تشهد الساحة السياسية في محافظات جنوب
اليمن، حراكا نشطا من شخصيات وقوى سياسية مختلفة لتشكيل جبهة جديدة معارضة للانفصاليين المدعومين من دولة
الإمارات.
وبدأت منذ أيام، شخصيات سياسية بينها وزراء ومسؤولون سابقون، بالتوافد إلى العاصمة المصرية القاهرة، في سياق مساع لبناء تكتل سياسي يضم كل الشخصيات والقوى المناوئة لسيطرة المجلس الانتقالي
الجنوبي، المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله، والمدعوم من أبوظبي، على المحافظات الجنوبية أو التوسع نحو محافظات شرق البلاد.
وأفاد مصدر مطلع بأن الشخصيات التي وصلت إلى القاهرة، قبل أيام، ليست عادية، بل من الطراز الثقيل، وذات التأثير الواسع هناك في جنوب البلاد.
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" مفضلا عدم ذكر اسمه، أن من بين تلك الشخصيات: وزير الداخلية السابق أحمد الميسري الذي يرأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الجنوبي، وهو فصيل سياسي منشق عن حزب المؤتمر الحاكم سابقا؛ ووزير النقل السابق صالح الجبواني؛ وحاكم محافظة شبوة السابق محمد صالح بن عديو؛ وزعيم قبيلة "المرازيق"، وهي من أكبر القبائل في شبوة، اللواء أحمد مساعد بن حسين ( وهو محافظ سابق لمحافظة ريمة، وسط غرب اليمن)؛ ورئيس الائتلاف الوطني الجنوبي الشيخ أحمد العيسي، نائب مدير مكتب الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي.. حيث تتدارس إطلاق جبهة سياسية جديدة في جنوب البلاد.
وبحسب المصدر اليمني المطلع فإن الأمر، ما زال في طور التحضير له، في مسعى نشط لإنهاء استفراد وتصدر المجلس الانتقالي الانفصالي للمشهد في محافظات الجنوب اليمني.
وأشار المصدر إلى أن الجبهة التي يجري التحضير لتشكيلها تتمسك بـ"وحدة اليمن" من خلال نظام اتحادي متعدد الأقاليم، في مسار مغاير لطموحات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في تحقيق الانفصال عن الشمال وإعلان دولة الجنوب.
"مرحلة جديدة من التصعيد"
وفي السياق ذاته، أعلنت لجنة الاعتصام السلمي في محافظة المهرة، أقصى شرق اليمن، مساء الثلاثاء، عن استعدادها للدفاع عن المحافظة وحمايتها من أي تدخلات وتحركات نشطة لمليشيات تابعة للمجلس الانتقالي فيها.
وقالت اللجنة التي تشكلت قبل سنوات لمناهضة أنشطة السعودية والإمارات هناك، في بيان عقب اجتماع استثنائي عقدته قيادتها، إنه تم التأكيد على اتخاذ كافة الوسائل المتاحة للدفاع عن المهرة وحمايتها من أي تدخلات وجرها إلى مربع العنف والصراعات.
وأضاف أن أبناء المهرة متمسكون بالأمن والاستقرار بالمحافظة، وسيقفون موقفا موحدا أمام من تسول لهم أنفسهم المساس بها.
وقال رئيس الدائرة السياسية سعيد عفري، إن تحركات مليشيات الانتقالي مرصودة من قبل أعضاء لجنة الاعتصام وسيفشلون مثل ما فشلوا سابقا.
ودعا عفري جميع أبناء المهرة إلى الاستمرار بالوقوف صفا واحد خلف لجنة الاعتصام السلمي والحفاظ على محافظتهم وتجنيبها الفوضى والتخريب والانقسام والصراعات.
وأقرت اللجنة أيضا، تدشين "مرحلة جديدة من التصعيد والالتحام بالجماهير وإفشال جميع المؤامرات والمخططات والأطماع التي تحاك ضد المهرة".
يأتي ذلك، في ظل استمرار قوى سياسية من محافظة حضرموت، كبرى محافظات البلاد، شرقا، في لقاءاتها في العاصمة السعودية الرياض.
وكانت شخصيات وقوى سياسية واجتماعية حضرمية، قد وصلت في وقت سابق الشهر الجاري، إلى العاصمة الرياض، لمطالبة القيادة السعودية بدعمها ضد تمدد المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي إلى المحافظة.
"رؤية موحدة"
وقال مصدر مطلع ثان إن القوى المجتمعة في الرياض، توافقت على رؤية واحدة حول وضع ومستقبل محافظة حضرموت، في ظل مساعي المجلس الانتقالي في فرض سلطة أمر واقع جديدة هناك.
وأضاف المصدر لـ"
عربي21"، طالبا عدم ذكر اسمه، إن قيادات تلك القوى ترتب لعقد لقاءات مع القيادة السعودية، وكذلك مع رئاسة المجلس الرئاسي، وأخرى مع المبعوثين الأممي هانس غروندبرغ والأمريكي تيم ليندركينغ، لإطلاعهما على الرؤية التي أقرتها تلك القوى في حواراتها التي أجريت في الأيام الماضية.
ومنذ أكثر من أسبوع، وصل وفد من قوى ومكونات فاعلة ومؤثرة في حضرموت، إلى الأراضي السعودية، بعدما تقدمت بطلب لقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن سلمان، للوقوف على تصعيد المجلس الانتقالي -المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شمالها- وتمدده العسكري نحو محافظتهم، وهو ما يهدد بانفجار الأوضاع عسكريا بينهما.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، نظم المجلس الانتقالي المدعوم من حكومة أبوظبي لقاء تشاوريا في العاصمة المؤقتة عدن جنوب البلاد، في "محاولة احتواء ما أمكن من القوى والمكونات في محافظات جنوب وشرق اليمن"، ليكون هو المتصدر الوحيد في المشهد السياسي الجنوبي، في ظل مساع إقليمية ودولية للتوصل إلى تسوية شاملة للحرب الدائرة في اليمن.
وعلى الرغم من صعود المجلس الانتقالي، الذي تشكل في العام 2017، وتصدره للمشهد جنوب اليمن، فإن هذا الأمر، وفق مراقبين، أماط اللثام عن الانقسامات التي تعتري القوى الجنوبية، كون هذا المجلس لم يكن محل إجماع كامل بين جميع الجنوبيين، ولا يوافق الكثير من الفرقاء السياسيين هناك على أجندته.