وصلت صفقة تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران إلى نهايتها، الاثنين الماضي، عقب إطلاق سراح السجناء لدى الجانبين، ووصول الأموال
الإيرانية المفرج عنها من كوريا الجنوبية إلى الحسابات الإيرانية المسجلة في مصارف
قطرية.
وتضمنت عملية تبادل الأسرى إطلاق سراح خمسة أمريكيين محتجزين في طهران. ومن جانبها، أطلقت واشنطن سراح خمسة مواطنين إيرانيين اختار ثلاثة منهم عدم العودة إلى إيران. وقد منحت طهران إمكانية الوصول إلى نحو 6 مليارات دولار من الأموال التي كانت محتجزة سابقا في سيئول.
ونشر معهد "
واشنطن للدراسات" تقريرا للزميل المتخصص في العقوبات على إيران، هنري روم، أشار فيه إلى أن الاتفاق يمنح طهران إمكانية الوصول إلى الأموال المجمدة لأغراض إنسانية، ما يمهد الطريق على الأرجح لاستئناف المحادثات النووية هذا الخريف حيث يحاول الجانبان تخفيف التوترات.
ورأى روم أن وصول طهران إلى الأموال يعد الجانب الأكثر إثارة للجدل في الصفقة، مشيرا إلى أن هذا الترتيب سيسمح لإيران باستخدام أموالها الخاصة وقد يحسن وصولها إلى بعض السلع الإنسانية. لكنه يثير أيضا مخاوف أوسع نطاقا حول الكيفية التي يمكن بموجبها لواشنطن أن تردع إيران وروسيا والصين ودولا أخرى من اعتبار احتجاز الرهائن مشروعا مربحا.
أصل الـ 6 مليارات دولار
وأوضح التقرير أن لدى واشنطن تاريخا طويلا في ربط تحويل الأموال الإيرانية بإطلاق سراح طهران لرهائن، بما في ذلك في الأعوام 1981 و 1991 و 2016، مع تنفيذ الاتفاق النووي.
وأضاف أنه في كل حالة، توصلت الولايات المتحدة إلى تسويات مالية مع إيران متعلقة بالنزاعات التي نشأت مع الثورة الإسلامية عام 1979، والتي كانت مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالإفراج عن الأمريكيين المحتجزين كرهائن في إيران أو لبنان. وفي عدة حالات، تم إطلاق سراح الرهائن خلال إدارة ترامب دون الإفراج عن الأموال الإيرانية.
لكن الأموال في كوريا الجنوبية هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، لأنها عبارة عن مدفوعات للمشتريات الأخيرة لسيئول من منتجات الطاقة الإيرانية، بحسب روم الذي أوضح أن أن إيران كان ينبغي لها من الناحية النظرية الوصول إلى تلك الأموال القابعة في مصرفين من المصارف الكورية الجنوبية لاستخدامها في المشتريات الإنسانية. لكن من الناحية العملية، لم يكن من الممكن الوصول إليها لأن الحكومة والمصارف الكورية كانت قلقة بشأن التعرض للعقوبات الأمريكية.
وشكلت الأموال الإيرانية حملا ثقيلا على سيئول، حيث تعرضت لضغوط متزايدة من إيران، التي استولت على ناقلة تابعة لكوريا الجنوبية في عام 2021، وانتقمت من الأصناف ذات العلامات التجارية الكورية، وهددت باتخاذ إجراءات قانونية هذه الأخيرة، وفقا للتقرير.
"3 مخاطر لتحويل الأموال"
في إطار الصفقة بين البلدين، ذكر المسؤولون الأمريكيون أنه لن يسمح لطهران بالوصول إلى الأموال إلا لأغراض غير خاضعة للعقوبات. وصرحت واشنطن أنها ستواصل الإشراف على المعاملات، على الرغم من أنها لم تقدم تفاصيل بهذا الشأن.
ورجح معد التقرير اتباع الولايات المتحدة إطار العمل الذي حددته وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتين عام 2019، والذي يهدف إلى "ضمان شفافية غير مسبوقة في التجارة الإنسانية مع إيران". فقد تم تصميم هذه الآلية حصرا لتسهيل تصدير "السلع الزراعية والأغذية والأدوية والأجهزة الطبية" إلى الجمهورية الإسلامية.
ورأى روم أن تحويل الأموال الإيرانية ينطوي على ثلاثة مخاطر محتملة.. الأول هو خطر سوء الاستخدام، حيث يمكن لإيران إيجاد طرق للادعاء بأن معاملة معينة هي معاملة إنسانية أو تهريب سلع إنسانية إلى الخارج لتحقيق الأرباح.
وشدد على أنه لا يمكن من الناحية العملية لأي آلية، مهما كانت صارمة، القضاء على هذه المخاطر مع الاستمرار في الوقت نفسه في تسهيل مبيعات المواد الغذائية والطبية. وبالإضافة إلى توخي الحذر بشأن التحويل وسوء الاستخدام، يجب على واشنطن أن تشرح للرأي العام كيف ستسعى إلى الكشف عن هذه السلوكيات وردعها باستمرار.
والخطر المحتمل الثاني وفقا للتقرير، فإنه حتى على افتراض أن الآلية تعمل بشكل مثالي، لكن الأموال قابلة للاستبدال في نهاية المطاف، أي أنه على الرغم من أن الـ6 مليارات دولار المحوّلة من كوريا الجنوبية ستقتصر على المشتريات الإنسانية، فإن الإفراج عنها سيحرر مبلغا مساويا من الأموال يمكن أن تستخدمه طهران لأغراض أخرى، من بينها قطاع الدفاع.
وثالثا، أشار روم إلى أن ارتباط الاتفاق بعودة الأسرى الأمريكيين إلى وطنهم يؤكد صحة وجهة نظر إيران بأن احتجاز الرهائن وسيلة مقبولة لتحقيق أهدافها، ويوجه الرسالة ذاتها إلى روسيا والصين. لذلك، فقد شدد معد التقرير على ضرورة أن تسعى واشنطن إلى التوصل إلى تفاهمات مع دول مستهدفة أخرى حول نهج مشترك لمنع احتجاز الرهائن الذي ترعاه الدول، بما في ذلك ما يتعلق بما يقارب الثلاثين سجينا أوروبيا ما زالوا في إيران.