نشرت
صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن
سقف الدين الأمريكي،
وماذا يحدث إذا وصلت إليه الولايات المتحدة، وذلك عقب تصاعد المعركة بين الجمهوريين
في مجلس النواب وإدارة بايدن هذا الأسبوع بشأن الموعد النهائي لرفع سقف الدين الوطني
بحلول الصيف، أو المخاطرة بوقوع كارثة مالية.
واستعرضت
الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، تعريف سقف الدين القومي ولماذا
نسمع عنه كثيرًا الآن.
ما هو
سقف الدين القومي؟
قالت
الصحيفة إن سقف الدين قيد يفرضه
الكونغرس على مقدار الأموال التي يمكن للحكومة الفيدرالية
اقتراضها لدفع فواتيرها، مستشهدة بحديث ديفيد سوبر، أستاذ القانون ومحلل الميزانية
في جامعة جورج تاون، بأن الكونغرس وضع الحد الأقصى في عام 1917 كطريقة لكبح جماح الوكالات
الفيدرالية التي كانت تنفق بشكل أساسي كل ما تريد، وتجاهل السلطة الدستورية للمشرعين
لوضع تلك القواعد.
وأوضحت
الصحيفة أن رفع الحد الأقصى أصبح قضية سياسية بطبيعتها، وعادة ما تستحوذ على أكبر قدر
من الاهتمام عندما تنقسم السلطة في واشنطن، مثلما يحدث الآن. ويعتبر سقف الدين واحدا من عدد قليل من مشاريع القوانين التي يجب تمريرها حتى عندما يسيطر حزب واحد على الكونغرس
وآخر يسيطر على البيت الأبيض، ولكن عندما يكون الديمقراطي في البيت الأبيض، يرى الجمهوريون
في التصويت فرصة لاتخاذ موقف سياسي وتقديم تنازلات محددة. (وافق الكونغرس بسهولة على
سقف الديون عندما كان الجمهوريون يسيطرون على الكونغرس وكان دونالد ترامب رئيسًا).
وأضافت
الصحيفة أن الجمهوريين في مجلس النواب يطالبون في الوقت الحالي بتخفيضات حادة في الإنفاق
والتراجع عن بعض أجندة الرئيس بايدن في مقابل تصويتهم لرفع سقف الديون، بينما يقول
بايدن والديمقراطيون في مجلس الشيوخ إن هذا أمر غير ناجح ويجب الحفاظ على حد الدين
دون أي قيود، ولقد استمرت تلك المواجهة منذ أسابيع، فيما بدأ الضغط على بايدن من بعض
الديمقراطيين المعتدلين ومجتمع الأعمال للتفاوض مع الجمهوريين.
ماذا
يحدث عندما يرفع الكونغرس سقف الديون؟
وذكرت
الصحيفة أن الحكومة الفيدرالية تنفق أكثر مما تحصّل في معظم السنوات، لذلك يتعين عليها
اقتراض الأموال لتغطية النقص، وهذا يعني أنها تصل إلى الحد الأقصى للاقتراض في كثير
من الأحيان، وذلك يضع المشرعين إما أمام رفع سقف الدين بمقدار معين أو التصويت لتعليق
سقف الدين لفترة من الوقت للسماح لوزارة الخزانة باقتراض ما تحتاجه لسداد ديونها. ونظرًا
لأن معركة سقف الديون أصبحت أكثر تسييسًا، فقد علقها الكونغرس لفترات أطول وأطول لتجنب
الاضطرار إلى العودة إليها بانتظام.
وأفادت
الصحيفة أن رفع سقف الدين القومي كان عملاً روتينيًا على الكونغرس حتى وقت قريب؛ حيث
تدخل 78 مرة منذ عام 1960 لتغيير حد الدين بطريقة ما، وفقًا لوزارة الخزانة. وكان ذلك
في ظل كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية، اللتين لعبتا دورًا في تضخيم الدين الوطني.
وأشارت
الصحيفة إلى أن رفع سقف الدين يسمح للحكومة الفيدرالية بمواصلة إصدار سندات الخزانة
التي تدر إيرادات وتساعدها على سداد فواتيرها.
وبينت
الصحيفة أن المستثمرين حول العالم يشترون السندات لأنهم ينظرون إليها على أنها استثمار
آمن وموثوق. وفي المقابل؛ تمتلك الحكومة أموالًا لمشاريعها العديدة، من الجيش إلى البرامج
الاجتماعية. كما أنها تشكل حجر الأساس للتمويل العالمي وتساعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي
على التحكم في المعروض النقدي؛ ولذلك يقول الاقتصاديون إن أي شيء يهز ثقة المستثمرين
في هذه السندات مخيف ليس فقط للاقتصاد الأمريكي، ولكن للاقتصاد العالمي.
وتابعت
الصحيفة قائلة إن فاتورة واحدة يتعين على الحكومة دفعها وهي الفائدة على السندات القديمة،
فإذا فشلت في إجراء هذه المدفوعات، فسيكون ذلك افتراضيًا، وهو ما لم يحدث من قبل.
(على الرغم من وجود حالات تخلف صغيرة عن السداد عدة مرات في ماضي أمريكا).
ماذا
يحدث إذا تخلفت الحكومة عن السداد؟
وبينت
الصحيفة أنه من المرجح أن تنفد أموال الحكومة لدفع معظم فواتيرها؛ حيث لن تكون قادرة
على اقتراض المال لدفع تكاليف الضمان الاجتماعي، أو إصدار استرداد الضرائب أو دفع رواتب
العمال الفيدراليين وأفراد الجيش.
واستطردت
الصحيفة موضحة أنه من المرجح أن ينخفض سوق الأسهم؛ إذ يُنظر إلى الولايات المتحدة على
أنها شريك تجاري غير موثوق به في جميع أنحاء العالم، لذلك سوف تصبح السيارات والمنازل
أكثر تكلفة، بينما يمكن للولايات المتحدة أن تدخل في ركود، وسوف يفقد الناس وظائفهم.
وأكدت
الصحيفة أن الولايات المتحدة اقتربت من حالة التخلف عن السداد في الماضي القريب. ففي
عام 2011، صوت الجمهوريون في مجلس النواب ضد مشروع قانون لرفع حد الديون ما لم تخفض
الحكومة إنفاقها السنوي؛ حيث وافق الرئيس باراك أوباما على قيود الإنفاق الصارمة التي
انتهت صلاحيتها مؤخرًا.
لقد
تسببت سياسة حافة الهاوية السياسية في قيام وكالة تصنيف ائتماني بتقليل موثوقية الولايات
المتحدة في سداد ديونها لأول مرة على الإطلاق وتكلف دافعي الضرائب مليار دولار.
ونقلت
الصحيفة عن جوليا كورونادو، الخبيرة الاقتصادية في جامعة تكساس، قولها ـ في تصريحات
لها ـ إن أزمة سقف الديون اليوم تبدو ساخنة بشكل مماثل، مضيفة أن الجمهوريين في مجلس
النواب لديهم فصيل يميني متطرف كبير لا يبدو أنه يشعر بقدر كبير من الالتزام برفع سقف
الديون. في غضون ذلك، يتشبث بايدن والديمقراطيون، ويشعرون أنهم تبرعوا كثيرًا في عام
2011.
متى
ستصل الولايات المتحدة إلى سقف الديون؟
وبحسب
الصحيفة؛ من المحتمل أن يحدث ذلك في وقت ما هذا الصيف، على الرغم من أن الوقت المحدد
هو هدف متحرك، يُعرف بين الاقتصاديين باسم "تاريخ x". وقالت وزيرة
الخزانة جانيت إل يلين إن وكالتها تتخذ "إجراءات استثنائية" منذ كانون الثاني/
يناير لدفع بعض فواتيرها مع الاقتراض بأقل قدر ممكن، لكن خيارات الحكومة تنفد بسرعة؛
حيث يقدر المحللون أن الولايات المتحدة قد تضرب سقف الديون بالكامل بحلول حزيران/
يونيو أو تموز/ يوليو.
ماذا
حدث بعد ذلك؟
وذكرت
الصحيفة أن الجمهوريين في مجلس النواب أقروا اقتراحهم بخفض الإنفاق الفيدرالي بمليارات
الدولارات مقابل رفع سقف الديون، وهي قائمة رغبات متحفظة ليس لديها فرصة للوصول إلى
مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون: يريد الجمهوريون وضع المزيد من متطلبات
العمل لتلقي قسائم الطعام والرعاية الطبية، وإنهاء ائتمانات بايدن الضريبية للطاقة
الخضراء، وإلغاء برنامج الإعفاء من قروض الطلاب المعلق.
واختتمت
الصحيفة تقريرها بأنه يجب أن يكون هناك نوع آخر من الصفقات يوافق عليه الجمهوريون والديمقراطيون،
وذلك لتجنب الركود الافتراضي المحتمل، وفي غضون ذلك، ينفد الوقت لدى الولايات المتحدة
لدفع الفواتير التي جمعتها بالفعل.