قال معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن الاضطرابات المتزايدة في السويداء وغيرها من المناطق الموالية تقليديا للنظام، قد في إرغام
بشار الأسد على تلبية المطالب المحلية والأمريكية ومطالب الحلفاء القائمة منذ فترة طويلة.
وذكر
تحليل للمعهد تناول المظاهرات في السويداء المستمرة من منتصف آب/ أغسطس الماضي، أن
الدروز الذين يشكلون 90 بالمئة من سكان المحافظة وثلاثة بالمئة من سكان سوريا لعبوا على مرّ التاريخ أدواراً مهمة داخل النظام ومؤسسته الأمنية.
ونظرا لأهمية السويداء والدروز لإحكام قبضة بشار الأسد على السلطة، فإن الاحتجاجات تسلط الضوء على الضعف الاقتصادي الشديد لنظامه أمام العقوبات الدولية وغيرها من الأدوات، بحسب المعهد.
ويرى التحليل أن ذلك يمنح ذلك الولايات المتحدة وشركائها نفوذاً متزايداً بينما لا تزال دمشق تتلكأ في التفاوض على تسوية سياسية للحرب.
وقال المعهد إن تقديرات منظمات سورية تشير إلى مشاركة أكثر من 10 آلاف شخص في المظاهرات في 200 موقع منذ 20 آب/أغسطس، فيما تظاهر 2000 شخص في المحافظة منذ مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري.
وقد رفض المتظاهرون بحسب المعهد تشكيل أحزاب جديدة وعقد مؤتمر سياسي، كما رفضوا دعوات الانفصال، معتبرين السويداء موطنهم الشرعي داخل سوريا.
وأضاف: "ذكرى اغتيال الشيخ الدرزي البارز وحيد البلعوس، عززت الحراك الشعبي حيث مزّق المتظاهرون ملصقاً للأسد وألحقوا أضراراً بتمثال والده".
ورأى التحليل، أن استحضار القومية الدرزية ورفض التدخل الخارجي في الشؤون المحلية - سواء من قبل النظام أو "حزب الله" اللبناني أو روسيا أو جهات فاعلة أخرى كان من أبرز سمات
تظاهرات السويداء.
وظهر ذلك في رفع السكان لصور سلطان الأطرش الزعيم الدرزي الذي قاد الحملة ضد القوات الفرنسية في عشرينيات القرن الماضي.
كما اتهم المتظاهرون "قوات سوريا الديمقراطية" بسرق السكان، ونددوا بالتدخل الإيراني والروسي في البلاد بالإضافة لاتهام النظام بصناعة المخدرات وترويجها.
وأشار المعهد إلى أن تسليط الضوء على موسكو على خلفية مساعدتها في إعادة الجنوب إلى سيطرة الأسد حيث لا تزال وحدات من الشرطة العسكرية الروسية ومجموعة فاغنر منتشرة في المحافظة.
من جهة أخرى تدير إيران ما لا يقل عن 15 مركزا عسكريا في السويداء، كما أنها استغلت الوضع الاقتصادي المتردي في الجنوب لتجنيد أفراد لتهريب المخدرات، وفق المعهد.
وأردف المعهد في تحليله، إن معظم المسؤولين في دمشق التزموا الصمت نسبياً حتى الآن تجاه احتجاجات السويداء، كما تعهد رئيس الوزراء، حسين عرنوس، مؤخرا برفع "مستويات المعيشة لموظفي الدولة".
وأوضح أن نهج الاستراتيجية الإعلامية الذي يتّبعه النظام هو (حرفياً) قصة مختلفة، فقد أكدت صحيفة "الوطن" الموالية أن مستويات الطحين والوقود يُفترض أن تكون طبيعية في السويداء، فيما زعمت أن وعلى أقل من 150 شخصا شاركوا في التظاهرة الكبيرة كبير يوم 29 آب/أغسطس الماضي.
وعلى صعيد الرد الأمني، لم يطلق النظام النار على متظاهري السويداء حتى الآن، لكن التوترات آخذة في التصاعد.
وتحدث التحليل عن معلومات تشير إلى أن القيادة العسكرية قررت فض أي طلبات إجازة مقدمة من الوحدات في المنطقة، بالإضافة لتقارير تتحدث عن نقل عناصر ميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني إلى جنوب البلاد.
ووفقا للتحليل، "لم يتضح بعد ما أن كان النظام سيحاول انتظار انتهاء الاحتجاجات أو البدء بإطلاق النار على المتظاهرين على أمل نزع فتيل أكبر حركة شعبية ضد حكمه في السنوات الأخيرة.
ويرى المعهد أن الخيار المحتمل الآخر هو اللجوء إلى الاغتيالات التي تستهدف المسؤولين البارزين الذين ينتقدون النظام.
على الصعيد الدولي لم تخرج إدارة بايدن بأي تصريح يذكر بخصوص التطورات في السويداء، إلا أن النائب الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، جو ويلسون، الذي يُعد من أبرز مراقبي الملف السوري، قال إن الاحتجاجات ألهمت العالم وأظهرت أن سوريا ليس لها مستقبل ولن تستقر أبدا في عهد الأسد.
وبين التحليل أنه من غير المرجح أن يسقط النظام بسبب المشاكل الاقتصادية وحدها على الرغم من أن الاحتجاجات كبيرة ولا ينبغي تجاهل معاناة السكان المحليين.
ويشير إلى أن الاحتجاجات تمنح واشنطن وشركاؤها في المنطقة نافذة أخرى لاستخدام النفوذ الاقتصادي والعقوبات للحصول على تنازلات من الأسد على طاولة المفاوضات.
وأردف تحليل المعهد، أن تصاعد المعارضة في مناطق
الأقليات ذات الأهمية التاريخية للنظام في السويداء وفي صفوف العلويين على الساحل، قد يجعل الأسد أكثر استعدادا لتقديم تنازلات كبيرة.
ويرجح التحليل، أن تتعاون الدول الإقليمية مع واشنطن لتحديد صيغة إعفاءات من العقوبات ضيقة النطاق وخاصة بالمشاريع، للمساعدة بالتخفيف من معاناة الشعب.
واستدرك انه لا يمكن الموافقة على ذلك ما لم ينفذ يبادر الرئيس السوري إلى إطلاق سراح السجناء، وإجراء مفاوضات بموجب "قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254" لإنهاء الحرب، والانخراط مع المعارضة السورية بشأن تعديلات الدستور.
وختم المعهد تحليله بالقول، إن الاحتجاجات المتزايدة في المناطق الموالية تقليديا للنظام قد ترغم الأسد على التدخل في بعض الأمور، على الرغم من أن سقوطه من غير مستبعد في الوقت القريب.