يروى أن الإمام مالك في أحد مجالسه حول أحاديث الرسول -صلى
الله عليه وسلم - صاح صائح: جاء للمدينة فيل عظيم، فهرع الطلبة كلهم -فلم يكونوا
يعرفون الفيلة قبل-، إلا طالبا واحدا اسمه يحيى بن يحيى الليثي، وكان من تلاميذه
النجباء. فقال له مالك: هل رأيت الفيل قبل ذلك؟ قال: إنما رحلت لأرى مالكا لا لأرى
الفيل.
هدف واضح بيّن في ذهن التلميذ النجيب "يحيى"، وهو طلب العلم، فكان السير نحو ما يريد دون الاستسلام للمشتتات، حتى كان حامل
الرواية المعتمدة لموطأ الإمام مالك في شرق البلد وغربها.
يذكر السيد جيمس شرمان صاحب كتاب
التخطيط أول خطوات
النجاح، أن فريقا للأبحاث السلوكية من كلية إدارة
الأعمال بجامعة هارفارد، أخذ عيِّنةً عشوائية من مائة من طلاب السنة النهائية، وكانت
الدراسة حول سؤال:
ماذا يريد كلُّ واحد منهم أن يكون بعد عشرِ سنوات من
تخرُّجه، فكان جوابهم؛ إنهم يريدون أن يكونوا قوًى مؤثِّرة في دنيا المال والأعمال.
ولاحَظ الباحثون أن عشرةَ طلاَّب فقط من المائة وضَعوا
أهدافا محددة مفصَّلة، مكتوبة، ووضَعوا خططا لتحقيقها.
وبعد مرور عشر سنوات، قام فريقُ الأبحاث نفسُه بزيارات
متابعة لكامل أفرادِ العينة، فوجَدوا أن ما يملِكه هؤلاء الأشخاصُ العشَرة الذي
حدَّدوا أهدافهم كتابة، يعادلُ 96 في المئة من إجمالي الثروة التي يملِكها
الآخَرون.
والسؤال: كيف يصل من لم
يحدد هدفه ويكتب حلمه؟! تحديد الهدف يساعد على تركيز الفرد على أهمّ الأمور
في حياته، وتحديد طريقه وتنظيم وقته وتحفيز نفسه، وإلا كان هدر الوقت والجهد على ما
هو غير مهم في حياته.
ومما هو معلوم، أن التركيز نحو الهدف أمر مهم جدا في تحقيق النجاحات، فكثير من الناس يسيرون بلا هدف فلا يحققون نجاحا حتى لو كان بسيطا، وغياب
الأهداف يجعل
الحياة تافهة صغيرة غائبة عنها متعة النجاح.
يقول عمر بن عبد العزيز؛ "إنّ
لي نفسا تواقة، وما حققت شيئا إلا تاقت لما هو أعلى منه؛ تاقت نفسي إلى الزواج من
ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الإمارة فوليتها، وتاقت
نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن تاقت نفسي إلى الجنة، فأرجو أن أكون من أهلها".
أما توماس إديسون، صاحب الإخفاقات العشرة آلاف مرة في
تجارِبِه في طريق اختراعه المِصباح الكهربائي قبل
أن ينجحَ في اختراعه، فقد سأَله أحد الصحفيين: لقد أخفقتَ حتى الآن خمسة آلاف مرة
في اختراعِ المِصباح الكهربائي، فلماذا تُصرُّ على المضيِّ قدما في تجارِبِك؟
فأجابه: لقد أخطأتَ أيها الشاب، لقد نجحتُ في اكتشاف خمسة آلاف طريقة لا توصلُني
إلى ما أريد.