نشرت صحيفة "فايننشيال تايمز" تقريرا قالت فيه "إن رؤساء المجالس وأعضاءها المسلمين المؤثرين من حزب العمال، هم إلى جانب قطاعات من اليسار من بين الضاغطين على الزعيم، بسبب دعمه غير المشروط في البداية لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم حماس هذا الشهر".
ويواجه زعيم حزب العمال المعارض، كير ستارمر، تمردا متزايدا من أعضاء المجالس العماليين الذين طالبوا الحزب بـ"تغيير موقفه لإدانة إسرائيل بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في
غزة".
وأثار ستارمر، غضب البعض في حزبه بعد أن قال: "إن لإسرائيل الحق في حجب الكهرباء والمياه عن غزة، حتى عندما قال إنه يجب احترام القانون الدولي".
وأضافت الصحيفة، بأن "الصراع بين إسرائيل وغزة تسبب في إحداث انقسامات حادة داخل حزب العمال، مع غضب بعض أوساطه بسبب القرار الذي اتخذته قياداته بعدم انتقاد الحصار الإسرائيلي على غزة وقصفها بقوة".
ويقول آخرون إن "ستارمر كان على حق في دعم إسرائيل في أعقاب الفظائع التي ارتكبتها حماس، وربطوا هذا الموقف بحملته الناجحة للقضاء على معاداة السامية في حزب العمال في أعقاب عهد جيريمي كوربين".
ويتوقع مسؤولو حزب العمال أن تتعمق الانقسامات، مع تفاقم الأزمة التي تواجه المدنيين في غزة، أو إذا مضت إسرائيل قدما في هجوم بري متوقع على نطاق واسع من شأنه أن يزيد من عدد القتلى المدنيين.
وفي ليلة الاثنين، تم تحذير وزير خارجية الظل، ديفيد لامي، رئيسة موظفي ستارمر، وسو غراي، من قبل أعضاء المجالس الذين يريدون من حزب العمال أن ينتقد تصرفات إسرائيل، بأن الحزب لديه "يوم أو يومان" لتغيير المسار قبل أن يصبح الوضع الداخلي أسوأ. "لا يمكن السيطرة عليه"، بحسب أحد الحاضرين.
ورفض حزب العمال التعليق على اجتماع خاص، لكن مسؤولا بالحزب أصر على أن نهج القيادة كان "حساسا لجميع الأطراف". فيما أضافوا أن ستارمر ولامي وغيرهما من وزراء حكومة الظل "يتحدثون مع مجتمعات من مختلف الأديان" ويتواصلون مع المنظمات الإنسانية التي تسعى لمساعدة سكان غزة.
وواجه ستارمر، دعوات للاعتذار والتراجع عن التصريحات التي أدلى بها على قناة "إل بي سي"، الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن "لإسرائيل "الحق" في حجب المياه والكهرباء عن قطاع غزة". وأضاف أن "كل شيء يجب أن يتم في إطار القانون الدولي".
وفي مناقشة في مجلس العموم، يوم الاثنين، أكد ستارمر أن "حزب العمال يقف إلى جانب إسرائيل"، مشددا على ضرورة التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي وحماية أرواح المدنيين. واعترف بأن الآباء الذين حزنوا على أقاربهم في الأسابيع الأخيرة شملوا "إسرائيليين،
فلسطينيين، مسلمين، ويهودا"، موضحا أن "حماس ليست هي الشعب الفلسطيني".
وقبل وقت قصير من تصريحاته، استقالت آمنة عبد اللطيف، أول امرأة عربية مسلمة يتم انتخابها لعضوية مجلس مدينة مانشستر، من حزب العمال. وقالت إنها "شعرت بالفزع من الافتقار إلى الإنسانية التي أظهرها الحزب للفلسطينيين".
وجاء خروجها بعد أن استقال اثنان آخران من أعضاء مجلس محلي من المسلمين في أوكسفوردشاير احتجاجا الأسبوع الماضي. واستقالت عضو أخرى في مجلس حزب العمال، جيسي هوسكين، في ستراود قائلة إنها غير سعيدة بتعليقات ستارمر "التي تدعم جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني".
وقال أحد الأعضاء المسلمين المؤثرين في الحزب لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إنه تحدث مباشرة إلى ستارمر في مؤتمر حزب العمال في مانشستر الأسبوع الماضي حول ضرورة موازنة استجابته للأحداث.
وأضاف: "لقد حذرته في المؤتمر من أن أي شيء تقوله الآن، سيكون في الذاكرة عندما يتم تسوية غزة بالأرض وعند ارتفاع عدد القتلى".
ومن المقرر أن يتعرض نواب حزب العمال يوم الأربعاء لتدقيق أكبر لموقفهم بشأن الصراع المستمر. بينما ستنشر مجموعة الحملات اليسارية "مومينتوم" داخل حزب العمال، قاعدة بيانات على الإنترنت تحدد نواب حزب العمال الذين لم يدعوا بعد إلى وقف إطلاق النار في المنطقة، إلى جانب أداة تساعد النشطاء في الضغط عليهم عبر البريد الإلكتروني.
وسوف يسلط الضوء على كيفية ابتعاد بعض أعضاء البرلمان اليساريين عن قيادة الحزب، بما في ذلك ريتشارد بورغون، الذي اتهم في البرلمان يوم الاثنين إسرائيل بفرض "عقاب جماعي" على المدنيين في غزة.
أجرى مسؤولو حزب العمال، مناقشات، يوم الثلاثاء، لمنع المزيد من استقالة أعضاء المجالس حيث كان الحزب معرضا لخطر مباشر بفقدان السيطرة على مجلسين حيث يحتفظ المسلمون المنتخبون بتوازن القوى، وفقا لأشخاص شاركوا في المحادثات. ورفضوا تسمية المناطق المعنية.
وقال أحد الأشخاص المشاركين في المحادثات: "لقد واجهنا وابلا من أعضاء المجالس الغاضبين، إما على وشك الاستقالة أو خوفا من احتمال طردهم بسبب كلمة واحدة في غير محلها"، مضيفا أن تصريحات ستارمر في البرلمان، يوم الاثنين الماضي، لم تذهب أبعد من إصلاح الضرر.
وقال بعض أعضاء حزب العمال المسلمين إن مخاوفهم بشأن موقف حزب العمال من الصراع تفاقمت بسبب تحذير الحزب من إظهار التضامن مع الفلسطينيين.
وقال ديفيد إيفانز، الأمين العام لحزب العمال، لأعضاء المجالس في رسالة حديثة اطلعت عليها صحيفة "فاينانشيال تايمز" إنه لا ينبغي لهم حضور المظاهرات المؤيدة لفلسطين أو "المخاطرة بوضع أنفسهم في موقف حيث تشارك منصة مع، أو تكون قريبا من، الناس الذين من شأنهم أن يقوضوا حزب العمال بأي شكل من الأشكال".
وقال عضو الحزب المسلم ذو النفوذ: "ليس لدينا أي مشكلة في إدانة حماس وإظهار التضامن مع الإسرائيليين. لدينا إنسانية. نحن نتحدث عن إظهار القليل من التعاطف مع الفلسطينيين. يمكنك القيام بالأمرين معا في نفس الوقت".
وأضافوا أن البعض في الحزب عازمون الآن على التنظيم بشكل جماعي ضد ستارمر في دائرته الانتخابية بوسط لندن، وضد لامي، وكلاهما لديه أعداد كبيرة من السكان المسلمين في مناطق التصويت الخاصة بهما، مضيفا: "لم أر قط غضبا بهذا المستوى".