سجناء حول العالم فقدوا حياتهم خلال الإضراب عن الطعام

يعد الإضراب عن الطعام، أحد أساليب الاحتجاج المشروعة حول العالم، داخل السجون، ويلجأ إليه المعتقلون بعد فشل كافة الحلول، مع إدارات السجون، أو السلطات، لتنفيذ مطالب إنسانية، ووقف الانتهاكات، مثل التعذيب وسوء المعاملة، وسوء الرعاية الصحية.

ويستهدف المعتقلون بالإضراب عن الطعام، تشكيل عامل ضغط على الجهات المحتجزة لهم، من الحصول على محاكمة عادلة، أو إنهاء اعتقالهم وتلبية مطالبهم الإنسانية.

وعلى مدار التاريخ، تعرض المعتقلون الذين لجأوا إلى هذا الأسلوب، الذي يعد الأخير في مواجهة الانتهاكات وسلب حقوقهم، إلى مضاعفات صحية خطيرة، لكن البعض منهم فقد حياته، خلال محاولته تحقيق إنجاز على الصعيد الإنساني والحقوقي، سواء بالإفراج عنه أو تحسين ظروف اعتقاله ومحاكمته.


ولم يكن الشيخ خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الذي استشهد خلال إضرابه عن الطعام، في سجون الاحتلال، الأول في قائمة من فقدوا حياتهم خلال احتجاجهم على ظروف السجون حول العالم، بل سبقه عدد ممن وقعت بحقهم الانتهاكات ذاتها وحاولوا نيل حقوقهم.

ونستعرض في التقرير التالي عددا من أشهر حالات الإضراب عن الطعام، التي انتهت بوفاة من خاضوها في عدد من سجون العالم:


بوبي ساندز

أحد أعضاء الجيش الجمهوري الإيرلندي، الذي خاض مواجهات مسلحة مع الحكومة البريطانية، وكان ينادي بانفصال إيرلندا بالقوة عن المملكة المتحدة.

اعتقل ساندز عام 1977، بعد العثور على مسدس بحوزته، وحكم عليه بالسجن لمدة 14 عاما، وبسبب قانون سنته الحكومة البريطانية قبل اعتقاله بعام، يشدد العقوبات على أعضاء الجيش الجمهوري، تمت معاملته كـ"شخص خطير" في سجن مايز جنوب بلفاست، وانخرط داخل السجن مع أعضاء الجيش الآخرين، في مواجهات مع إدارة السجن، من أجل إلغاء التضييق عليهم، واستعادة الحريات التي كانت موجودة سابقا.

وبعد إضراب عن الطعام استمر لمدة 53 يوما، عام 1980، حصل السجناء على بعض التنازلات من الحكومة البريطانية، بشأن وضعهم داخل السجن.

لكن في عام 1981، أطلق بوبي ساندز إضرابا عن الطعام مجددا، واقتصر على تناول الماء والملح فقط، رفضا لتراجع الحكومة البريطانية عن تعهداتها بشأن السجناء، وبدأ تردي الوضع الصحي لساندز، وخلال شهرين فقد الكثير من وزنه، ودخل سجناء آخرون في الإضراب من أجل مزيد من الضغط على البريطانيين.

ورغم العديد من المحاولات والاتصالات من قبل شخصيات مع ساندز والتي كانت إحداها من قبل البابا يوحنا بولس الثاني، الذي أرسل مبعوثا شخصيا له من أجل ثنيه عن مواصلة الإضراب، دخل ساندز في الثالث من أيار/مايو في غيبوبة بسبب مضاعفات الإضراب، وتوفي يوم 5 أيار/مايو بسبب الإضراب عن الطعام.

وعلى إثر وفاة ساندز تصاعدت الاحتجاجات من قبل عائلات السجناء، ووافقت حكومة مارغريت تاتشر، على العديد من مطالب المحتجين، تحت ضغط قادة الكنيسة الكاثوليكية.

بيدرو لويس بواتيل

أحد الشعراء الكوبيين المعارضين لحكومة فيدل كاسترو، اعتقل بسبب نشاطاته المعارضة، وآرائه في النظام المؤسس في كوبا، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أعوام.

كان بواتيل جزءا من حركة يدعمها فيدل كاسترو في كوبا، وكان مرشحا لرئاسة اتحاد الطلبة فيها، لكن كاسترو تراجع عن دعمه، وتدخل شخصيا في الانتخابات من أجل إبعاده.

وبعد إعلانه معارضة التوجهات السياسية في البلاد شكل منظمة سرية، واعتقل عقب ذلك، وحكم عليه بالسجن 10 أعوام، ورغم محاولته مغادرة البلاد إلى المنفى إلا أن السلطات رفضت، وتعرض للتعذيب داخل السجن، وإهانة والدته خلال زيارته.

وفي الثالث من نيسان/أبريل 1972، أعلن بواتيل الإضراب عن الطعام، واستمر فيه رغم محاولات ثنيه عنه، لمدة 53 يوما، دون تلقي رعاية طبية، وكان يتلقى السوائل فقط، لكنه قضى في النهاية نتيجة الإضراب في 25 أيار/مايو عام 1972.

سعيدة المنبهي

شاعرة مغربية ومعلمة مدرسة، وناشطة في الحركة الثورية الماركسية "إلى الأمام"، اعتقلت من قبل السلطات عام 1975، مع عدد من أعضاء الحركة، وحكم عليها بالسجن لمدة 7 سنوات، بتهمة القيام بنشاطات مناهضة للدولة.

خضعت المنبهي خلال الاعتقال لتحقيق قاس، وتعذيب مع 3 ناشطات أخريات، في سجن مولاي شريف السري بالدار البيضاء، لكنها نقلت لاحقا إلى السجن المدني بالدار البيضاء، ووضعت رهن السجن الانفرادي.

وبعد عامين من الاحتجاز، أعلنت الدخول في إضراب عن الطعام، في 8 تشرين ثاني/نوفمبر 1977، من أجل سن قانون المعتقل السياسي، والحصول على حقوق للسجناء والمعتقلين، وإنهاء الحبس الانفرادي، عنها وعن نشطاء حركتها.

واستمرت في الإضراب لمدة 34 يوما، نقلت عقبها إلى المستشفى في حالة صحية متردية، وتوفيت في 11 كانون أول/ديسمبر 1977، نتيجة مضاعفات الإضراب عن الطعام، في عمر 25 عاما.

أناتولي مارشينكو

مؤلف ومعارض وناشط في مجال حقوق الإنسان، في الاتحاد السوفيتي سابقا، وحائز على جائزة ساخاروف لحرية الفكر، الصادرة عن الاتحاد الأوروبي.

كان يعمل في قطاع حفر النفط، لكنه تحول إلى الكتابة والسياسة، منذ عام 1958، ولمع صيته في السنوات اللاحقة، وبات أحد المعارضين المشهورين دوليا، عام 1969، عبر كتابه شهاداتي، والذي يروي تفاصيل عن حياته في السجن، ومعسكرات العمل، والسجون السوفيتية، واستمرار نظام الجولاك، والعمل القسري داخل السجون حتى بعد وفاة ستالين.

أطلق سراحه أوائل السبعينات، لكنه اعتقل مجددا عام 1974، ونفي إلى منطقة إيركونسك أوبلاست، لكنه عاد للسجن عام 1981، وخلال تلك الفترة، خاض العديد من المواجهات مع إدارة السجون، من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين، لكنه في العام 1986، بدأ في إضراب عن الطعام، وتوفي بعد 3 أشهر، عن عمر 48 عاما، في مستشفى سجن تشيستوبول، نتيجة الإضراب، وكان لوفاته عامل ضغط دولي على ميخائيل غورباتشوف، الذي أصدر عفوا عن السجناء السياسيين عام 1987.

أكبر محمدي

طالب إيراني في جامعة طهران، كان ناشطا وشارك في العديد من التظاهرات المناهضة للسلطات في إيران، وأبرزها احتجاجات طلاب إيران في تموز/يوليو 1999.

اتهمت السلطات محمدي، بلعب دور قيادي في التظاهرات، وصدر حكم بالإعدام بحقه، لكن في تشرين ثاني/نوفمبر 2000 خفف الحكم عنه إلى 7 سنوات، لكن السلطات أضافت عامين آخرين بالسجن إلى حكمه، بعد اتهامه بإجراء مقابلات مع وسائل إعلام أجنبية، والإدلاء بتصريحات سياسية.

وفي عام 2006، بدأ محمدي إضرابا عن الطعام في سجن إيفين، بسبب تعرضه للضرب والانتهاكات داخل السجن، توفي محمدي نتيجة مضاعفات الإضراب عن الطعام والتعذيب.

أورلاندو زاباتا تامايو

ناشط سياسي كوبي، وسجين سياسي، تعرض للاعتقال أكثر من مرة، بسبب آرائه المناهضة للسلطات الكوبية.

خاض تجربة الإضراب عن الطعام للمرة الأولى، عام 2002، من أجل الضغط على السلطات الكوبية، للإفراج عن العديد من سجناء الرأي في البلاد.

ورغم الإفراج عنه لاحقا، إلا أنه أعيد اعتقاله وحكم عليه بالسجن 36 عاما، وفي عام 2009، بدأ زاباتا إضرابا عن الطعام، احتجاجا على منع الحكومة الكوبية السجناء المعارضين، من ارتداء الملابس البيضاء، وسوء الأوضاع داخل السجن، وطالب بمعاملته كما كان يعامل فيدل كاسترو حين كان سجنيا عام 1953، لكن السلطات رفضت وزعمت أنه أضرب بسبب رغبته بالحصول على جهاز تلفزيون وموقد وهاتف في زنزانته.

ورفض زاباتا خلال الإضراب، تناول أي طعام غير طعام والدته، التي كانت تزوره كل 3 أشهر، وقالت جمعيات حقوقية إن السلطات الكوبية منعت عنه الماء، ما أدى إلى تدهور صحته وإصابته بفشل كلوي، وعلى مدار 80 يوما من الإضراب تدهورت حالته الصحية، نتيجة الإضراب، حتى نقل إلى المستشفى في شباط/فبراير 2010، لكن الأوان فات، وتوفي بعد إضراب طويل عن الطعام.

إقرأ أيضا: تفاصيل مروعة.. هذا ما يحدث مع الأسير المضرب عن الطعام بسجون الاحتلال

لكن ما الذي يحدث مع المضربين عن الطعام بحسب مؤسسات حقوقية؟

التسلسل الطبي المتوقع للأعراض: (الفترة الزمنية أدناه هي لأولئك الذين يتناولون الماء فقط؛ المزيد من التغذية تطيل التسلسل).

‎في الفترة بين اليوم الثالث والسابع سيشعر المضربون البالغون الأصحاء بوضع معقول إلى حد ما طالما حافظوا على تناول مقدار كاف من الماء، وسيهدأ الشعور بالجوع بعد انقضاء اليوم الثاني أو الثالث.

بعد ذلك بوقت قصير؛ سيشعر المضرب عن الطعام بأعراض الدوخة والتعب والإعياء الذي قد يكون معه مجرد الوقوف أمراً صعباً.

‏بعد الأسابيع القليلة الأولى سينتاب المضرب على الأرجح شعور بالبرودة وألم في البطن وهو أمر شائع.


‏خلال الفترة الأخيرة من الشهر الأول ستظهر أعرض الخمول الذهني وسرعة التهيج. بحلول الأسبوع الرابع؛ قد يكون من الضروري إدخال المضرب عن الطعام إلى المستشفى لتلقي العلاج.

‏بين الأسبوع الرابع والخامس وفي حال كان المضرب عن الطعام لا يتناول الفيتامينات فسيعاني من ازدواج في الرؤية ودوار شديد وتقيؤ مع صعوبة في البلع وكل ذلك نتيجة تلف الأعصاب.

‏من اليوم الأربعين وما بعد ذلك؛ سيعاني المضرب عن الطعام تشويشاً حاداً مع عدم القدرة على التماسك؛ وفقدان للسمع والبصر مع احتمال حدوث نزيف، وستقع الوفاة في نهاية المطاف بسبب الانهيار القلبي الوعائي وعدم انتظام ضربات القلب وذلك بين اليوم الخامس والخمسين واليوم السابع والخمسين خلال فترة الإضراب.

بعض مضاعفات سوء التغذية الأخرى ستصيب الكلى والكبد والجهاز المناعي ووظائف القلب؛ كما ستضعف قابلية التئام الجروح وتزيد قابلية العدوى طوال فترة الإضراب عن الطعام.