قال
صحيفة نيويورك تايمز، إن الحوار الذي
أجرته الحكومة
المصرية، مع
المعارضة في البلاد، مؤشر على شعور رئيس النظام عبد
الفتاح
السيسي، بالضغط، نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي قرر مؤخرا،
إجراء محادثات مع ما تبقى من المعارضة في مصر، لتجد لها مقعدا على الطاولة، عقب
عقد من القمع والسجون والمنافي.
وانطلقت أولى جلسات
الحوار الوطني في مصر، في 3 أيار/ مايو، بمشاركة سياسيين وأحزاب وشخصيات عامة
وبرلمانيين، لمناقشة قضايا عدة قُسمت إلى ثلاثة محاور، سياسية واقتصادية ومجتمعية.
وفي كلمة مسجلة بُثت
خلال أولى جلسات الحوار، قال السيسي إن الحوار من أجل "صالح وطننا العزيز
ورسم ملامح جمهوريتنا الجديدة، التي نسعى إليها معا.. دولة ديمقراطية حديثة ونضع
للأبناء والأحفاد، خارطة طريق، لمستقبل واعد مشرق يليق بهم".
لكن الصحيفة أوضحت أنه
في ظل المناخ غير الديمقراطي في مصر، فإن آفاق المصالحة تعتبر محدودة.
وذكرت أنه بمجرد بدء الحوار الوطني، فقد سعت الحكومة لتطويق المحادثات، وهو مؤشر على أنه بعد سنوات من
القمع السياسي والسيطرة العسكرية على الاقتصاد، فلا تزال القيادة مترددة في بدء
صفحة جديدة حتى لو كان هذا الأمر يلاقي قبولا لدى الناس والمقرضين الغربيين
والحلفاء الخليجيين.
ووفقا للصحيفة، فقد مُنع
الإسلاميون من الحوار، ولم تتم دعوة كثيرين من المعارضة الليبرالية العلمانية، وتم
تحديد الموضوعات التي ستتم مناقشتها، مع استبعاد أي شيء يتعلق بمسألة الأمن القومي.
وفي اليوم التالي
للمحادثات التي انطلقت، في أيار/ مايو الماضي، أشارت الصحيفة إلى أن مصر استيقظت
على نبأ اعتقال عشرات من أقارب وأنصار أحمد الطنطاوي، وهو الشخص الوحيد حتى الآن
الذي أعلن أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة أمام السيسي.
وأوضحت أن الإصلاح
الاقتصادي الذي وعدت به الحكومة لم يتعد كونه مجرد تصريحات مع القليل من الإجراءات.
وأشارت الصحيفة إلى
التصريحات العلنية غير المعتادة لوزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى، في أيار/ مايو
الماضي، والتي قال فيها: "الحقيقة هي أن المصريين في الوقت الحالي يشعرون
بقلق كبير وهم يتساءلون عن سياسات مصر وإلى أين تتجه".
ووفقا لـ"نيويورك
تايمز"، فإنه لطالما حذر الاقتصاديون والمحللون من أن الاقتصاد المصري الراكد الذي
تسيطر عليه الدولة، إلى جانب إنفاق السيسي السخي على الأسلحة ومشاريع البناء التي
أدت إلى نمو قصير الأجل، لكنها تسببت في ارتفاع فاتورة الديون بشكل ضخم، كانت غير
سليمة.
ورأت الصحيفة أن نقاط
الضعف هذه أصبحت واضحة للغاية بعد غزو روسيا لأوكرانيا، العام الماضي، عندما
ارتفعت أسعار واردات القمح والوقود، وجفت عائدات السياحة الروسية والأوكرانية،
وسحب المستثمرون الأجانب الدولارات من مصر.
وأوضحت أنه رغم الجهود
الرسمية لتصوير الأزمة على أنها تداعيات لا مفر منها للحرب، فإن الغضب الشعبي لا
يزال مسموعا بصوت عال، وفقا لمعايير بلد يمكن أن يؤدي فيه انتقاد السلطات علنا إلى الاعتقال.
وقال محللون للصحيفة
إن محادثات المعارضة هي أحد المؤشرات على أن السيسي يشعر بالضغط، وأحد المؤشرات
الأخرى ظهرت عندما قال عضو في البرلمان، الأسبوع الماضي، إن الانتخابات الرئاسية،
المتوقعة العام المقبل، ستُقدم إلى نهاية العام الجاري.
واعتبر محللون
ودبلوماسيون أن تقديم موعد الانتخابات إشارة إلى أن المؤسسة الحاكمة تخشى
أن تنخفض شعبية السيسي أكثر قبل الموعد الأساسي للتصويت، بحسب الصحيفة.
لكن "نيويورك
تايمز" أوضحت أنه رغم وجود أمل ضئيل في إجراء انتخابات حرة ونزيهة حقيقية،
إلا أن السيسي والجهاز العسكري والأمني متوافقان مع المظاهر.
ونقلت الصحيفة عن
محللين قولهم، إن انتشار الفقر والمعاناة على نطاق واسع في مصر أصبح مضمونا تقريبا
الآن، وقد يؤدي الانهيار الاقتصادي إلى إثارة الاضطرابات التي يمكن أن تمتد إلى
أجزاء أخرى من الشرق الأوسط ودفع الهجرة الجماعية إلى أوروبا.
وفي غضون أشهر، فقد
تضطر البلاد إلى الاختيار بين الوفاء بمدفوعات ديونها وبين إطعام العديد من المصريين
الفقراء الذين يعتمدون على الخبز المدعوم من الحكومة.