كشف صحيفة ألمانية، أن عسكريين تربطهم علاقات باللواء الليبي المتقاعد خليفة
حفتر، متورطون في تنظيم عمليات
تهريب للمهاجرين غير النظاميين ممن يتوجهون نحو
أوروبا انطلاقا من السواحل الليبية.
وأشارت "دير شبيغل" إلى أن التحقيقات مع تسعة مصريين اعتقلتهم السلطات اليونانية مؤخرا على خلفية غرق سفينة مهاجرين كانت تقل نحو 750 مهاجرا قادت إلى الجناة الحقيقيين، وهم رجال وعسكريون تربطهم صلات بحفتر وقواته.
روايات شهود
وقال السوري ديان النعمان (اسم مستعار) إنه اضطر للانتظار طويلاً في منزل بأحد ضواحي مدينة طبرق شرق البلاد، قبل أن يغادر نحو أوروبا عبر البحر، في رحلة لم تصل إلى نهايتها، مشيرا إلى أنه كان عليه أن يشرب الماء القذر، و"كان الإذلال والتهديد والضرب من الأمور المعتادة في المنزل"، وفق ما قاله للصحيفة.
وعندما وصل الشاب النعمان إلى شرق
ليبيا، فقد كان بعض الرجال ينتظرونه بالفعل، وزعم أن عناصر لواء طارق بن زياد، وهم يتبعون لحفتر، أخذوه من مطار بنغازي التي تخضع لحراسة مشددة، ثم ساروا به عبر العديد من نقاط التفتيش دون أي مشاكل، وصولا إلى المنزل في طبرق حيث يتم تجميع المهاجرين قبل الزج بهم في مراكب الموت.
ويقول النعمان إنه دفع 4500 دولار للعبور، وكان من المفترض أن تبدأ الرحلة إلى إيطاليا، ومن هناك أراد أن يشق طريقه إلى ألمانيا. لكن الرحلة انتهت بالفشل، فيما قدم ناجون آخرون شهادات مماثلة، مؤكدين أنهم انتقلوا عبر شركة أجنحة الشام للطيران السوري إلى بنغازي، بموافقة من قوات حفتر.
النعمان، الذي لا يريد نشر اسمه الحقيقي خوفًا من العواقب، هو واحد من حوالي 750 لاجئًا صعدوا على متن سفينة أدريانا المتداعية في 14 حزيران/ يونيو. لقد أرادوا بدء حياة جديدة في أوروبا، لكن الموت ابتلعهم في عرض البحر، ليتمكن 104 أشخاص من النجاة فقط.
وعلى إثر الكارثة، فقد اعتقلت السلطات اليونانية تسعة مصريين كانوا على متن السفينة. والمدعون العامون يعتقدون أنهم هم المهربون. ويواجه الرجال غرامات باهظة وأحكاما بالسجن مدى الحياة في حالة إدانتهم.
استند الادعاء في مزاعمه إلى شهادات ناجين آخرين، وأكد أن الرجال وزعوا الماء والطعام على متن السفينة، وأساءوا معاملة الركاب الآخرين ونفذوا الأوامر. لكنّ اثنسن من الناجين فندوا هذه الرواية وزعموا أنهما تعرضا للضغط من قبل المسؤولين اليونانيين لتسمية الرجال بأنهم المتاجرون بالبشر.
لكن يبقى السؤال: من المسؤول حقًا عن العبور المميت؟
فريق من "دير شبيغل" حاول تفكيك هذا السؤال والإجابة عنه، وأجرى بحثا وتواصلا مع أهالي الناجين، ليتوصلوا إلى أن الأشخاص الحقيقيين الذين يقفون وراء تنظيم رحلات المهاجرين ليسوا محتجزين في سجن يوناني بل هم طلقاء في الشرق الليبي.
وقال شهود إن أحد المتورطين الرئيسيين هو رجل يدعى "محمد أ"، ويعمل مع ما يسمى بـ"الضفادع"، وهي وحدة من القوات الخاصة التابعة للبحرية الليبية والتي يسيطر عليها الجنرال خليفة حفتر.
ويسيطر حفتر على المنطقة في شرق ليبيا حيث أبحرت "أدريانا" المنكوبة. وعلى مدار العام ونصف العام الماضيين، ازدهرت تجارة التهريب هناك، خاصة مع تحول مسار التهريب من غرب ليبيا إلى الشرق، وفقا للصحيفة التي انتقدت "تودد" مالطا وإيطاليا حاليا إلى اللواء المتقاعد حفتر، ويريدون منه
ومليشياته أن يكون الحارس لأوروبا ويوقف تدفق اللاجئين، مقابل تقاضيه أجرًا رائعًا.
ولفتت الصحيفة في تقريرها إلى أن الرجل الذي توشك أوروبا على إعلان أنه شريكها سيكون في الواقع تاجرًا للبشر، فالاتحاد الأوروبي يعتمد بشكل متزايد على شركاء مشكوك فيهم وعلى القوى الإجرامية التي تسعى إلى جني الأموال مرتين.
بـ"إشراف صدم حفتر"
ويقول جلال حرشاوي، الخبير في الشؤون الليبية، للصحيفة، إن حفتر يروج بقوة لحقيقة أنه يحتكر استخدام القوة في شرق ليبيا. وإنه لا يمكنه الادعاء بأنه غير متورط في تجارة التهريب، فيما يقول أحد الناجين، إن صدام حفتر يشرف على جميع الرحلات.
ووفقًا لناجين، فإن السفينة المنكوبة انطلقت في ساعات الصباح الباكر، وفي الليلة السابقة، كان لا بد من نقل الركاب من المنزل إلى الخليج شرق طبرق، لكن أحداً لم يسبب لهم أي مشاكل رغم حظر التجول. ما يعني أن ما يجري كان بعلم أطراف من قوات حفتر.
وكان موظفون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون أوروبيون قالوا في كانون الثاني/ يناير، إن مغادرة قوارب اللاجئين تمثل "مصدر دخل مربح لحكام شرق ليبيا المعنيين".
لكن الصحيفة تقول إن هذا لم يمنع دول جنوب الاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، من السعي للعمل مع حفتر. ففي أيار/ مايو، دعته رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى روما، وبعد وقت قصير سافر وفد من مالطا إلى بنغازي.
وقال وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بينتيدوسي قبل أيام قليلة من غرق السفينة: "سنطلب من حفتر مزيدا من التعاون لوقف المغادرين". وعلقت الصحيفة قائلة: "يُسمح لأمير الحرب بتقديم نفسه كحل لمشكلة ربما يكون قد خلقها في المقام الأول".