تحدث باحث
إيراني عن خمسة سيناريوهات، لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية رغم أن بعضها غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، في ظل عدم وجود مؤشرات لإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد معها.
ويذكر الباحث سعيد قاسمي نجاد، في
مقال على مجلة "ناشونال إنترست"، أن التفاصيل الدقيقة لا يزال يكتنفها الغموض بشأن اتفاق محتمل بين واشنطن وطهران، لكن المخطط العام يشير إلى أن طهران ستتلقى حوافز مالية وإلغاء عقوبات مفروضة على صادرات النفط، مقابل توقفها عن تخصيب
اليورانيوم بنسبة تتجاوز الـ60 بالمئة.
ورأى أن هذه الترتيب المحتمل محاولة يائسة من
الولايات المتحدة وحلفائها لكبح التقدم
النووي للجمهورية الإسلامية، ما يثير التساؤل الأبرز: "هل يمكن منعها من أن تصبح قوة نووية؟".
وأشار إلى خمسة سيناريوهات محتملة لمنع طهران من تحقيق طموحها بامتلاك القنابل النووية، بعضها غير قابل للتطبيق..
فتوى من المرشد الأعلى
أما السيناريو الأول، فينطوي على الالتزام بفتوى من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بالامتناع عن تطوير قنبلة لأسباب دينية أو أخلاقية.
وتراوغ إيران بشأن فتوى نووية، وتستخدمها كدليل على عدم اهتمامها بالأسلحة النووية، كما أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تذكر أن طهران لم تقرر بعد تصنيع قنبلة نووية.
وهذا السيناريو يبدو بعيدا للغاية، بحسب الباحث الإيراني، مشيرا إلى أن مستويات تخصيب اليورانيوم في طهران تجاوزت الأغراض المدنية، ما يشير إلى أنها تسعى للحصول على قنبلة نووية.
وعلاوة على ذلك، فإن تلك الفتوى "يمكن إبطالها في أي لحظة، فخامنئي لم يتحمل عقوبات فرضت على نظامه منذ نحو عقدين لمجرد أن بلاده ترغب في إنتاج الطاقة الكهربائية من محطات نووية.. فهو يعتبر أن المظلة النووية وثيقة تأمين نهائية لاستمرار نظامه.
إقناع خامنئي بالحوافز
أما السيناريو الثاني فيقوم على إقناع خامنئي بالحوافز المالية والسياسية للتخلي عن السعي وراء الأسلحة النووية، ويعتبر هذا النهج الاستراتيجية المفضلة لدى الغرب.
ويشير المدافعون عن هذه الطريقة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، باعتباره إنجازا أساسيا لها، ومع ذلك فإنه يجب أن يكون واضحا للجميع، بمن فيهم مؤيدو الاتفاقية، أن الاتفاقية فشلت في خنق طموحات طهران النووية، كما يذكر الباحث.
ويتابع نجاد قوله: "لكن العقبة في تكتيكات التأخير والتأجيل هي أنها تصل دائما إلى نقطة النهاية".
وعلى الرغم من تقديم حزمة جذابة من الحوافز السياسية والاقتصادية لإيران، فإن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تنجح في إقناع طهران بإعادة الالتزام بالاتفاق النووي.
وأدى فشل بايدن في فرض العقوبات وتوحيد الحلفاء ضد طهران إلى زيادة جرأة النظام وتقليص نفوذ واشنطن، كما أظهر الاتفاق النووي، أنه من غير المرجح أن تقنع المكافآت المالية والسياسية طهران بالتخلي عن تطلعاتها النووية وتفكيك البرنامج.
مزيج من الضغوط
وينشأ السيناريو الثالث من خلال مزيج قوي من الضغط السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والسري والعسكري يهدد بقاء النظام، ما يجبره على التخلي عن برنامجه النووي لمنع الانهيار.
واعتمدت الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية بشكل متقطع، بعد أن أقرنتها بالحوافز المالية والسياسية. ومع ذلك، فإنها لم تكن حملة الضغط شاملة أو مطلقة أبدا، حيث ركزت بشكل أساسي على الضغط الاقتصادي والدبلوماسي والعمليات السرية دون استخدام هذه الأدوات بالكامل، كما يذكر الباحث نجاد.
ورأى أنه على مدار العامين ونصف الماضيين، أهدرت الولايات المتحدة الكثير من نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي على طهران من خلال إخفاقها في دعم العقوبات وعزل الحلفاء الإقليميين. وبدلا من ذلك، تمكنت طهران من تحسين علاقاتها مع دول الخليج العربي، وخاصة السعودية.
ولا يزال سوء إدارة النظام للاقتصاد ورهانه في دعم الغزو الروسي لأوكرانيا يوفر أرضية خصبة لاتباع استراتيجية ضغط، لكن يمكن للنقاد أن يجادلوا بأن التقدم النووي لطهران وفقدان واشنطن لنفوذها يلقيان بظلال من الشك على ما إذا كان ذلك الضغط كافيا.
انهيار النظام الإيراني
وأما السيناريو الرابع، فيتمثل في "انهيار النظام الإيراني"، إذ أدت أوجه القصور الهيكلية المختلفة في مفاصله إلى جعله غير مستقر.
ورأى الباحث نجاد، أن تدخلات إيران الخارجية تعرضها لمخاطر الحرب والغزو الأجنبي، كما أن عدم كفاءتها و"استبدادها" يجعلها عرضة للثورة.
وتابع: "وبافتراض زيادة التنافس والصراع الداخليين بين مراكز القوى على الموارد المحدودة، فإن الانقلابات ستنشأ، وبالتالي فإن انهيار النظام الحالي سوف يحل المعضلة النووية بشرط ألا يكون النظام السياسي اللاحق معاديا للولايات المتحدة".
وتكمن مشكلة هذا السيناريو، بصرف النظر عن افتقاره إلى التوقيت المناسب لإفشال طموحات خامنئي النووية، هي التكلفة الكبيرة والعواقب المحتملة لانهيار النظام.
ورأى أن الثورات لا يمكن التنبؤ بها ويصعب تنظيمها، وعادة ما تفتقر الانقلابات إلى معدلات نجاح عالية، وهناك القليل من شهية الغرب للتحريض على تغيير النظام في إيران عبر الغزو العسكري، خاصة بعد عقدين من الانخراط في أفغانستان والعراق.
علاوة على ذلك، فقد يؤدي انهيار النظام السياسي الإيراني إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل كبير، وقد لا تتوافق الحكومة المقبلة بالضرورة مع مصالح الولايات المتحدة أو الحلفاء، ولهذا السبب، أبدت واشنطن وحلفاؤها اهتماما ضئيلا بالاستفادة من نقاط ضعف في منظومة طهران الحالية.
ضربة عسكرية
أما السيناريو الخامس، فيشير إلى توجيه ضربة عسكرية تستهدف برنامج طهران النووي، وإذا نجحت فقد تؤخر تطوير البرنامج لسنوات.
ومع ذلك، فإن النقاد يجادلون بأن هذه الإضرابات لن تقضي على البرنامج بالكامل، ويؤكدون أنه في أعقاب ذلك، ستوقف طهران التعاون وتستأنف وتسرع جهودها نحو تطوير قنبلة نووية.
وفي الوقت ذاته، سترد إيران على الخصوم بهجمات صاروخية وعمليات إرهابية، وهذا يعني أن ضربة عسكرية واحدة لن تكون كافية بمرور الوقت.
وختم الباحث بأنه على المدى الطويل، فإن أفضل استراتيجية هي ممارسة أقصى قدر من الضغط على النظام، وتقديم أقصى قدر من الدعم للشعب الإيراني لإسقاطه، أما على المدى القصير، فيظل إحياء الضغط الأقصى من خلال التحضير لضربة عسكرية هو الخيار الواقعي الوحيد.