في الوقت الذي تحذر فيه أجهزة أمن الاحتلال من عمليات انتقامية تقدم عليها الأوساط المعادية لها في المنطقة رداً على استمرار عدوانها، فإنه كُشف النقاب في الساعات الأخيرة عن بعض ما حدث الصيف الماضي في مدينة إسطنبول التركية من مطاردة امتدت لأسابيع، وعلى مدار الساعة، لمجموعة من العناصر
الإيرانيين الذين سعوا لاستهداف
السياح الإسرائيليين في المدينة، ولكن تم إنقاذهم في اللحظة الأخيرة، بعدما عاشوا لحظات من التوتر.
إيلانا ديان مقدمة برنامج "حقيقة" في "
القناة 12" العبرية، زعمت أن "ما حدث في إسطنبول صيف 2022 يكشف عن ما تشكله الحرب السرية بين إيران وإسرائيل، عندما حاولت فرق الاغتيال في البعثة الإيرانية تحديد مكان إسرائيليين في وجهتهم المفضلة إسطنبول، ولمدة ثلاثة أسابيع جرت مطاردة مرهقة للأعصاب في المدينة التي لا يقل عدد سكانها عن 16 مليون نسمة، ولأول مرة يتحدث الأشخاص المستهدفون عن لحظات الدراما، وكيف جرت محاولة إنقاذ أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين الذين أصبحوا هدفًا للمخابرات الإيرانية".
وأضافت في تقرير ترجمته "
عربي21" أن "أعضاء مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أدركوا حينها أن شيئًا مختلفًا يحدث في إسطنبول، فالإسرائيليون الذين جاءوا لتركيا في زيارة سياحية تم إنقاذهم في اللحظة الأخيرة، وأدركوا في وقت لاحق أن رحلتهم كان يمكن أن تنتهي بشكل مختلف تمامًا، وقد حدث هذا في ذروة الدفء في علاقات
تركيا وإسرائيل في حزيران/ يونيو 2022، ثم بدأت الإشارات بأن إيران تخطط لعملية كبيرة، خاصة أن إسطنبول مغمورة بالإسرائيليين الذين سيصبحون في لحظة ما هدفًا لمن يخططون بالفعل لاستهدافهم".
وأكدت أن "المعلومات المتوفرة لدى الأمن تشير إلى أن عناصر إيرانيين بدأوا بالبحث عن الإسرائيليين المتواجدين في إسطنبول، أين هم؟ وماذا يفعلون؟ وما مراكزهم الترفيهية المفضلة؟ وفقا لما شرحه يوسي أدلر رئيس قسم المخابرات بمجلس الأمن القومي، الذي كان في طليعة الجهود المبذولة لمنع اللقاء بين العناصر الإيرانيين والسياح الإسرائيليين. ورغم عمله في الأمن لمدة 35 عامًا، فإنه يشهد أن صيف 2022 شكل حدثًا شديد الحساسية، لأن التحدي الذي واجهه تمثل في تحديد مكان الإيرانيين داخل مدينة إسطنبول، وفيها من السهل جدا أن يختفوا".
وينقل عن زوهار بالتي المسؤول الكبير السابق بالموساد قوله إن "تركيا بلد العبور رقم واحد في العالم، وأي ناشط إيراني يحتاج الذهاب لأوروبا، فسيفعل ذلك عبر تركيا، وقد تمركز أعضاء فرق الاغتيال الذين وصلوا إلى تركيا حول مدينة إسطنبول، واعتادوا على الوقوف دائمًا أمام الفنادق التي يرتادها الإسرائيليون، وحدّدوا من يتحدثون بالعبرية، وحينها يخبرون مشغليهم بأنهم عثروا على سياح إسرائيليين، يمكن تعقبهم، وقد تجولوا بين خمسة فنادق يرتادها الإسرائيليون بالعادة، وهم يجمعون المعلومات الاستخبارية في المطاعم، ومناطق التسوق".
وأشار إلى أن "فرقة إيرانية واحدة كانت كفيلة بدخول غرفة الطعام في أحد الفنادق، ورشّها عشوائياً، كي يتسبب ذلك بوقوع عشرات القتلى الإسرائيليين. ولعدة أيام أجرى مجلس الأمن القومي جملة إجراءات مضادة كبيرة معقدة، سلاحها الرئيسي هو الهاتف الخلوي، ونصحنا من خلاله الإسرائيليين بالعودة بأسرع وقت ممكن، لكنهم واصلوا الذهاب إلى إسطنبول، حتى بعد صدور التحذيرات الساخنة، وقد باتوا على مرمى نظر الإيرانيين من خلال فريقهم المتجوّل في المدينة، ما دفعهم إلى المسارعة بالعودة للفندق بحسب تعليمات أفراد جهاز الأمن الإسرائيلي".
وكشف أن "فندق "مرمرة تقسيم" الذي يقيم فيه السياح الإسرائيليون تحول إلى ساحة لتجمع مركبات الجيش التركي، ونشر نقاط التفتيش بجميع أنواعها، وبات الجميع على أهبة الاستعداد وسط اللحظات المتوترة، وانتظر الجميع ضوء الصباح خشية أن يقع هجوم في ساعات المساء، ما يعني أن الإسرائيليين قضوا آنذاك ليالي مرهقة للأعصاب، وتم نقلهم مباشرة مع أول رحلة لإسرائيل على شكل عملية شبه عسكرية، حتى إن تسعة منهم حددت المخابرات أنهم في حالة استهداف مباشرة، غادروا الفندق بقافلة مؤمنة مع الموساد في طريقهم إلى المطار".
تكشف هذه المعلومات التي تنشر لأول مرة عن الأجواء التي سادت المحافل الأمنية الإسرائيلية عقب تزايد التحذيرات من محاولات إيران البحث عن أهداف للانتقام عقب الاغتيالات الإسرائيلية في قلب عاصمتها. لكن القرار الإسرائيلي بتشديد التحذير من سفر الإسرائيليين إلى تركيا ربما أحبط التوجهات الإيرانية التي يتوقع أن تستمر، يعيد للدولة بعضا من سمعتها التي تضررت كثيرا أمام رأيها العام الداخلي.