قالت
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن أزمة تفشي فيروس كورونا سمحت للصين بجمع البيانات الوراثية للبشر من عدة دول حول العالم، وهذا يثير المخاوف من "سباق تسلح" بالحمض النووي عالميا.
وأضافت الصحيفة، أن
الصين كانت تبرعت وباعت خلال فترة الوباء مختبرات متطورة متنقلة تسمى "فاير آي"، التي يمكنها اكتشاف عدوى فيروس كورونا من الأجزاء الجينية الصغيرة التي يتركها العامل الممرض وراءه.
وانتشرت المختبرات "فاير آي" بسرعة في أربع قارات موزعة على 20 دولة حول العالم، بينها كندا وصربيا والسعودية وأستراليا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا وغيرها.
وبينت الصحيفة أن هذه المختبرات لا تزال تعمل كمراكز دائمة للاختبارات الجينية في العديد من دول العالم بالرغم انتهاء الإجراءات الوقائية للحد من تفشي كورونا.
وذكرت أن مختبرات "فاير آي" الصينية المتنقلة، لفتت اهتمام وكالات الاستخبارات الغربية، وسط قلق متزايد بشأن نوايا الصين الحقيقة وراء جمع البيانات الوراثية البشرية.
وتنقل الصحيفة عن محللين قولهم، "إن سخاء الصين يأتي كجزء من محاولة عالمية للاستفادة من مصادر جديدة لبيانات
الحمض النووي البشري ذات القيمة العالية، في دول بمختلف أنحاء العالم".
وتذكر الصحيفة أن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية والغربية، أشاروا إلى أن جهود التجميع الصينية التي تجري منذ عقد، شملت الاستحواذ على شركات أمريكية متخصصة في علم
الوراثة، بالإضافة إلى عمليات قرصنة متطورة، حيث ذكر أحد كبار محللي الاستخبارات الأمريكية.
ونقلت واشنطن بوست عن المتحدث باسم السفارة الصينية، ليو بينغيو قوله، إن "مختبرات (فاير آي) ساعدت العديد من البلدان على مكافحة جائحة خطيرة، ومواصلة لعب دور حيوي في فحص السرطان والأمراض الأخرى".
ورفض متحدث باسم السفارة أي إشارة إلى أن الشركات الصينية "تمكنت بشكل غير قانوني من الوصول إلى البيانات الجينية".
وذكرت مجموعة "بي جي آي"، وهي شركة مقرها شينزين، مسؤولة عن تصنيع وتشغيل مختبرات "فاير آي"، إنها "لا تستطيع الوصول إلى
المعلومات الجينية التي يجمعها المختبر الذي ساعدت في إنشائه في صربيا".
وأكد المسؤولون الأمريكيون الذين تحدثوا للصحيفة، أن بكين اختارت شركة "بي جي آي" نفسها لبناء وتشغيل بنك الجينات الوطني الصيني، وهو مخزن ضخم مملوك للحكومة، يتضمن بيانات وراثية مستمدة من ملايين الأشخاص حول العالم.
وبينت، الصحيفة أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، يعتقدون أن الجهود العالمية التي تبذلها الصين في سبيل جمع البيانات الوراثية البشرية تهدف في معظمها للتغلب على الغرب اقتصاديا، وليس عسكريا".
ووفقا للصحيفة، "لا يوجد دليل عام على أن الشركات الصينية استخدمت الحمض النووي الأجنبي لأسباب أخرى غير البحث العلمي".
والعام الماضي، أدرجت وزارة الدفاع الأمريكية، شركة "بي جي آي" كواحدة من "الشركات العسكرية الصينية" العديدة العاملة في
الولايات المتحدة.
وربط تقييم المخابرات الأمريكية لعام 2021 الشركة بالجهود العالمية الموجهة من بكين للحصول على المزيد من الحمض النووي البشري، بما في ذلك من الولايات المتحدة.
وأدرجت واشنطن الشركات الصينية التابعة لمجموعة "بي جي آي" في القائمة السوداء، باعتبارها "تساعد في تحليل المواد الجينية التي تم جمعها داخل الصين، للمساعدة في حملات القمع الحكومية على الأقليات العرقية والدينية في البلاد".
من جهتها نفت الشركة الصينية في بيان للصحيفة " قائلة، إن الإجراءات الأمريكية ضد الشركة "متأثرة بمعلومات مضللة"، مؤكدة أنها "لا تتغاضى ولن تشارك أبدا في أي انتهاكات لحقوق الإنسان".
وبينت، أن مجموعة بي جي آي ليست مملوكة للدولة أو خاضعة لسيطرتها، وجميع خدمات وأبحاث المجموعة يتم توفيرها لأغراض مدنية وعلمية.
ونقلت الصحيفة عن كبيرة ضباط مكافحة التجسس الوطني لشرق آسيا في مجتمع الاستخبارات الأمريكي، سابقا، آنا بوجليسي قولها، إن "الصين إذا فازت في السباق التكنولوجي، فإنها ستكتسب نفوذا اقتصاديا واستراتيجيا كبيرا ضد منافستها الولايات المتحدة".
وأضافت بوجليسي، التي تعمل زميلة بارزة بمركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة جورج تاون "نحن على أعتاب البدء في فهم وكشف ما تفعله الجينات".
وأوضحت أن "من يصل إلى هناك أولا سيتحكم في الكثير من الأشياء المدهشة حقا، لكن هناك أيضا احتمال سوء الاستخدام".
وسبق أن أعلنت الصين عن خطط لتصبح الرائدة على مستوى العالم في مجال التكنولوجيا الحيوية بحلول عام 2035، وهي تنظر إلى المعلومات الجينية "التي يطلق عليها أحيانا الذهب الجديد"، باعتبارها عنصرا حاسما في ثورة علمية، يمكن أن تنتج الآلاف من الأدوية والعلاجات الجديدة.
وتحدث مسؤول رفيع في الاستخبارات الأمريكية يتتبع قطاع التكنولوجيا الحيوية في الصين للصحيفة قائلا، "إذا تمكنت الصين من أن تصبح المورد الوحيد أو الرئيسي لدواء أو تكنولوجيا جديدة مهمة، فإنها ستكتسب نفوذا".