صحافة دولية

فوربس: فيدان وظّف بذكاء تقارير المخابرات لصالح سياسة بلاده الخارجية

فيدان خلال مراسم تسلمه الوزارة من مولود تشاووش أوغلو- الأناضول
قالت مجلة فوربس، إن اختيار هاكان فيدان، رئيس جهاز المخابرات الوطني السابق، ليقود الخارجية التركية، ليس مجرد تعديل بيروقراطي في منصب، لكنها دعوة واضحة لكل أصحاب المصالح الخارجيين، من الولايات المتحدة، إلى الاتحاد الأوروبي، وروسيا ومتاهات الشرق الأوسط.

ولفتت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن حقيبة المخابرات التي شغلها، كانت تملي مشاركته في الشؤون الدولية، وبالتالي شكلته كشخصية مهمة في المشهد السياسي للبلاد.

وأوضحت أن أمامه الآن في الخارجية فرصة محورية لترك بصمة لا تمحى على المسرح العالمين، وسيلتصق اسم فيدان من الآن فصاعدا على الأوراق، وهو يؤيد العملية التي بدأها بسد الفجوة بين جمع المعلومات الاستخبارية، وصنع السياسات، حيث كان له تأثير واسع في المحددات الاستراتيجية للسياسة الخارجية لتركيا.


وشددت على أن فيدان كان أحد أهم الفاعلين في السياسة الخارجية لتركيا، وقالت إن الشخصيات الدبلوماسية والسياسية التي احتكت بفيدان خلال السنوات الماضية، كانت تؤكد أن المخابرات التركية، بقيادته، كانت اليد الخفية التي توجه السياسة العالمية لتركيا، والجميع شدد على ذكائه وبراعته الاستراتيجية.

وأضافت: "حتى أن البعض وصفه بأنه مصمم أساسي للملاحة الاستراتيجية التركية عبر السياسة العالمية، وتقديمه إلى وزارة الخارجية، ليس أمرا مفاجئا، بل هو إثبات لقدراته وبشهادة من تفاعلوا معه".

وقالت المجلة، إن تعيين فيدان يشير إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان يريد شخصية أكثر خبرة لقيادة السياسة الخارجية لتركيا، وسط تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية، والتقارب المعقد في الشرق الأوسط، بما فيه التقارب مع تركيا.

وأشارت إلى أن صعوده قد يكون له تداعيات سياسية داخلية، ويمكن أن يعزز احتمالات الحكومة في التعامل مع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية.

وبشأن سلفه مولود تشاووش أوغلو، قالت المجلة إنه حليف وثيق لأردوغان، لكنه لم ينظر إليه على أنه شخصية قوية أو مستقلة بشكل خاص، ولم يكن ينظر إليه على أنه أحد صانعي القرار الرئيسيين في ملفات السياسة الخارجية الهامة.

ورأت المجلة أن فيدان بالكاد يكون أول مسؤول استخباراتي يسير في الطريق إلى المنصب السياسي، وهناك لا بد من الإشارة إلى مسار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بدأ ضابط استخبارات للكي جي بي، أو الرئيس جورج دبليو بوش، الذي ترأس وكالة المخابرات المركزية، وحتى مايك بومبيو كذلك.

وتاريخيا، هناك وزير الخارجية البريطاني السابق السير أنتوني إيدن، الذي عرف باستخدام التقارير الاستخباراتية السرية لتشكيل سياسة بريطاني تجاه ألمانيا النازية وإيطالية إبان الفاشية. وفي العراق تولى مصطفى الكاظمي، مدير المخابرات السابق، منصب رئيس الحكومة، إضافة إلى تفاخر مسرور البارزاني، رئيس حكومة كردستان العراق، بخلفيته الاستخباراتية.

ورغم ذلك، قالت المجلة إن القفز من الاستخبارات إلى السياسة لا يضمن فيه الهبوط السلس دائما، فالبعض يزدهر، والبعض الآخر يتعثر، لكن سلطة المخابرات التركية وصلاحياتها واسعة النطاق، وهناك شهادة على قوتها في العديد من الأحداث، والتي تجسدت في فيدان.

وأشارت إلى أنه تحت قيادته وبدعم من أردوغان، زادت المخابرات التركية من قدرات جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها، وتضاعفت القدرة التشغيلية والنمو إلى أكثر من أربعة أضعاف.

وقالت المجلة إن تركيا وجدت في الدبلوماسية العسكرية اعترافا عالميا، بسبب عدسات الطائرات دون طيار التي صنعتها، والذكاء خلفه، بفعل المعلومات الاستخبارية التي جمعت بجدية، وبصورة استراتيجية، لتغذية القوة العسكرية، ودون المسار الثري للمعلومات التي قدمتها المخابرات التركية، فإن فعالية المشاريع العسكرية ستتضاءل إلى حد كبير.

وأضافت: "فيدان ترك بصماته في مختلف التضاريس، من الشرق الأوسط وحتى أوروبا، وأفريقيا وروسيا، وتوسع النفوذ وصعوده للخارجية نقطة تحول مهمة في سياسة تركيا الخارجية".


وقالت إنه وجوده في الخارجية سيوفر احتمالا لاستعادة الوزارة دورها المحوري في توجيه السياسة الخارجية للبلاد، وهي الوظيفة التي تمارسها أغلب الأجهزة الأمنية والرئاسة، والتعاون الوثيق بين أردوغان وفيدان يوفر خبرة رائعة للسياسة الخارجية لتركيا، ستشمل الدبلوماسية والسياسية والعسكرية.

وتابعت: "لا تمنحهم هذه الثروة من الخبرة ميزة تنافسية على الغرب فحسب، بل تبرز أيضا أوجه القصور الظاهرة في الدول الغربية، حيث يبدو أن النهج المتماسك للسياسة الخارجية يتركز إلى حد كبير في مجال وكالات الاستخبارات، التي تجمع المعلومات من وزارتي الخارجية والدفاع".

ورأت أن نجاح فيدان يعتمد على قدرته على موازنة مصالح تركيا مع مصالح جيرانها وحلفائها، وكذلك إدارة السياسة الداخلية المعقدة للبلاد.