين في صنعاء، محمد العاطفي، وفق وكالة
"سبأ" للأنباء الموالية لها، الرياض من أي التفاف أو مناورات
في التعاطي مع هذه التفاهمات لأن أي نقض أو مراوغة لأي اتفاق أو تفاهم سيعود
بالخسران عليها، وستوقعها في مأزق لا نهاية له.
وأضاف: "الأوضاع اليوم، وفي هذه المرحلة، تتجه إلى التهدئة والوصول إلى سلام شامل"،
مشيرا إلى أن "هذا كله مرهون بصدق النوايا لقادة تحالف العدوان (في إشارة إلى
التحالف العربي) مع ما تم التفاهم عليه مع القيادة الثورية (قيادة الحوثي) والمجلس
السياسي التابع لها"، مؤكدا أن "الالتزام بهذه التفاهمات لمصلحة
المنطقة وشعوبها، وفي المقدمة المصالح الإقليمية والدولية"، وفق وكالة سبأ
الحوثية.
وقال:
"عليهم أن يتعلموا من الدروس السابقة لأن بنادقنا ومدافعنا وصواريخنا
ومُسيراتنا جاهزة"، مهددا بأن المعارك القادمة لن تكون داخل اليمن كما
يتوهمون بل "ستكون في مفاصل العمق البعيد للعدوان، والتي ستجعلها تدرك جيداً
معنى الألم الكبير".
ويشهد
اليمن منذ 8 سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري
عربي تقوده السعودية، وبين الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات
بينها صنعاء (شمالا) منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
واتفقت
الرياض وطهران في مارس/ آذار الماضي، على استئناف العلاقات الدبلوماسية، التي
انقطعت بين البلدين في 2016، وعزّز تبادل السجناء بين الجانبين هذا الشهر الآمال
في التوصل إلى حل للنزاع في اليمن.