نشرت صحيفة "واشنطن بوست"
مقالا للكاتب جيسون ويليك، قال فيه إنه "بينما يكافح
الهجوم المضاد في أوكرانيا لإحراز تقدم ضد الخطوط الروسية المحصنة، وجدت نفسي أعود إلى الملاحظات التي أدلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي في النادي الاقتصادي بنيويورك في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وذكر ويليك في المقال الذي ترجمته “عربي21”, أن الجنرال ميلي حظي بتغطية إخبارية واسعة عندما اقترح تسوية تفاوضية للحرب، بعدما أذهلت أوكرانيا العالم بصد الغزو الأولي لروسيا، ما أجبرها على العودة إلى خطوط السيطرة الموجودة اليوم تقريبا.
وقال الجنرال الأمريكي: "لدينا حرب لم تعد قابلة للانتصار عسكريا"، وهو أمر مشابه لما جرى في الحرب العالمية الأولى، عندما قرر القادة الأوروبيون أن لا خيار أمامهم سوى تحقيق نصر كامل، فكانت النتيجة 20 مليون حالة وفاة بنهاية الحرب.
وأكد ميلي: "يمكن أن تسوء الأمور مستقبلا، لذا يجب اغتنام فرصة للتفاوض، يمكن من خلالها تحقيق السلام".
وتحدث كاتب المقال، أن الجنرال ميلي اقترح في الأسبوع التالي من الخطاب مرة أخرى أن الوقت قد حان للمفاوضات.
وقال ميلي حينها خلال مؤتمر صحفي، "إنه على الرغم من النجاح البطولي لأوكرانيا في طرد الروس من خاركيف وخيرسون، فإن من "الصعب للغاية" طرد الجيش الروسي من البلاد بأكملها بالقوة، ومع ذلك قد تكون هناك فرصة للحلول السياسية، لاسيما أننا نريد التفاوض من موقع قوة، وروسيا الآن في موقف ضعيف".
وأضاف الكاتب جيسون ويليك أن حديث ميلي طُبق على الأرض، فإدارة بايدن نأت بنفسها على الفور عن تصريحاته، إذ تصور فكرة التسوية السياسية بالدوائر السياسية في واشنطن على أنها تقويض لهدف أوكرانيا المتمثل بتحقيق نصر كامل.
وحول الهجوم الأوكراني المضاد، قال ويليك: "لقد تضخمت التوقعات بشأنه وبدعم من الأسلحة الأمريكية، بدأ الهجوم في أوائل الشهر الماضي، لكن الاختراق المأمول لم يتحقق".
ونقل المقال عن المحللين العسكريين مايكل كوفمان وروب لي، اللذين عادا مؤخرا من الجبهة، حيث وصفا المشهد هناك بأنه حرب استنزاف طاحنة مع سيطرة القوات الروسية المتحصنة على أراضيها، بينما يكافح الجنود الأوكرانيون عديمو الخبرة نسبيا لتنسيق عملياتهم الهجومية.
وأوضح ويليك أن القادة الغربيين يطالبون بالصبر، لرؤية نتائج الهجوم المضاد، ومع ذلك، يبدو أن شكوك ميلي حول قدرة أوكرانيا على تحقيق نصر كامل كانت منتشرة على نطاق واسع داخل إدارة بايدن قبل بدء الهجوم الأوكراني.
وأفاد دانييل مايكلز من صحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع، بأن "المسؤولين العسكريين الغربيين يعرفون أن كييف لم يكن لديها كل التدريب أو الأسلحة -من القذائف إلى الطائرات الحربية- التي تحتاجها لطرد القوات الروسية".
ويتماشى ذلك مع ما نشرته واشنطن بوست في نيسان/ أبريل الماضي عن وثيقة استخبارات أمريكية مسربة تتنبأ فقط بمكاسب إقليمية "متواضعة" لأوكرانيا.
وبحسب الوثيقة، "فإن من المحتمل أن يؤدي نقص التدريب الأوكراني وإمدادات الذخيرة إلى إجهاد التقدم وتفاقم الإصابات خلال الهجوم".
وتساءل المقال عن وراء عدم إسراع إدارة بايدن في توفير أسلحة متطورة لأوكرانيا، طالما وصلت هذه التقييمات العسكرية والاستخبارية للحكومة؟
وقال ويليك إن أحد الإجابات عن سؤاله: "لا يوجد سلاح عجيب سحري يمكن أن يحدث فرقا حاسما".
ونقل الكاتب حديث مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الأمريكي أمام منتدى آسبن للأمن الأسبوع الماضي، عندما أشار إلى أن الجودة العالية للدفاعات الجوية على كلا الجانبين جعلت التفوق الجوي غير قابل للتحقيق.
وأضاف سوليفان، أن القادة العسكريين الأمريكيين يشككون في "فكرة أن طائرات F-16 ستلعب دورا حاسما في هذا الهجوم المضاد".
وتحدث المقال عن جواب آخر يكمن في أن القاعدة الصناعية العسكرية للغرب ليست في وضع الحرب، لذا فهو يلبي الاحتياجات الحالية لأوكرانيا بصعوبة.
وتابع ويليك: "يبدو أن النقص في قذائف المدفعية من عيار 155 ملم سيئ للغاية، لدرجة أن إدارة بايدن اضطرت إلى إرسال ذخائر عنقودية لملء الفراغ".
وأشار إلى أن إرسال نظام الصواريخ ATACMS التابع للجيش الأمريكي لأوكرانيا، "وهو أحد آخر الأسلحة الرئيسية التي تمنعها الإدارة"، قد يؤدي إلى الإضرار باستعداد
الولايات المتحدة في أماكن أخرى من العالم.
وأعاد طرح السؤال الشهير للجنرال ديفيد بتريوس قبل حرب العراق عام 2003: "أخبرني كيف سينتهي هذا"، بالنظر إلى تعثر هجوم أوكرانيا المضاد، فمن المحتمل ألا يكون مسار المقاومة الأقل السياسي هو التفاوض مع
روسيا متجرئة.
ورأى الكاتب أن على الغرب الاستعداد لهجوم أوكراني آخر عام 2024، وهجوم آخر بعد ذلك، ففي المحصلة، هناك نتائج أسوأ من حالة الجمود الطاحنة شرق أوكرانيا، والتي على الرغم من كونها مكلفة، لكنها ليست مخاطرة مادية ولا مهينة سياسيا للولايات المتحدة.
ولفت إلى أن أوكرانيا لا تزال في المعركة، ولا يزال من الممكن أن يحدث انهيار روسي، لكن تبدو حروب الاستنزاف وكأنها تنحدر إلى طريق مسدود، حتى تؤدي الخسائر المتصاعدة فجأة إلى انهيار الخطوط الدفاعية.
وقد سلط تمرد مجموعة فاغنر الشهر الماضي الضوء بوضوح على هشاشة هياكل القيادة الروسية، بحسب المقال.
وختم ويليك بالقول: "إن على القادة إظهار المزيد من الحكمة والمرونة من قادة الحرب العالمية الأولى الذين تحدث عنهم الجنرال ميلي عنهم في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إذا كانت احتمالات النصر العسكري الأوكراني بعيدة.