يتنافس مرشحا الرئاسة رجب طيب
أردوغان عن "تحالف الجمهور"، وكمال
كليتشدار أوغلو عن "تحالف الأمة"، لجذب الناخب القومي الذي صوت لسنان أوغان في الجولة الأولى الأحد، وسط تساؤلات حول المرشح الذي سيحظى بدعمه.
ورغم تفوق أردوغان و"تحالف الجمهور" في
الانتخابات التي جرت الأحد، لكنه أقر بوجود انخفاض في أصوات حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أنه درس الأخطاء مع حزبه، وسيعملون على تصحيحها في أقرب وقت ممكن.
وأعرب أردوغان عن ثقته بالفوز في جولة الإعادة التي تجرى مع منافسه كمال كليتشدار أوغلو، في 28 أيار/ مايو.
من جهته قال المتحدث باسم الحزب الحاكم العدالة والتنمية عمر اتشليك: "نطلب أصوات جميع مواطنينا، وسنحاول الوصول إلى المزيد من المطالب التي نعتقد أننا لم نقم بتقييمها ولم نشاهدها بشكل كافٍ ".
من سيفوز بالجولة الثانية؟
المحلل السياسي يوسف إريم، قال إن الانتخابات جاءت بعد جائحة عالمية، وحروب في دول مجاورة، وبعد زلزال مدمر ضرب البلاد، ولكن على الرغم من هذه التحديات جدد الناخبون ثقتهم بالرئيس أردوغان.
وتابع، بأن هناك مفاجأتين كبيرتين في هذه الجولة من الانتخابات الرئاسية، الأولى هي نتيجة سنان أوغان، حيث جاءت مخالفة للاستطلاعات التي سبقت الانتخابات، أما الثانية فهي زيادة أصوات القوميين الأتراك.
وأوضح إريم أن "نسبة تصويت (القومي التركي) بلغت مجتمعة ما يقرب 25 بالمئة، لكن بالمقابل أظهر الرئيس أردوغان مرة أخرى أنه لا يزال السياسي الأكثر شعبية في تركيا ويمكنه حشد مؤيديه بأعداد كبيرة".
وعن توقعاته لنتائج الجولة الثانية قال إريم: "ستخوض
المعارضة معركة صعبة وشاقة في الجولة الثانية بـ 28 أيار/مايو، أما الرئيس أردوغان إذا ما تمكن من تكرار نفس "الأداء" النتيجة التي في الجولة الأولى، فسيكون كل ما يحتاجه فقط حصة صغيرة من 6 بالمئة من الأصوات التي ذهبت لأوغان وإينجه، للفوز بولاية جديدة، والآن كل الزخم إلى جانبه".
وأضاف: "سيصاب ناخبو المعارضة بالإحباط وسيكون من الصعب على كليتشدار أوغلو، حشدهم للتصويت، حيث فاز تحالف أردوغان بالأغلبية في البرلمان، الأمر الذي قد يحول أيضا بعض مؤيدي كليتشدار في اللحظة الأخيرة إلى التصويت لصالح أردوغان".
وأوضح أن "أنصار أوغان الذين ينتمون إلى الإيديولوجية القومية، سيجدون أن أردوغان وشريكه في التحالف (الحركة القومية) أقرب إلى وجهات نظرهم من كليتشدار أوغلو، وقد يكون دعم حزب الشعوب الديمقراطي لكليتشدار أوغلو بمثابة خط أحمر بالنسبة لأنصار أوغان، وبالتالي تشير نتائج الجولة الأولى كذلك لاحتمالية تصويت الـ 6 في المائة الذين صوتوا لأوغان وإينجه أن تذهب للرئيس أردوغان، وهذا يُظهر أن لديه فرصا أكبر بكثير للفوز في الجولة الثانية".
الكاتب التركي إسماعيل ياشا رأى أنه "يجب على حزب العدالة والتنمية أن يقرأ نتائج الانتخابات بدقة، لأن هناك تراجعا في شعبيته"، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين نسبة المؤيدين لأردوغان وحزبه.
وحول احتمالية تغيير العدالة والتنمية لبعض سياساته الداخلية، قال ياشا لـ"عربي21"، إن "هناك مشاكل لا يمكن أن يتخلى حزب العدالة والتنمية عن مبادئه من أجل حلها، مثل ملف اللاجئين".
وأضاف: "كما هو معروف فإن سنان أوغان حصل على أكثر من 5 بالمئة فقط لأنه وعد بطرد اللاجئين، لكن لا يمكن أن يغير حزب العدالة والتنمية موقفه من هذا الملف تماما من أجل الحصول على أصوات هؤلاء، وبالتالي لا أعتقد أنه سيكون هناك تغييرات كبيرة في هذا الملف تحديدا ولكن قد يبحث عن حلول أخرى".
وأكد أن "النتائج في الجولة الأولى تشير إلى خسارة كليتشدار أوغلو، كذلك تشير إلى أن هناك صعودا لليمين وتوجه نسبة من الناخبين إلى أحزاب جديدة كحزب الرفاه الجديد".
وأوضح، أن "تقدم أردوغان على كليتشدار أوغلو بفارق كبير يشير إلى أن احتمالية فوزه في الجولة الثانية قوية للغاية".
من جهته يعتقد الدبلوماسي السابق والباحث التركي أمير أشناس أن "أردوغان سيميل قبل الجولة الثانية إلى أن يكون أكثر ليونة وأكثر اتساعا، لأن حزبه في الجولة الأولى من الانتخابات حصل على أقل نسبة أصوات منذ وصوله إلى السلطة".
وأشار أشناس إلى أن نتائج الانتخابات كانت مفاجئة من ناحيتين، أولها أن أحدث استطلاعات الرأي لشركات أبحاث الرأي العام الموثوقة، أظهرت تقدم كليتشدار أوغلو بعدة نقاط على أردوغان، لكن النتيجة جاءت معاكسة.
وثانيا، أن استطلاعات الرأي أشارت إلى أن "تحالف الجمهور" رغم حصوله على مقاعد أكثر من "تحالف الأمة"، فإنه لن يتمكن من الحصول على الأغلبية البرلمانية، وأن حزب الشعوب الديمقراطي "اليسار الأخضر"، سيكون له موقع حاسم، ومع ذلك فإن التحالف الحاكم حصل على الأغلبية في البرلمان، ولكنها ليست في المستوى الذي يسمح له بإجراء أي تعديلات على الدستور بمفرده.
وأضاف أن نتائج الانتخابات تظهر تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، ورغم ذلك هناك حقيقة أن الشعب التركي لم يقدم الدعم الكافي لمرشح المعارضة كليتشدار أوغلو.
وحول توقعاته لنتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، قال الباحث التركي أمير أشناس: "من الصعب التكهن بالنتائج بدقة، ويبدو أن أردوغان أقرب للفوز في الانتخابات لأنه يتقدم بخمس نقاط على كليتشدار أوغلو، كما فاز تحالفه بالأغلبية في البرلمان".
وشدد على أهمية حصول أحد المرشحين على دعم سنان أوغان الذي حصل بشكل غير متوقع على 5 بالمئة من الأصوات.
رئيس تحرير صحيفة ديلي صباح التركية محمد اتشليك، يرى أن "الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة يبدو أنها ستكون في صالح أردوغان، حيث قاد الجولة الأولى بهامش واضح أمام كليتشدار أوغلو وأيضا فوز واضح في البرلمان".
وأوضح اتشليك خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "المعارضة لم تحصل على الدعم الذي قالت الاستطلاعات إنها ستحصل عليه، لذلك كان هذا ضربة كبيرة للمعارضة، ومن المتوقع أن تشهد الوحدة الظاهرية لتحالفها المزيد من الأزمات الداخلية بعد هذه النتائج".
وحول رأيه بنتائج الجولة الأولى، قال تشيلك: "أعتقد أن الناس يريدون المضي قدمًا مع أردوغان للسنوات الخمس المقبلة، وعلى الرغم من بعض التحديات ما زالوا يثقون به".
وخلص بالقول: "أعتقد أن هذه ستكون بداية جديدة للعديد من السياسات الجديدة في حكومة حزب العدالة والتنمية إذا ما أُعيد انتخابهم للرئاسة التركية".
ما مصير المعارضة بعد الانتخابات؟
أكد المحللون أن مصير تحالف المعارضة يمكن أن يتحدد بعد ظهور نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وأنه قد يفقد تماسكه ويصبح هشا.
وأكد أمير أشناس، أن "أعضاء التحالف غير راضين عن نتائج الانتخابات، ومع ذلك، ليس لدينا معلومات حتى الآن عن أن هذه النتائج خلقت صراعًا خطيرًا بين الأطراف، حتى لو كان لدى بعض الأطراف مثل هذا الاتجاه أعتقد أنهم سيؤجلونه إلى ما بعد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية".
وأوضح أنه "إذا لم يفز هذا التحالف بالانتخابات الرئاسية، فمن المحتمل أن تكون هناك بعض النقاشات والصراعات داخل الأحزاب (خاصة داخل حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد) وفيما بينها".
أما يوسف إريم قال: "مع اقتراب الانتخابات، كان هناك بعض القلق بين أعضاء التحالف من مسألة اختيار كمال كليتشدار أوغلو كمرشح للرئاسة عن هذا التحالف، وإذا ما خسر في الجولة الثانية فقد تصبح هذه الأصوات أعلى في فترة ما بعد الانتخابات".
وأضاف: "إن التحدي المحتمل الذي قد يواجهه كليتشدار أوغلو الآن هو بقاؤه كقائد لحزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري)، حيث أن السياسيين الشباب الذين يتمتعون بجاذبية أوسع قد يتقدمون إلى الأمام".
وخلص بالقول: "أعتقد أن الخلافات الأيديولوجية بين أعضاء التحالف ستصبح أكثر وضوحا في الفترة المقبلة، حيث لم يتم تحقيق القضايا الرئيسية التي وحدتهم، وأهمها هزيمة أردوغان".
الكاتب إسماعيل ياشا أكد أن "خسارة الانتخابات سيكون لها ثمن على تحالف المعارضة بشكل عام، وعلى حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد وحتى حزب اليسار الأخضر بشكل خاص".