أنهى رئيس النظام
السوري بشار الأسد، العمل بمحاكم الميدان العسكرية التي يؤكد حقوقيون أنها أصدرت أحكام
إعدام بحق "الآلاف" خلال النزاع، في خطوة قابلها ناشطون بحذر في انتظار اتضاح
مداها.
وأعلنت الرئاسة
السورية في بيان، الأحد، أن الأسد أصدر مرسوما ينهي العمل بمرسوم صادر في العام
1968 يتضمن "إحداث
محاكم الميدان العسكرية".
وأوضحت أن القضايا
المرفوعة أمام محاكم الميدان ستحال "بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء
الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية".
وبات المرسوم نافذا
من تاريخه.
وواجهت هذه المحاكم
انتقادات خصوصا في فترة النزاع الذي بدأ عام 2011.
وقالت منظمة العفو
الدولية إن هذه المحاكم تعمل "خارج نطاق قواعد وأصول النظام القانوني السوري".
وفي تقرير أصدرته
عام 2017، نقلت عن قاضِ سابق فيها قوله "يسأل القاضي عن اسم المحتجز، وعن ما إذا
كان قد ارتكب الجريمة أم لا. وسوف تتم إدانة المحتجز بصرف النظر عن إجابته".
وأضافت:
"يخضع المحتجزون قبل إعدامهم لإجراءات قضائية صورية لا تستغرق أكثر من دقيقة واحدة
أو اثنتين... وتتصف هذه الإجراءات بأنها من الإيجاز والتعسف بحيث يستحيل معهما أن يتم
اعتبارها كإجراءات قضائية معتادة".
ووصفت الإجراءات
بـ"المهزلة... التي تنتهي بإعدام المحتجزين شنقاً".
وأفاد المحامي
السوري غزوان قرنفل بأن محاكم الميدان التي أنشئت بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، توسّع
اختصاصها ليشمل المدنيين في الثمانينيات بعد أحداث مدينة حماة (وسط البلاد) التي قمعها النظام
بالقوة.
وقال لوكالة فرانس
برس إنها "لا تتقيد بقواعد الأصول وأحكامها لا تقبل الطعن"، و"لا دور
للمحامي" في إجراءاتها.
وأشار إلى أن
"الكثير من المعتقلين خلال سنوات الثورة والصراع المسلح صدرت بحقهم أحكام بالإعدام
عن تلك المحاكم ونفذت فور المصادقة عليها".
وتشهد
سوريا نزاعاً
دامياً منذ 2011 تسبّب في مقتل حوالي نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتيّة
وأدّى إلى تهجير الملايين. وبدأ النزاع باحتجاجات شعبية قمعها النظام، وتشعّب مع انخراط
أطراف خارجيين ومسلحين.
"تأخر كثيرا"
ولا يزال مصير
عشرات الآلاف من المفقودين والمخطوفين والمعتقلين لدى مختلف الأطراف وخصوصاً النظام،
مجهولاً.
وقدّر قرنفل أن
يكون "الآلاف أعدموا بأحكام صادرة عن تلك المحاكم".
وقال ناشط لفرانس
برس، طالبا عدم كشف اسمه، إن صدور المرسوم "تأخر كثيرا... بعدما قضى جراء تلك
المحاكم آلاف السوريين وربما عشرات الآلاف".
وقال إن الإجراء
"مطلب قديم للناشطين" لكن توقيته "ليس واضحا"، داعيا إلى
"التعامل مع القرار بحذر وانتظار ما قد ينتج عنه قبل الترحيب به خاصة أن النظام
لم يعترف يوما بمخالفة هذه المحاكم لحقوق الإنسان والمعتقلين".
وأشار إلى أن المرسوم
"قد يساعد معتقلين كثرا لا يزالون يقبعون في سجون النظام تحت وطأة هذه المحاكم
الميدانية ينتظرون أحكام إعدامهم"، متحدثا عن أن بعض العائلات "كانت تدفع
آلاف الدولارات لوسطاء ومحامين فقط لإنقاذ المعتقل بإخراجه من محكمة الميدان إلى محاكم
عسكرية عادية".
وأوضح دياب سرية
من "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" أنه "إذا تمّت إحالة المعتقل
إلى المحاكم العسكرية، فسيسمح له بمحامٍ على الأقل".
وأشار إلى أن
"حوالي 70 بالمئة من المعتقلين في سجن صيدنايا بعد العام 2011، عرضوا على محكمة
الميدان العسكري التي حكمت على أغلبهم بالإعدام".
وأمل في أنه
"إذا سُمِح بالاطلاع على أرشيف تلك المحاكم... أن يعلم الأهالي مصير أحبائهم المفقودين
والمختفين قسرا منذ سنوات".