أعلنت
أربع منظمات حقوقية رفع شكوى ضد الدولة
التونسية بخصوص "الاعتقال التعسفي" الذي طال سياسيين معارضين، أمام الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي.
وقالت
"الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية"، و"منظمة محامون بلا
حدود"، والشبكة الأورو-متوسطية للحقوق"، و"معهد التحرير لسياسات الشرق
الأوسط" إنها رفعت شكوى مشتركة، الجمعة، أمام الفريق العامل التابع للأمم المتحدة
المعني بالاحتجاز التعسفي.
وقُدِّمت
الشكوى نيابةً عن خيام التركي، وشيماء عيسى، وعبد الحميد الجلاصي، وعصام الشابي، وغازي
الشواشي، ورضا بلحاج، وجوهر بن مبارك، ولزهر العكرمي .
ويقبع
هؤلاء السياسيون في السجن منذ أكثر من خمسة أشهر؛ على خلفية تهمة " التآمر"
على أمن الدولة، ولم تقبل السلطات القضائية مطالب الإفراج عنهم المقدمة من هيئة الدفاع،
باستثناء شيماء عيسى ولزهر العكرمي.
وقال محامي الدفاع كريم المرزوقي إن الأربع منظمات وبالتنسيق مع عائلات الموقوفين قدمت ثماني شكاوى، نظرا للخروقات المتعلقة بعملية احتجاز السياسيين.
وأفاد
المحامي المرزوقي في تصريح خاص لـ"عربي21" بأن الشكاوى "تضمنت أن المحاكمات
سياسية ضد المعارضين لأجل ممارستهم للحريات العامة، وأن السلطة تشن هجمة ضد كل عمل
سياسي يعارضها".
وأضاف:
"كما تتضمن الشكوى عدم توفر شروط المحاكمة العادلة؛ لأن
القضاء غابت عنه ضمانات
الاستقلالية باعتباره مستهدفا من السلطة السياسية".
ولفت
المحامي إلى أن هناك تدخلا مباشرا من الرئيس قيس سعيد ووزيرة العدل ليلى جفال في ملف
الموقوفين، على حد تقديره.
ودعت
المنظمات الحقوقية في بيان لها السلطات التونسية إلى إسقاط التهم الموجّهة ضدهم، وضد
كل الذين يُحاكَمون ويسجنون لمجرّد ممارستهم حقوقهم المدنية والسياسية.
وطالبت
المنظمات بوقف كافة الممارسات التي تستهدف تقييد الحق في المشاركة السياسية وحرية التعبير
والتجمّع السلمي في تونس.
ورأت
المنظمات أن الشخصيات السياسية المُعارِضة الثماني هي رهن الاحتجاز التعسفي على ذمّة
التحقيق في قضية "التآمر ضدّ الدولة"، وأنهم محتجزون على خلفية تهم ملفّقة
تستند إلى مزاعم لا أساس لها من الصحة، على حد تقديرها.
وقال
رئيس الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق وديع الأسمر: "تعتبر منظّماتنا أنّ احتجاز
المعارضين السياسيّين الثمانية في هذه القضية هو بمثابة انتقام مباشر منهم؛ بسبب إصرارهم
على ممارسة حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في المعارضة السياسية السلمية".
وأضاف
رئيس الشبكة: "جلّ ما قاموا به هو انتقاد التدابير غير الديمقراطية وغير الدستورية
التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد منذ تموز/ يوليو 2021، ما أدى إلى حرمانهم من الحرية، وتعريض حياتهم للخطر".
وأوضحت
المنظمات في الشكوى المقدّمة كيف أنّ احتجاز المعارضين السياسيّين الثمانية، والتحقيق
معهم، واستمرار احتجازهم، ينتهك حقوق الإنسان الأساسية التي تعهّدت تونس باحترامها بموجب
دستورها والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية.
وبحسب
المديرة التنفيذية لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط مي السعدني، فإن "السلطات
التونسية تنتهك الحق في حرية التعبير، وحرية التجمّع السلمي، وحرية المشاركة في الشأن
العام، والحق في عدم الحرمان من الحرية تعسّفيًا، والحق في محاكمة عادلة".
وشددت
مي السعدني على أنه ينبغي على السلطات التونسية احترام التزاماتها بموجب القانون الوطني
والدولي، ووقف هذه
الانتهاكات".
وأكدت
المنظمات أن حقوق الضحايا انتُهِكَت منذ البداية، عندما قوّض الرئيس علنًا مبدأ قرينة
البراءة، إذ وصفهم بأنّهم "إرهابيون"، واتّهمهم بـ"التآمر لزعزعة الدولة
وإثارة التوتر الاجتماعي".
ورأت
المنظمات أن التحقيق مع المعتقلين شهد تدخّلات صارخة وضغوطًا من الرئيس قيس سعيّد على
القضاء، خاصة تهديده المباشر للقضاة بقوله أمام الكاميرا: "من يبرّئهم فهو شريك
لهم".
وأفاد
مدير مكتب "محامون بلا حدود" لمنطقة البحر الأبيض المتوسط أنطونيو مانغانيلا
وفق ما نشر في البيان، بأن "هذه القضية ذات طابع سياسي صرف، فالتّهم مجردة، وتُشكّل
هذه القضية جزءًا من حملة أوسع ضد المعارضة السلمية في تونس تهدف إلى إسكات الأصوات
المعارِضة، وإلغاء التعددية السياسية في البلاد".
من جهته،
أشار رئيس الهيئة الوطنية التونسية للدفاع عن الحريات والديمقراطية العياشي الهمامي، إلى أنّ "الرئيس قيس سعيّد يسير بخطى ثابتة نحو الحكم الاستبدادي".
وتابع
الهمامي: "فبدلاً من استهداف جميع الأصوات المعارِضة، يجب على السلطات احترام
مبادئ دولة القانون والحريات، وفتح حوار ديمقراطي مع كل الفاعلين السياسيين للخروج
من الأزمة".