قالت
صحيفة "
لوموند" الفرنسية، إن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، تلقى رسائل
تهنئة من جميع أنحاء الشرق الأوسط بمناسبة إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثالثة، معتبرة
أن أردوغان بات رمزا للثبات في نظام إقليمي يخضع لإعادة تشكيل كاملة.
ووصفت
الصحيفة الزعيم التركي بأنه "الأب الروحي" السابق للحركات الإسلامية في
العالم العربي، الذي أصبح شريكا رئيسيا في تعزيز أي توازن جديد في المنطقة، مشيرة
إلى أن استمرار أردوغان في السلطة يمثل خبرا سارا لحركة حماس التي تقدر الاهتمام
الذي يوليه للقدس، والدعم الذي يقدمه لها، حيث يقيم بعض المسؤولين المنفيين من
الحركة الفلسطينية في إسطنبول، التي تُعد مكانًا آمنًا للعبور والالتقاء بالنسبة
للفلسطينيين، بعيدًا عن السيطرة الإسرائيلية.
انتهاء
الخلافات مع الخليج العربي
ولفتت
الصحيفة إلى أن
السعودية والإمارات كانتا من أوائل الدول المهنئة بفوز أردوغان
بالرئاسة، ما يشير إلى انتهاء المواجهة العنيفة بين محور أنقرة- الدوحة الذي أيد
الثورات العربية، مع محور الرياض- أبوظبي الذي يعارض أي تشكك حول نمط الحكم
الاستبدادي.
ورأت الصحيفة أن فشل الثورات العربية وضعف
الإخوان المسلمين في المنطقة، ثم تراجع الاقتصاد التركي دفع الرئيس أردوغان إلى شن
"حملة سحرية" تجاه خصومه اعتبارا من سنة 2020.
وأدى
هذا التحول إلى استعادة العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي في تشرين الثاني/ نوفمبر
2021، ثم أنقرة والرياض في حزيران/يونيو 2022، مقابل إنقاذ خزائن البنك المركزي
التركي ووعود باستثمارات بمليارات اليوروهات في تركيا.
وقبل
أيام قليلة من الجولة الثانية، في 25 أيار/مايو؛ رحب أردوغان أيضا بدعم دول
الخليج، ووعد بتعزيز هذه العلاقات المربحة بمجرد إعادة انتخابه. وتُعد تركيا،
باعتبارها سوقًا ناشئة ذات إمكانات نمو قوية، وجهة استثمارية جذابة للأنظمة
الملكية البترولية المنخرطة في عملية التنويع الاقتصادي بعد النفط.
العلاقات
المصرية
وذكرت
الصحيفة أن أردوغان تلقى تهنئة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في رسالة
محايدة، في إشارة إلى تحسن العلاقة بين الرجلين بعد عقد من الخلاف. ففي صيف 2013،
وجد جزء كبير من جماعة الإخوان المسلمين، الناجين من انقلاب السيسي ومطاردة
الإسلاميين التي انطلقت في هذه العملية، ملاذًا في تركيا. ومنذ إعادة إطلاق
العلاقات بين البلدين، التي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها في آذار/مارس 2023، شهد
هؤلاء المصريون المنفيون ضغوطًا متزايدة.
إيران وضمان الاستقرار
ولفتت
"لوموند" إلى أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان من بين أوائل القادة
الذين هنأوا أردوغان. وتمثل إعادة انتخابه، في نظر الجمهورية الإسلامية، ضمانة
للاستقرار والاستمرارية في علاقاتها مع جارتها التركية. كما أن الهيئات القريبة من
السلطة لم تخف تفضيلها لإعادة انتخاب أردوغان.
صمت
دمشق
وأضافت
الصحيفة أنه في ظل هذه الأجواء؛ يغيب فقط بشار الأسد. فلم يقدم رئيس النظام السوري
رسالة للسيد أردوغان، الذي وصفه في يوم من الأيام بأنه "قاتل متعطش
للدماء". وكان خصمه، كمال كيلتشدار أوغلو، يحظى بتقدير أكبر من دمشق: فقد ألمح
إلى إمكانية تطبيع غير مشروط للعلاقات بين دمشق وأنقرة.
ولفتت
الصحيفة إلى أنه تحت ضغط موسكو، بدأ النظام السوري، في شتاء 2022، المفاوضات مع
تركيا، بغية المصالحة. وكان أردوغان حريصًا على إعطاء الانطباع بأنه يعمل على عودة
اللاجئين السوريين، وهو مطلب ملح بشكل متزايد من الشعب التركي، وقد اقترح فكرة
اللقاء قبل
الانتخابات الرئاسية، لكن الأسد، الذي لم يكن لديه أي سبب لتقديم هذه
الهدية لجاره، رفض طلبه.
وتابعت
الصحيفة قائلة إنه في المقابل، وكشرط مسبق لأي لقاء؛ طالب الديكتاتور السوري بسحب
القوات التركية، التي تحتل جزءًا من شمال
سوريا، وإنهاء دعم أنقرة للمعارضة
السورية. بالتالي؛ تجد دمشق نفسها الآن أمام رجب طيب أردوغان أكثر نشاطًا بفضل
إعادة انتخابه، مما يترك توقعات بمفاوضات أكثر شدة.
وفي
الختام، أشارت الصحيفة إلى أن إعادة انتخاب الرئيس التركي تمثل أيضا سببًا للقلق
الشديد لدى الأكراد، الذين يخشون أن ينفذ تهديداته بالهجوم البري على مواقعهم في
شمال سوريا. بالنسبة للمعارضين السوريين، من ناحية أخرى، تثير إعادة انتخاب السيد
أردوغان – بشكل نسبي – الارتياح. بينما تدهورت وضعية اللاجئين السوريين في تركيا
منذ أن استعادت أنقرة الاتصال مع دمشق، كان السيد كيليتشدار أوغلو يعد، إذا تم
انتخابه، بإعادتهم بالقوة وبشكل جماعي إلى سوريا.
وفي
مقال آخر نشرته صحيفة "
الغارديان" قالت، إن فوز أردوغان بالنسبة
للغرب يعني أن القادة يجب أن يستمروا في التعامل مع الزعيم التركي في ظروف هي الأكثر
شحنا من الناحية الجيوسياسية - مع عضو لا يمكن التنبؤ به في الناتو يرفض الانحياز
الكامل للغرب.
أما
داخليا، فإنه مع انخفاض الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد بعد إعادة انتخاب
أردوغان، قد تخلق الحاجة إلى تخفيف الأزمة الاقتصادية المتفاقمة فرصا جديدة
للتفاوض والتقارب.