كشفت صحيفة إسرائيلية، عن قلق أمني إسرائيلي من إقدام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على دفع أي ثمن مقابل
التطبيع مع
السعودية.
ونبهت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في افتتاحيتها التي كتبها المحلل العسكري والأمني رونين بيرغمان، إلى أن "مجموعة من الخبراء، حاولت في الأسابيع الأخيرة، أن تسلط بعض الضوء على أحد الألغاز الكبرى في تاريخ السلاح
النووي، وفعلت هذا بالتوازي، مع الأنباء المتصاعدة، بشأن التطبيع بين إسرائيل والسعودية، والذي سيغير وجه الشرق الأوسط".
تطبيع محتمل
وأضافت أن هذا اللغز يتعلق بعدد غير صغير من الأنباء عن المشروع النووي الباكستاني، الذي لم ينشأ هكذا من العدم بل نبت على خلفية تعاون بين إسلام آباد والبلاط الملكي في الرياض.
وبحسب الأنباء؛ فقد مولت السعودية الكلفة الهائلة للمشروع النووي الباكستاني السري، وهذا التمويل أنقذ المشروع، لكن لا توجد هدايا بالمجان، فقد فعل السعوديون هذا مقابل وعد باكستاني بأن ينقلوا قسما على الأقل من ترسانتهم إليهم عندما يحتاجون ذلك".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض تريد أن تحقق الطاقة الكامنة في كمية اليورانيوم الهائلة تحت الأرض، وبالتالي أن تصبح عنصرا مؤثرا في العالم.
وأوضحت الرياض أنها تسعى للبدء بإنتاج الطاقة من مصادر نووية، وهذا كان بشكل جزئي على الأقل عذر إيران حين بدأت بتطوير النووي، وثمة خبراء كبار في الموضوع في "إسرائيل" اقتنعوا بالتعليلات السعودية مثلما اقتنعوا في حينه بتعليلات إيران.
وليس للسعودية سلاح أو مشروع نووي مستقل، لكن توجد غير قليل من الأدلة على أنها بالتأكيد تفكر وتعمل بشكل مصمم وسري في هذا المجال، بحسب الصحيفة.
وأعربت محافل رفيعة المستوى في جهاز الأمن الإسرائيلي عن مخاوفها من أن يكون نتنياهو، "المعني جدا جدا بالتطبيع مع الرياض، أشار بالموافقة على دائرة الوقود النووي على الأراضي السعودية بعد اعتراض لسنوات".
ورأت "يديعوت" أن "التوقيع على اتفاق تطبيع مع السعودية سيساعد الأمن القومي في الصراع ضد إيران، لكنه سيضر بالأمن القومي الإسرائيلي".
وترى محافل أمنية إسرائيلية، أن توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية برعاية أمريكية، هو "التفافة حذوة حصان يمكنها أن تغير الواقع السياسي في إسرائيل".
وتتابع: "أخشى أن لقاء مثل هذا الإنجاز، سيجعل نتنياهو مستعدا لأن يدفع تقريبا كل ثمن ويولي أهمية أقل للمخاطر الجسيمة التي تنشأ عن التخصيب".
سباق تسلح نووي
ونبهت بأن "موافقة إسرائيلية على التخصيب في السعودية، ستكون النقيض تماما لسياسة إسرائيل طويلة السنين، التي بموجبها يجب عمل كل شيء لأجل منع كل دولة في الشرق الأوسط من أن تكون ذات قدرات على التخصيب"، موضحة أن "الموافقة للسعودية ستجلب بشكل شبه تلقائي دولا أخرى، مثل مصر لتبدأ بالسير في ذات المسار".
وكشف أن "نتنياهو شكل فريقا صغيرا وسريا يعالج الموضوع يتكون من: الوزير رون ديرمر، رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي؛ وجيل رايخ نائب هنغبي، كبير سابق في منظومة النووي الإسرائيلي. ويعمل هذا الفريق مع نتنياهو، بينما مكونات كبيرة جدا من أسرة الاستخبارات وجهاز الأمن غير مطلعة على ما يجري.
وأكد موظفان كبيران، أن "نتنياهو يبعد عن هذا الموضوع باقي جهاز الأمن بل وعدد من الوزراء في "الكابينت".
وبحسب مصدر أمني يعرف المؤسسة النووية في "إسرائيل"، توجه له نتنياهو مع عدد آخر "كبار" في ذات التخصص مؤخرا، وسألهم عن رأيهم في إمكانية التخصيب في السعودية، فاعترضوا بشده.
وأوضحوا أن "هذا تسريع لسباق سلاح نووي في الشرق الأوسط، وكذا خطر أن تقع عناصر نووية في أياد معادية في حالة تغيير سياسي في السعودية".
وتزعم محافل إسرائيلية مطلعة على تفاصيل المحادثات التي تجريها تل أبيب وواشنطن بالموضوع، أن "إسرائيل لم تغير سياستها بالنسبة للتخصيب في كل دول الشرق الأوسط، مثل سياستها تجاه إيران".
وأوضح أن "إسرائيل ستنتظر التسوية التي تتوصل إليها
الولايات المتحدة مع السعودية، انطلاقا من المعرفة بأن الولايات المتحدة تأخذ بالحسبان أمن إسرائيل، وعندها تفحص التسوية، إذا كان ما يكفي من الثقة في ألا يتحول المشروع النووي إلى عسكري، فإنها لن تكون حجر عثرة أمامه".
وأكد أحد المسؤولين في جهاز الأمن، أن "هذه وضعية خطيرة، في هذه المرحلة يجب أن ينطلق صوت رؤساء لجنة الطاقة الذرية والجيش الإسرائيلي ورسالتهم القلقة يجب أن تنقل إلى الأمريكيين".
وأشارت "يديعوت" إلى أن الأمر "يتعقد أكثر في ضوء عودة المسألة الفلسطينية إلى الساحة، ففي الرياض يعتقدون، أنه لن يكون ممكنا بلورة الصفقة دون تقدم ذي مغزى في الموضوع الفلسطيني"، مستبعدة إقدام الحكومة "بتركيبتها اليمينية الحالية، على تقديم تنازلات ذات مغزى للفلسطينيين".