أعاد
الانقلاب العسكري في
النيجر الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، مشروع غاز
نيجيريا العابر للصحراء إلى الواجهة من جديد، وسط مخاوف من عرقلة المشروع الاستراتيجي بالنسبة لنيجيريا ومعها أوروبا.
يأتي ذلك في وقت يرتفع فيه الطلب العالمي على
الغاز الطبيعي خاصة من جانب الاتحاد الأوروبي الباحث عن بدائل غاز روسيا المعاقبة، بسبب حربها ضد أوكرانيا.
والعام الماضي وقعت الجزائر ونيجيريا والنيجر مذكرة تفاهم جديدة للشروع في تنفيذ مشروع
خط أنابيب الغاز العابر للصحراء، والذي تقدر تكلفته بنحو 13 مليار دولار لنقل 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.
ويبلغ طول خط أنابيب هذا المشروع أكثر من 4 آلاف كيلومتر، فيما تقدر سعته السنوية بـ 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ويقطع الأنبوب العابر للصحراء أراضي نيجيريا انطلاقا من حقول الغاز بدلتا نهر النيجر جنوب البلاد، على مسافة 1040 كيلومترا إلى حدود النيجر شمالا، ثم يواصل مساره عبر أراضي النيجر، على مسافة 841 كيلومترا، ويصل إلى الحدود الجزائرية بولاية عين قزام في أقصى جنوب البلاد.
وتسعى نيجيريا من خلال هذا المشروع لنقل غازها إلى أوروبا انطلاقا من الساحل الجزائري.
وتعمل نيجيريا بالتوازي مع المشروع الذي يعبر إلى الجزائر، على مشروع آخر بطول 5660 كلم، ويمر بعدة دول أفريقية قبل أن يصل إلى المغرب ومنها إلى أوروبا عبر إسبانيا، لإيصال الغاز النيجيري لدول الاتحاد الأوروبي.
إكراهات يواجهها المشروع
ويرى الخبير المختص في الشؤون الأفريقية، أحمد ولد محمد المصطفى، أن مشروع غاز نيجيريا العابر للصحراء يواجه إكراهات حقيقية ليس أقلها تأثيرا انصراف الأولويات الآن إلى الأمن في ظل تدهور العلاقات داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) خصوصا بين نيجيريا والنيجر.
وقال ولد محمد المصطفى، في تصريح لـ"عربي21" إنه في حال نجح الانقلابيون بالنيجر في فرض أجندات الأمر الواقع "وهو خيار تبدو مؤشراته كثيرة، فلا شك أنه سيؤثر على تقدم المشروع".
ولفت إلى أن المشروع لا يزال يواجه تحديات داخل نيجيريا من بينها تحديات مالية على مستوى التمويل، حيث انسحبت شركات كانت تموله، كما أنه يواجه تحديات أمنية إذ إنه تعرض لعدة هجمات.
وأشار ولد محمد المصطفى، إلى أن الشق المتعلق بنيجيريا كمصدر لهذا المشروع ما زال متعثرا.
تأثير مباشر
ورأى ولد محمد المصطفى أن التطورات الأخيرة المرتبطة بانقلاب النيجر ستؤثر بشكل مباشر على المشروع.
وأضاف: "سيتأثر المشروع بشكل مباشر بما يجري داخل نيجيريا نفسها أو النيجر في ظل التغيرات التي حدثت وفي ظل التغيرات الواسعة التي تعرفها المنطقة بشكل عام وعودة موجة الانقلابات بشكل كبير، فخلال أربع سنوات عرفت منطقة غرب أفريقيا قرابة الستة انقلابات، وبالتالي فإن هذا لا شك له تأثيره البالغ سواء على مستوى الحكامة السياسية أو على مستوى العلاقات الاقتصادية أو حتى العلاقات البينية بين هذه الدول".
ونبه إلى أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) تواجه الآن تباينات قد تصل إلى مستوى انسحاب دول منها كما لوحت بذلك مالي وبوركينافاسو وربما غينيا كوناكري.
غاز موريتانيا هل يكون بديلا؟
وفي ظل المخاوف من تعثر مشروع نقل غاز نيجيريا إلى أوروبا، توجهت الأنظار إلى الغاز الموريتاني المكتشف، ليكون البديل للمشروع النيجيري.
ويتوقع أن يبدأ تصدير أول شحنة من الغاز الموريتاني مطلع العام القادم من حقل "السلحفاة آحميم" والذي تقدر احتياطياته بـ25 تريليون قدم مكعبة.
وتقول الحكومة الموريتانية إن احتياطيات الغاز المكتشف في البلاد تقدّر بأكثر من 100 تريليون قدم مكعبة، من ضمنها احتياطيات حقل "السلحفاة" الذي تتقاسمه مع جارتها السنغال.
وفي بيان سابق قالت وزارة البترول الموريتانية، إنها أكملت مخططات استغلال حقولها الخالصة من الغاز.
ويرى الخبير المختص في الشأن الأفريقي، أحمد ولد محمد المصطفى، أن الغاز الموريتاني مرشح لأن يكون ضمن ما تتنافس عليه أوروبا كمصدر بحكم القرب وسهولة النقل وسهولة التأمين بالنسبة للأوروبيين.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أن اكتشافات الغاز الموريتاني الهائلة، فتحت شهية الشركات العالمية والأوروبية بشكل خاص، إذ تصاعدت خلال الفترة الأخيرة أنشطة الشركات العاملة في مجال النفط والغاز بموريتانيا.
وأشار إلى أن الموقع الاستراتيجي لحقول الغاز الموريتانية وقربها من أوروبا، خاصة إسبانيا، يجعل منها بديلا محتملا لأي تأخر في إكمال المشروع النيجيري.
ونوه إلى أن تصدير الغاز الموريتاني يواجه أيضا إكراهات "إذ كان متوقعا أن يبدأ تصديره قبل نهاية العام الجاري ومع ذلك، فقد بدأت تسريبات إعلامية عن أن الشركة التي تتولى تصديره بصدد إعلان تأجيل تصدير أولى الشحنات إلى الربع الأول من العام القادم".