سياسة عربية

"مفاجأة منتظرة".. ما الذي يؤرق السيسي من انتخابات الرئاسة؟

أجرى السيسي تعديلات دستورية عام 2019 تسمح له بالترشح لولاية ثالثة- جيتي
 أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر الاثنين، موعد الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجرى خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وهو ما يتوافق مع ما أكده متحدثون في وقت سابق لـ"عربي21” .

ومن المقرر أن تجري الانتخابات التي تحدد رئيس مصر القادم لمدة 6 سنوات حتى العام 2030، أيام السبت والأحد والاثنين (1 و 2 و 3) من كانون الأول/ ديسمبر المقبل خارج مصر، وأيام الأحد والاثنين والثلاثاء (10 و 11 و 12) من ذات الشهر بالداخل.

وتبدأ الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار وليد حمزة، في تلقي طلبات الترشح خلال الفترة من 5 إلى 14 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، على أن تعلن القائمة النهائية لأسماء المرشحين ورموزهم بالجريدة الرسمية وصحيفتي الأخبار والجمهورية، مع بدء الحملات الانتخابية اعتبارا من 9 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.



وفي حالة الإعادة، ستُجرى الانتخابات خارج مصر أيام (5 و 6 و 7) من كانون الثاني/ يناير المقبل، على أن تكون المواعيد المحدد للانتخابات داخل مصر أيام (8 و 9 و 10) من ذات الشهر.

وحددت هيئة الانتخابات يوم 18 من كانون الأول/ ديسمبر المقبل موعدا لإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بالجولة الأولى ونشرها بالجريدة الرسمية، في حين إذا أُجريت جولة إعادة سيكون إعلان النتيجة 16 كانون الثاني/ يناير المقبل، وفق ما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط.

طوابير التوكيلات
ومن المقرر أن يعلن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، ترشحه خلال الأيام القادمة، حيث لم يتبقى سوى 10 أيام على فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

وقام السيسي بإجراء تعديلات دستورية في نيسان/ أبريل 2019، تسمح له بالترشح لفترة رئاسية ثالثة تنتهي في 2030، بعد انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر. 

وبعد وقت قصير من إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن توقيتات وإجراءات العملية الانتخابية، وبالرغم من عدم إعلان السيسي ترشحه رسميا؛ احتشد مئات المؤيدين له، أمام مقرات الشهر العقاري لعمل توكيلات خاصة له، وفق ما نقله موقع "المصري اليوم".



والخميس الماضي، أعلن رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فريد زهران، عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قبل شهرين من الانتخابات حيث لم يتبق وقت طويل لعمل تكتلات معارضة. وذلك بعد يوم واحد من إعلان رئيسة حزب الدستور، جميلة إسماعيل، نيتها الترشح في الانتخابات.

وكان الرئيس السابق لحزب الكرامة، أحمد الطنطاوي، أعلن في أيار/ مايو الماضي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية أيضا، إذ تتعرض حملته الانتخابية للكثير من الضغوط الأمنية التي وصلت حد اعتقال بعض أنصاره.

ورغم أن الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة تضم نحو 12 حزبا معارضا إلا أنها لم تعلن دعمها لمرشح محتمل بعينه، مؤكدة وقوفها على خطوة ثابتة من كافة المرشحين، مطالبة في الوقت ذاته بتحقق الضمانات المطلوبة لنزاهة الانتخابات.

ويعاني المشهد السياسي المصري من انقسام حاد بين معارضة الداخل والخارج، بجانب حالة التمزق التي أصابت صفوف معارضة الداخل بعد بلاغ بالسب والقذف من الناشط اليساري كمال أبوعيطة، ضد الناشط الليبرالي مؤسس "التيار الليبرالي الحر" هشام قاسم، ما أدى لحبس الأخير 6 أشهر.

 


المفاجأة المنتظرة
وبرغم سهولة جولة انتخابات 2014، التي فاز فيها السيسي، مقابل الناشط اليساري حمدين صباحي، وانعدام المنافسة في 2018، مع ترشح منافس صوري مقابل السيسي، وهو رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى، وتمزق المعارضة في 2023، لكن هناك ما قد يؤرق السيسي، بشدة في تلك الجولة.

وقد يكون المرشح العسكري أو المرشح المفاجأة رئيس أركان الجيش السابق محمود حجازي، الذي تحدث عنه بعض السياسيين المصريين لـ"عربي21"،  منهم رئيس حزب الإصلاح محمد أنور السادات، والرئيس السابق لحزب الدستور علاء الخيام، والقيادي في الحركة المدنية المصرية، مجدي حمدان.

وفي آخر الأحاديث لـ"عربي21"، أكد حمدان، الأحد الماضي، أن "الفريق حجازي الأقرب لدعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وربما يكون -من وجهة نظرهم- البديل المناسب للسيسي، وفي حال إعلانه الترشح رسميا للانتخابات، ستكون الأمور محسومة تماما لصالحه".

وصباح الثلاثاء، جدد المتحدث باسم التيار الحر (الذي يضم عددا من الأحزاب الليبرالية المعارضة في مصر)، عماد جاد، طلبه من الفريق محمود حجازي (رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، وصهر السيسي) بالترشح لرئاسة مصر.

وقال جاد في بوست عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحت عنوان: "النداء الأخير: "إن الانتخابات لو سارت في طريقها الحالي سوف تتفاقم المخاطر في بلانا مهما كانت نتائجها ومن سيفوز بها".

وأضاف: "لم اتوجه بهذا الطلب إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى لا يراه البعض تدخلا في شأن المجلس الموقر"، مستطردا: "سيادة الفريق هذا ندائي الأخير،  أعلم أنك شخصية محترمة وعظيمة وتعتز بنفسها، ولديك رؤية ثاقبة في التعامل مع الأحداث والتفاعلات". 

وتابع: "مصر لا تحتمل ما يجري اليوم على كافة المستويات، لذلك تقدم لانقاذها من مصير قاتم يهدد بالعصف بأمن واستقرار البلاد والعباد".

وقبل نحو أسبوعين، قال جاد في بيان بعنوان “نداء من أجل الوطن”، إن الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري الأسبق هو الرئيس الأمثل لمصر في المرحلة القادمة".





الغضب الشعبي
ويصطدم السيسي، بحالة من الغضب الشعبي اللافت والمتزايد عقب ما أصاب أكثر من 105 ملايين مصري يقيمون في الداخل من آثار سلبية نتيجة سياسات السيسي السياسية والاقتصادية والأمنية وغلق المجال العام والتضييق على المعارضين، وهو ما يعبر عنه المصريون عبر مواقع التواصل علنا وبشكل يومي.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحركة المدنية الديمقراطية، ومعارضة الخارج رفضها ترشح السيسي لفترة ثالثة وتأكيدهما أن فترتين للسيسي كافيتين، أعلن "الاشتراكيون الثوريون"، في بيان لهم الاثنين، أن "كلمات الرفض والشكوى أصبحت على لسان المواطنين في المواصلات وأماكن العمل والشوارع والأسواق".



ويثار التساؤل بشأن ما أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات حول الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية، وعن سماحها للإعلام والمجتمع المدني بمتابعة مجريات الانتخابات، ومدى كفاية هذا التصريح ليؤكد نية النظام في عقد انتخابات نزيهة وشفافة؟

 النتيجة محسومة
وفي إجابتها، قالت الكاتبة الصحفية المصرية مي عزام: "منذ يومين وصلني بيان من (جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية)، يؤكد أنه تم رفضها واستبعادها من الإشراف والمتابعة للانتخابات من جانب الهيئة الوطنية للانتخابات، رغم استيفائها الشروط والمعايير".

وأضافت في حديثها لـ"عربي21": "أن ذلك الاستبعاد يأتي برغم خبرات تلك الجمعية ومشاركتها في متابعة كافة الاستحقاقات الانتخابية منذ تأسيسها عام 2004".

وخلصت للقول: "إذا فإن ما يُقال عن إعطاء الفرصة للمجتمع المدني بمتابعة والإشراف على الانتخابات متاح للجميع ومرحب به، ليس دقيقا".

وعن حظوظ السيسي، وفرص منافسيه تعتقد عزام، أنه "في حال ترشح الرئيس السيسي، لولاية ثالثة، ستكون النتيجة محسومة"، متوقعة ألا "نشهد عملية إعادة رغم أن الجدول المنشور والخاص بتفاصيل العملية الانتخابية يضم خانة للإعادة".

وترى الكاتبة المصرية أنه "بالنسبة للإعلام التابع للدولة فإنه بالتأكيد سيكون منحازا للرئيس الحالي، وكذلك مؤسسات الدولة لن تكون على مسافة واحدة من كافة المرشحين".

وذهبت للقول بل إنه "ستكون هناك مفاجآت كثيرة، وفتح الصناديق السوداء لمنافسي الرئيس السيسي".

وعلى الجانب الآخر، وفي شأن المعارضة المصرية بالداخل، لا تتوقع عزام، حدوث أية مفاجأة بتوحيد المعارضة في مرشح واحد، منتقدة إياها بالقول: "لا أتوقع توحيد للمعارضة فلقد اشتروا الغالي بالرخيص".

وحول ما يثيره سياسيون ومعارضون عن احتمال نزول المرشح المفاجأة صهر السيسي الفريق محمود حجازي، قالت الكاتب المصرية، إن "غدا لناظره قريب، ولكنني لا أتوقع مفاجآت أو تعدد ترشيحات من جانب المؤسسة العسكرية".


استفتاء لا انتخابات
وفي رؤيته، قال الكاتب والمحلل السياسي المصري مجدي الحداد: "لا أُطلق عما تُعده وتُجهز له أجهزة الدولة الطافية أو العميقة بانتخابات هي أقرب للاستفتاءات الرئاسية، والشائعة منذ خمسينات القرن الماضي، وحتى العقد الأول من بداية الألفية الثالثة".

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "لا يوجد مرشح حقيقي سوى الحاكم ذاته، وكأنه ينافس نفسه، حتى اشتهر لفظ مبايعة (بايعناك، وليس انتخبناك)، ومن هنا فالعملية الجارية مجرد مسخ هجين بين تزاوج نظام الاستفتاء والانتخابات، بما يرضي الغرب، والعالم الخارجي، بغض النظر عن رضا الشعب صاحب الشأن".

ويعتقد الحداد، أن الشعب بعيد تماما عن حسابات النظام، والسيسي، حيث لم يتوفر بتلك الانتخابات شرط واحد من شروط أي انتخابات نزيهة جرت بأي دولة حتى أفريقيا، وكذلك ولا شرط واحد من شروط أجمعت عليها القوى الوطنية، ومنها ألا يترشح السيسي".

ويرى أن "كل ما يجري بهذا الصدد حيل وألاعيب بهلوانية مكشوفة بغرض إعادة تدوير (recycling) السيسي، وفرضه مجددا كحاكم رغم الشرور والكوارث والفضائح، وأخرها سبائك الذهب وملايين الدولارات المهربة، والمقدمة كرشى في زامبيا وأمريكا، بجانب الفشل والانهيار الاقتصادي".

وأكد أنه "يجب أن يكشف السيسي على قواه النفسية والذهنية، كأول شرط من شروط قبول المرشح الرئاسي، وثانيا: وطبقا لهذا البند بـ(ألا يكون قد حمل أي من والديه أو زوجته جنسية دولة أخرى) فلا يحق للسيسي الترشح لأن أمه مغربية".

وأوضح الحداد أن "الانتخابات النزيهة لا تكون بمعزل عن بيئتها الحاضنة، سواء المجتمع المدني الحقيقي غير التابع لجهات أمنية ومؤسسات الدولة"، مبينا أن "تعهد الهيئة الوطنية للانتخابات، بأن يكون علمها محل احترام الداخل والخارج، لا يُقنع المواطن إذا لم يتم التحقيق قضائيا بفضائح طائرة زامبيا ورشوة السيناتور الأمريكي بوب مينينديز وزوجته".


تبكير بهدف الالتفاف
وعن توقيتات الانتخابات، والتبكير بها، يرى الكاتب المصري أن "الغرض منها الالتفاف على كوارث سابقة، واستباق كوارث لاحقة تدق الأبواب نتيجة سياسات، وتصرفات السيسي الأحادية بكل ما يتعلق بمصر وشعبها"، ملمحا إلى أننا "بصدد مزيد من الإفقار والتجريف، وبيع كل ما تقع يديه عليه من أصول، حتى قناة السويس".

وقال الحداد إن "التبكير بالانتخابات ستجعل منه، حسب تصوره، أنه على باب عهد رئاسي جديد يجب ما سبق من كوارث صنعتها يديه"، متسائلا: "أين كان القضاء من كل هذا؟، وكيف سيكون موجودا ومؤثرا بالانتخابات؟"، منتقدا ما اعتبره حالة السفه في الإنفاق بإجراء الانتخابات خلال 3 أيام بدلا من يوم واحد كبلدان العالم توفيرا للإنفاق، متسائلا عن قيمة مكافأة القاضي.

وتابع "عندما يُقال أن الاعلام والمجتمع المدني سوف يتابعان مجريات الانتخابات فلنتسائل عن ماهية هذا الإعلام والمجتمع المدني، في ظل هيمنة واحتكار (المتحدة للإعلام) -تابعة لجهة أمنية- لكل الإعلام العام والخاص، حيث باتت الأبواق تتحدث بلسان وعناوين واحدة".

وأكد أن "المجتمع المدني الحقيقي، والجمعيات المستقلة المختصة بحقوق الإنسان، مغلقة الآن بالضبة والمفتاح، وبعض أصحابها بالمعتقلات أو بمنفى اختياري بالخارج، والموجود فقط هم المرضي عنهم، والتابعون لجهات أمنية، أو أصحابها أمنجية باختيارهم أو بعدم اختيارهم".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع