لم يصدر عن رئيس
الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، فتحي
باشاغا، تصريح أو بيان بخصوص قرار إيقافه وإحالته للتحقيق والذي تأكد أنه قرار
حركته القيادة العامة للجيش ونجح الموالون للرجمة في تمريره، ذلك أن أغلبية
الأعضاء متحفظون على وضع وأداء حكومة باشاغا مع اختلاف منطلقاتهم وحججهم في دعم
إيقافه.
باشاغا جمع أوراقه وحقائبه وغادر مقر الحكومة في مدينة سرت ليعود إلى
مسقط رأسه مصراتة دون أن ينبس ببنت شفة، ويبدو أن صمته مقصود ومبرمج لإعطاء فرصة
لجهود وضغوط يمارسها رئيس مجلس النواب الذي بدا أنه ممتعض من القرار ويحاول تدارك
تداعياته واحتواء آثاره عند التحقيق مع الرئيس وأن لا يتطور إلى الإقالة أو حجب
الثقة عن الحكومة.
تصريحات عقيلة صالح لقناة العربية تعكس بوضوح تحفظه على ما جرى، إلا أن
تغيبه عن إدارة الجلسة التي جرى فيها إيقاف باشاغا يعكس أنه لم يشأ مواجهة رغبة من
حرك الزوبعة ودفع باتجاه إبعاد باشاغا، وهو الجيش كما أكد عضو مجلس النواب علي
التكبالي الذي تحدث "على المكشوف" عن دور القوات المسلحة في الضغط على
عدد من النواب لتمرير القرار.
الاتصالات نشطة، حسب مصادر مطلعة، بين رئاسة مجلس النواب والقيادة
العامة للجيش، والهدف هو احتواء تطور النزاع إلى زلزال يهز جبهة الشرق وحلف
"طبرق ـ الرجمة"، فقد تأكد أن الرجمة سعت لممارسة ضغوط على عقيلة صالح
وصلت إلى التلويح بإقالته عن رئاسة المجلس، ونقلت مصادر إخبارية تداول قائمة تخطت
الخمسين نائبا توافقوا على إقالة عقيلة صالح.
فوز أردوغان سيعزز من حالة التوافق الإقليمي بعد القطيعة والنزاع، والتوافق يعني أن حظوظ ادبيبة أوفر، فهو مقرب من أنقرة وترضى عنه أبوظبي والقاهرة تقترب منه أكثر فأكثر، وننوه أن المداولات حول مصير النزاع الحكومي وشكل الحكومة البديلة تجري بين فواعل عسكرية وأمنية من الغرب والشرق في القاهرة، وإذا اجتمعت الأطراف الإقليمية على سيناريو، فإن قبوله من قبل الأطراف الدولية محتمل جدا.
لا يُتَصور أن الخلاف يصل إلى حد إبعاد عقيلة عن المشهد، فالرجل يمثل
ثقلا سياسيا في الشرق وتراهن عليه أطراف إقليمية فاعلة في الملف الليبي في مقدمتهم
مصر، بل إن إبعاده سيكون بمثابة قطيعة كلية بين الرجمة والقاهرة بعد أن ظهر أن
إلارادات والتوجهات قد افترقت حول النزاع في السودان.
التكبالي تحدث عن مسؤولية القوات المسلحة في دفع كتلة مؤثرة في مجلس
النواب لتمرير إيقاف باشاغا، ولم ينسب ذلك إلى خليفة حفتر، بل أكد في تصريحاته أنه
لا يقصد المشير، ونعلم أن انتقاد المشير خط أحمر داخل مجلس النواب، وبالتالي فإنه يمكن
فهم استثناء التكبالي لحفتر عند توصيفه لما جرى، إلا إن مصادر عدة تؤكد أن دورا
لبعض الأطراف النافذة عسكريا وأمنيا منهم أبناء حفتر بأت يأخذ حيزه في رسم ملامح
المشهد السياسي ولا يقتصر على المشهد العسكري والأمني.
المهم هنا هو رصد اتجاه أزمة إيقاف باشاغا، وما إذا كان امتناع
الأخير عن الدفاع عن نفسه مرتبطا بوعود بأن الأزمة ستنتهي إلى تحقيق لا يدينه ليعود
إلى منصبه ويستمر الضغط على حكومة ادبيبة ومنع أي اتفاقات تلوح في الأفق.. أم إن
مسار التقارب بين قيادة الجيش وقيادة حكومة الوحدة الوطنية في تقدم، وبالتالي فإن
إيقاف باشاغا هو مقدمة لإنهاء النزاع الحكومي وتمرير تفاهم يفضي إلى تغيير في بعض
الوزارات كما تطالب الرجمة، على أن يبقى ادبيبة رئيسا للحكومة.
العامل الخارجي سيكون حاضرا لترجيح سيناريو على آخر، والانتخابات
التركية أحد أهم العوامل المرجحة، ذلك أن فوز أردوغان سيعزز من حالة التوافق
الإقليمي بعد القطيعة والنزاع، والتوافق يعني أن حظوظ ادبيبة أوفر، فهو مقرب من
أنقرة وترضى عنه أبوظبي والقاهرة تقترب منه أكثر فأكثر، وننوه أن المداولات حول
مصير النزاع الحكومي وشكل الحكومة البديلة تجري بين فواعل عسكرية وأمنية من الغرب
والشرق في القاهرة، وإذا اجتمعت الأطراف الإقليمية على سيناريو، فإن قبوله من قبل
الأطراف الدولية محتمل جدا. أما إذا خسر أردوغان الرئاسة فإن الأمور ستكون أكثر
تعقيدا وتفتح الباب أمام سيناريو تصاعد النزاع وربما المواجهات المسلحة.