مع انتهاء عدوان الاحتلال على قطاع
غزة، تعالت
انتقادات الإسرائيليين لنتنياهو، بسبب جدوى الهجوم الأخير على غزة، فيما قدم خبير ومسؤول سابق، جملة من الدروس مما جرى تحضيرا لمواجهة أخرى تبدو وشيكة مع اقتراب مسيرة الأعلام في القدس المحتلة.
وقالت "هآرتس" في افتتاحيتها الأحد بعنوان "زائدة وعديمة الجدوى"، إن "الحقيقة المرة؛ أن
العدوان الإسرائيلي الحالي على غزة، مثل معارك كثيرة قبلها، كانت عديمة الجدوى والمنفعة والحكمة السياسية، ولم تكن حاجة منذ البداية للخروج إلى هذه الحملة العسكرية".
ونوهت إلى أن حملة "درع ورمح" التي بدأت فجر الثلاثاء الماضي، مثل سابقاتها، حددت أهدافا، لتبرير جولة قتال أخرى، وهذه سرعان ما استنفدت، منذ اليوم الأول، وعلى أي حال يدور الحديث عن إنجازات قصيرة المدى".
حملة عسكرية بأهداف سياسية
وعمليا، فإن "استمرار القتال خدم في الأساس أهدافا سياسية؛ فقد حافظت الحملة على الائتلاف موحدا كونها سمحت للحكومة بأن تسير على الخط مع الرمز المتطرف، الخطير ومحب الحروب، الوزير إيتمار بن غفير، الذي هدد بالانسحاب منها كونها ليست على ما يكفي من تطرف".
إضافة إلى ذلك، فقد سمحت الحملة العسكرية في غزة لرئيس الوزراء بقمع الاحتجاج ضده، لرأب الصدوع في الجمهور بنسق الطوارئ، واستبدال مظاهر الرفض بمتعة التجند والطي في النسيان عن الوعي الجماهيري محاولة الانقلاب على النظام، التي قادتها حكومته عديمة اللجام حتى وقت أخير مضى".
وأعربت الصحيفة عن أملها "في أنه في الأيام القريبة القادمة، وبخاصة مع حلول "يوم القدس"، أن تتصرف الحكومة بعقلانية وتبذل الجهود الصادقة لتهدئة الوضع وتمنع جولة زائدة أخرى كهذه"، في إشارة لإمكانية قيام المقاومة بمحاولة منع "مسيرة الأعلام" التهويدية من التجول في القدس والتي من المتوقع أن يتم تنظميها يوم الخميس 18 أيار/ مايو الجاري.
ثمانية دروس وعبر
الجنرال غيورا آيلاند الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، ذكر أن "الدرس الأول يستدعي التمييز بين هذا العدوان وسواه من العمليات الأخرى، لأن هدفها محدود للحفاظ على الوضع القائم، وليس تغيير الوضع بشكل جذري، وبالتالي فإن الإنجاز المحتمل للنوع الأول متواضع، أما العملية والحرب الهادفة لتغيير الوضع جذريًا في غزة فتنطوي على مخاطر وخسائر وأثمان مرتفعة، ولا ينبغي تضليل الإسرائيليين بالاعتقاد بأن الوضع قد يتغير جذريًا بأثمان منخفضة، وفترة زمنية قصيرة، وبالتالي فإن العدوان الأخير على غزة ينتمي للنوع الأول".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الدرس الثاني أنه إذا كان يُنظر لاستمرار الواقع الحالي في غزة متمثلا بحملة عسكرية كل عام في المتوسط، بأنه لا يطاق، عندئذ فإنه يمكن للمرء أن يفكر في أمر مختلف عن الاستراتيجية، لكن مثل هذه المناقشة لا تتم أثناء العملية، بل قبلها، وعند التفكير في الخيارات الأخرى، فلا يكفي أن نقول كم أن الوضع الحالي في غزة لا يطاق، لكنه مسار كامل قد يخلق واقعًا أفضل بالنسبة للاحتلال".
وأشار إلى أن "الدرس الثالث يتمثل في أهمية قبل اتخاذ القرارات وصف الواقع في غزة بشكل صحيح، لأن غزة أصبحت منذ فترة طويلة دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع، وعندما تكون حكومتها حماس تفاضل بين ضمان حياة طبيعية لسكان غزة، ومعارضة الاحتلال، والوصول للسيطرة على الضفة الغربية، فإننا مدعوون لتوسيع "الجزرة الاقتصادية".
وأكد أن "الدرس الرابع أنه في أي مواجهة مع منظمة مسلحة مثل الجهاد الإسلامي، فإن مسألة من أطلق الصاروخ الأخير ليس له أهمية، لأنه إذا تمكنّا من إصابة أهداف نوعية من الجانب الآخر، وردّ بإطلاق النار، دون أن تتسبب في وقوع إصابات اسرائيلية، فهذا الوقت المناسب بالضبط لإنهاء الحدث، أما الدرس الخامس فإن لإسرائيل دائماً مصلحة في إنهاء العدوان بسرعة، بينما للفلسطينيين مصلحة في استمراره، وحتى لو لم نعترف بذلك دائمًا، لأنه من وجهة نظر الفلسطينيين كل يوم تجلس فيه إسرائيل داخل الملاجئ إنجاز آخر".
فتح تحقيق
وأوضح أن "الدرس السادس يحتاج أن نكون أكثر حساسية لعدد المدنيين الفلسطينيين الذين يقعون ضحايا للعدوان الاسرائيلي، من النساء والأطفال، مما يضرنا في العالم، أما الدرس السابع فهو الإجراء المحرج المتكرر بكل عدوان، ويقف فيه رئيس الوزراء ووزير الحرب ورئيس الأركان ورئيس الشاباك، ويعقدون المؤتمرات الصحفية المليئة بمدح الجيش ورسائل التهديد، فهذا غير لائق وغير مشرف وغير مقنع، أما الدرس الثامن فهو ضرورة أن يجري في نهاية هذا العدوان الحالي
تحقيق حقيقي مع المستوى السياسي، وليس العسكري فحسب".
وبدأ العدوان الإسرائيلي الساعة الثانية فجرا من يوم الثلاثاء 9 أيار/ مايو الجاري، واستمر خمسة أيام حتى الساعة العاشرة من مساء السبت الـ15 من ذات الشهر، وقامت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارات عنيفة استخدمت فيها قنابل أمريكية شديدة الانفجار وذات قدرات تدميرية كبيرة.
وانتهى العدوان الإسرائيلي مساء السبت بعد إعلان هدنة في غزة، مخلفا وراءه 33 شهيدا بينهم 6 أطفال و3 سيدات، إضافة إلى إصابة 147 بجراح مختلفة، بينهم 48 طفلا، 26 سيدة و10 من كبار السن، وفق إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بغزة.
وتسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في أضرار كبيرة في ممتلكات المواطنين، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية التي طالها الهدم الكلي 93 وحدة سكنية، و 128 وحدة أضرار جزئية غير صالحة للسكن، إضافة إلى 1820 وحدة سكنية أصيبت بأضرار جزئية وهي صالحة للسكن، ليصل إجمالي عدد الوحدات السكنية المتضررة جزئيا إلى 1948، بحسب إحصائية حصلت عليها "عربي21" من مدير عام الإعمار بوزارة الاشغال العامة والاسكان، محمد عبود.