وبحسب ما جاء في موقع "ميدل إيست
آي" البريطاني، في وقت سابق من هذا الشهر، كشفت التحقيقات التي أجرتها إحدى
وسائل الإعلام الفرنسية عن تورط الإمارات في حملة تشويه استهدفت أكثر من 1000 شخص
ومئات المنظمات في أوروبا.
وحصلت صحيفة "ميديا بارت"
الفرنسية على وثائق أظهرت أن الإمارات استأجرت "آلب سيرفيسز"، وهي شركة
استخبارات خاصة مقرها جنيف، للحصول على معلومات عن أشخاص من 18 دولة أوروبية بين
سنتي 2017 و2020.
وتابع الموقع: "أعقب ذلك حملة
تشهير استهدفت الأشخاص الواردة أسماؤهم بأنهم على صلة بجماعة الإخوان المسلمين أو
الانتماء إليها، والتي وصفتها الإمارات بأنها منظمة إرهابية. ولم ترد السفارة
الإماراتية في باريس على طلب صحيفة "ميديا بارت" للتعليق، ويُذكر أن
أبوظبي نفت في السابق مشاركتها في حملات مماثلة".
وكانت الصحفية التي تعمل على تقارير
حقوقية، لا سيما حقوق المرأة، والإسلاموفوبيا، والعنصرية ضد السود في فرنسا، رقية
ديالو، من ضمن قائمة المستهدفين.
وقالت ديالو للموقع: "لقد صُدمت.
شعرت أن هذا غير عادل للغاية". وتابعت حديثها قائلة: "أشعر أن الأشخاص
المستهدفين هم نفس الأشخاص الذين ستستهدفهم الجماعات اليمينية المتطرفة"، مضيفة
أن قائمة الأشخاص الذين أُرسلت بياناتهم إلى حكومة الإمارات العربية المتحدة
"لا معنى لها".
وتخشى الصحفية الحقوقية من أن يكون
لاستهدافها من قبل الإمارات والتجسس عليها عواقب وخيمة على عملها، وأوضحت قائلة:
"لا أفهم سبب ربطي بجماعة الإخوان المسلمين، لكن هذا سيعطي مبررات للأشخاص
الذين هم بالفعل ضدي بسبب دعمي لحقوق المسلمين".
وتضمنت المعلومات المرسلة إلى أجهزة
المخابرات الإماراتية أرقام الهواتف والتفاصيل الشخصية. وقالت شركة "آلب
سيرفيسز" إن هذا الاتهام يستند إلى "بيانات مسروقة" وزعمت أن خط
الاستجواب من الصحفيين يشير إلى أن الوثائق "مزورة جزئيًا".
وبمجرد إرسال المعلومات إلى أجهزة
المخابرات الإماراتية؛ تمكن العملاء من استهداف الأفراد من خلال الحملات الصحفية
والمنتديات المنشورة حولهم وإنشاء ملفات تعريف وهمية وتعديل صفحات ويكيبيديا. وفي
بعض الحالات، تم العمل لضمان إغلاق الحسابات المصرفية للأفراد والمنظمات
المستهدفة.
وكان للارتباط بجماعة الإخوان المسلمين
عواقب بعيدة المدى على ضحايا الحملة، وفي بعض الحالات أثر ذلك على حياتهم المهنية،
وتُرك ضحايا الملفات مصدومين وغاضبين ومذعورين. وأُجبر البعض على الفرار من وطنهم،
بينما خسر آخرون أعمالهم وتكبدوا خسائر مالية فادحة بالإضافة إلى الإضرار بسمعتهم.
حصيلة الصحة العقلية
وقالت ديالو إنها لم تكن تتوقع أن ترى
نفسها مدرجة في قائمة الأشخاص المستهدفين وأنها لم تعد تشعر بالأمان. وكان لربطها
بجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة نأت بنفسها عنها، تأثير كبير على عملها وصحتها
العقلية.
وأوضحت قائلة: "بالطبع كان لها
تأثير سلبي للغاية. هناك الكثير من الإسلاموفوبيا في الصحافة، وكوني واحدة من ضمن
عدد قليل جدًا من المسلمين الذين يظهرون في المجال العام، كنت قلقة بشأن الكيفية
التي يمكن أن يؤدي بي هذا إلى تشويه سمعة عملي".
وقالت ديالو إنه بعد ربطها بجماعة
الإخوان المسلمين، تعرضت لبعض المضايقات،
وهو ما وجدته مقلقًا. وصرحت قائلة: "بصفتي امرأة مسلمة سوداء، خاصة في فرنسا،
فقد عرّضني هذا للعنف؛ حيث أتلقى تهديدات باستمرار، من الموت إلى الاغتصاب، وأنا
قلقة للغاية بشأن الكيفية التي سيؤدي بها ذلك إلى تضخيم التهديدات التي أتلقاها
بالفعل".
واضطرت الصحفية والكاتبة إلى إعادة
التفكير فيما تنشره على الإنترنت بالإضافة إلى تواجدها على منصات التواصل
الاجتماعي، وقالت إنها لم تكن تريد الظهور للعلن لبعض الوقت على الرغم من أن هذا جزء من عملها.
واتصلت ديالو منذ ذلك الحين بمحاميها
وطلبت الدعم، لكنها لا تزال تتعامل مع رد الفعل العنيف والمضايقات من كونها في
الطرف المتلقي لحملة كراهية على الإنترنت.
وأوردت قائلة: "أنا قلقة لأنني
استُهْدِفْتُ من قَبْل بتهديدات عنيفة، الأمر الذي زاد من الشكوك تجاهي، وخاصة
الشكوك الموجهة ضد المسلمين". كما أثارت ديالو مخاوف بشأن التجسس عليها،
والمعلومات الحساسة التي تعمل معها غالبًا كصحفية يتم نقلها إلى حكومة الإمارات
العربية المتحدة.
محاولة فاشلة؟
وشكك العديد من الأشخاص الذين تم
استهدافهم في الحملة في عملية اختيار الأشخاص المستهدفين. وقالت ديالو: "لا
أعتقد أن الحملة نجحت. لقد نسخوا ولصقوا قائمة بالأشخاص المستهدفين من قبل اليمين
المتطرف".
ومن بين الأشخاص الآخرين الذين تم
استهدافهم في الحملة حشمت خليفة، عضو مجلس الأمناء لمنظمة الإغاثة الإسلامية
العالمية، إذ جرى ربط اسمه بالإرهاب بعد عمله مع منظمة إنسانية مصرية في البوسنة
خلال التسعينات.
وبحثت شركة "آلب سيرفيسز"
أيضًا في تاريخ خليفة على منصات التواصل الاجتماعي واتهمته بنشر منشورات معادية
للسامية في أعقاب حرب إسرائيل على غزة في سنة 2014، مما أجبره على الاستقالة من
منصب الوكيل.
وفي بلجيكا، قال المحلل السياسي فؤاد
غندول، الذي استُهدف أيضًا، إنه لا صلة له بجماعة الإخوان المسلمين. ووفقًا لصحيفة
"لو سوار"، تمت إضافته إلى القائمة بسبب عضويته في منظمة منحلة حاليا
تدعم الأصوات الإسلامية التقدمية.
وأُجبرت المطربة منال ابتسام على ترك
عرض للمواهب في سنة 2018 بعد أن ظهرت تغريداتها القديمة المتعلقة بالهجمات الإرهابية
في نيس وسان إتيان دو روفراي، ونددت فيما بعد بالتغريدات قائلة إنها تحب فرنسا
وتدين العنف وأن التغريدات كتبت في لحظة غضب لانتقاد "التمازج بين الإرهاب
والدين".
وفي حين أن الحملة لم تمنع ديالو من
الاستمرار في عملها كصحفية، إلا أنها قالت إنها مضطرة حاليًا إلى اتباع أساليب
مختلفة لحماية نفسها بشكل أكبر من المضايقات والتجسس عليها. ونوهت قائلة: "سأتوجه إلى المنظمات الدولية التي تدعم وتحمي الصحفيين المعرضين للخطر
وأحاول حماية نفسي جسديًا ورقميًا".
هل تحول السودان إلى ساحة حرب بالوكالة بين السعودية والإمارات؟
MEE: هؤلاء دمرتهم حملة التشهير الإماراتية ضد مسلمي أوروبا
FT: بعد إطفاء النيران.. فرنسا بحاجة لعقد اجتماعي جديد